تغيير النظام في إيران ضرورة لاستقرار وأمن المنطقة والعالم

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
من المقرر أن يعقد المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية هذا العام في 17 يوليو. وعلى الرغم من ظهور فيروس كورونا وعواقبه في جميع مناحي الحياة البشرية، ومواجهة المقاومة الإيرانية مشكلة كبيرة في إقامة هذا المؤتمر، بيد أن ما هو مؤكد من وجهة نظر المقاومة الإيرانية هو ضرورة إقامة هذا المؤتمر السنوي الذي يشجع منظميه على عقده بأكبر قدر ممكن من «الروعة». وهي خطوة صعبة للغاية من وجهة النظر العملية، على الرغم من أنها ممكنة من وجهة النظر العلمية والطبية.
وترى المقاومة الإيرانية ومنظمي هذا المؤتمر أن التطورات الهامة التي حدثت على الساحة الإقليمية والعالمية خلال عام مضى فيما يتعلق بإيران مبشرة للسنة الاستشرافية للمقاومة الإيرانية.
وخلال الانتفاضة البطولية للشعب الإيراني في نوفمبر 2019، ارتجفت قواعد نظام الملالي الحاكم في إيران وأمر علي خامنئي، الولي الفقيه المجرم لهذا النظام الفاشي الإرهابي الحاكم في إيران بقمع الانتفاضة، حيث تم قطع خطوط الإنترنت الإيراني وبادرت قواته المجرمة البربرية بارتكاب المذابح في حق الثوار. حيث ارتكبت قوات حرس خامنئي هذه الجريمة، واستشهد ما لا يقل عن 1500 شخصًا من أبناء الشعب الإيراني الراشدين بأساليب مختلفة، بدءًا من إطلاق النار على المتظاهرين في الساحة حتى قطع رؤوسهم في السجون وإلقائهم في الأنهار، وغير ذلك من الأساليب البريرية اللاإنسانية. 
وفي أعقاب هذا التطور اهتز العمق الاستراتيجي للولي الفقيه بهلاك المجرم الجلاد الحرسي قاسم سليماني في العراق، وأصبح هذا الحدث الهام بمثابة بداية للتطورات الجديدة الآخذة في التصاعد يوميًا على حساب نظام الملالي التوسعي الحاكم في إيران، من ناحية. وأسفرت عن تصاعد الصراع بين العقارب في نظام الحكم والزيادة الملفتة للنظر في الانهيار المتواصل لقوات نظام الملالي حتى حينه، من ناحية أخرى.
وفي ضوء هذا المسار تحول الاحتفال بذكرى الثورة ضد الشاه في 11 فبراير وإجراء مسرحية انتخابات مجلس شورى الملالي في 21 فبراير 2020 إلى مشهد للضعف المطلق لنظام الملالي ليس فقط بين الـ 96 في المائة من المجتمع (أي الشعب) فحسب، بل وبين الـ 4 في المائة الحاكمين في البلاد (أي قوات نظام الملالي)، وكان لهذا المشهد دويه الضخم في الدوائر السياسية والصحفية في العالم.
ومع ظهور فيروس كورونا في العالم، سعى على خامنئي وغيره من قادة نظام الملالي إلى استخدام وباء كورونا كنقطة ارتكاز لتحقيق الاستقرار لنظامهم المرتعش، وإلقاء هذا الفيروس الفتاك على أرواح أبناء الوطن والمقاومة الإيرانية. وفي الوقت نفسه، يتظاهرون بالخداع ولعب دور الضحية ويدعون أن السبب في تفشي وباء كورونا في البلاد وارتفاع عدد الضحايا هو العقوبات الدولية المفروضة على نظامهم الفاشي، وبهذه الطريقة يعتقدون أنهم سيفتحون أبواب المجتمع الدولي أمامهم أملًا في رفع العقوبات. بيد أن الشعب الإيراني المجيد والمقاومة الإيرانية الباسلة تصدوا لهذا النظام المحتال، حيث قالت قيادة المقاومة الإيرانية إنهم حولوا الحرب ضد كورونا إلى جزء من الحرب للإطاحة بالملالي إلى الأبد. وبناءً عليه، فإن الملالي ارتكبوا خطأً فادحًا في سوء التقدير مرة أخرى حيث أنهم كانوا يتطلعون إلى عبور جدار أعلى من قامتهم! 
وبالنظر إلى التطورات خلال عام مضى، ندرك أن المجتمع الدولي يقف بجانب الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية عمليًا وعلميًا، لأنه يعلم من التجربة أن نظام الملالي يكذب وأنه نظام غير جدير بالثقة ولا يمكن الاعتماد عليه. فالنظام الذي كان دائمًا ما يقمع الشعب الإيراني ويهدد شعوب العالم على مدى العقود الـ 4 الماضية ما زال يسعى إلى البحث عن الفرصة ليحتجز المجتمع البشري المعاصر كرهينة بامتلاك السلاح النووي. 
وهذا هو السبب في أن الإدارة الأمريكية تقف لأول مرة إلى جانب الشعب الإيراني، على الرغم من أن حكومات العالم لا تزال تفضل عمليًا حتى الآن التقاعس عن الدعم العملي والمادي للشعب الإيراني، وهذا الموقف يعد وصمة عار في جبين المجتمع البشري المعاصر. 
وندرك في مثل هذه الحالة حيث تقدم الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية أن نظام الملالي لجأ إلى الافتراء على مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية وتشويه سمعتهم، وإلى الدول الغربية التي تتبنى سياسة الاسترضاء، وفبركة بدائل لا قيمة لها ولا أساس باعتباره سلاحه الوحيد والأخير. بيد أن الحقائق في المشهد الإيراني أكثر مرارة بأن يكون مذاقها حلوا في فم الملالي ولوبياتهم والدول النفعية الغربية. فمن ذا الذي لديه القليل من العلم والمعرفة بالحقائق في العقود القليلة الماضية ولا يقول إن هذا النظام الفاشي سيختفي مثل اختفاء الفقاعة على سطح الماء!
والجدير بالذكر أن إقامة المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية في مثل هذه الظروف يعتبر أكثر أهمية وضرورة وتأثيرًا من أي عام آخر، ويجب علينا أن نضفي المزيد على عظمته من حيث الكم والكيف. ويجب علينا أن ندفع الثمن من أجله ونتغلب على العقبات. كما يجب علينا أن نستخدم أساليب وتقينات عالم اليوم، وأن نجتهد في إعداد هذه المنصة السنوية بشكل أفضل لتحديد مصير إيران والإيرانيين.
وبناءً عليه، فإن إيران تحمل تغييرًا كبيرًا في ظل الظروف التي تشكلت لصالح الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية من كل اتجاه. والمقاومة الإيرانية عاقدة العزم على الإطاحة بنظام الملالي وإقامة نظام حكم وطني وشعبي ينطبق تمامًا مع الرغبة الرئيسية للشعب الإيراني، رغم كل العوائق الطبيعية والمؤامرات. 
ولهذا السبب، فإن المقاومة الإيرانية دفعت نظام الملالي إلى مرحلة النهاية وحافة الهاوية بكشف النقاب عن الأبعاد الحقيقية لكارثة تفشي وباء كورونا في البلاد والكشف عن أسرار قادة نظام الملالي وحيلهم ودورهم الإجرامي في رفع عدد ضحايا وباء كورونا، من ناحية. وبانتشار معاقل الانتفاضة والمجالس الشعبية داخل الوطن المحتل نظمت المقاومة الإيرانية الشعب والثوار وأعدتهم لخوض الانتفاضة النهائية، من ناحية أخرى.  ويحظى انعقاد المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية بالمزيد من الاهتمام، ويجب أن نضفي المزيد من المجد والعظمة على هذا المؤتمر من خلال المشاركة الفعالة فيه لكي نرسم لوحة الإطاحة بهذا النظام الفاشي على أيدي الشعب الإيراني المجيد والمقاومة الإيرانية الباسلة، ويرى الملالي البديل الديمقراطي الوحيد لهذا النظام اللاإنساني، من خلال استعراض جميل وقوي للتلاحم بين الانتفاضة الشعبية في إيران ومنظمتها الرائدة (أي أشرف الثالث) التي اعترف على خامنئي وغيره من زعماء نظام الملالي بأنها تمثل التهديد الرئيسي لوجودهم. 
وسوف يُعلن الإيرانيون الشرفاء والأحرار وأعضاء المقاومة الإيرانية وأنصارها والداعمين الدوليين لانتفاضة ومقاومة الشعب الإيراني للعالم من خلال المشاركة الفعالة في هذا المؤتمر المصيري تضامنًا مع انتفاضة الشعب الإيراني ودعمًا لمعاقل الانتفاضة وجيش التحرير الوطني الإيراني؛ أن الإطاحة بالفاشية الدينية والبنك المركزي للإرهاب والتحريض على الحرب أمر ضروري لتخليص إيران والمنطقة من كورونا ولاية الفقيه.
إن هذا المؤتمر الذي سوف ينعقد بمشاركة مئات الوفود والشخصيات العالمية البارزة من القارات الخمس في العالم تحت هاشتاج ” إيران حرة 2020 #” ( “# FreeIran2020″ )، وسوف نقدم للعالم لوحة رائعة لخارطة طريق المقاومة الإيرانية للإطاحة بالديكتاتورية الدينية، واستعراض جميل قوي لـ ” إيران الغد حرة”. 
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…