الآغا الكردي ..

د.محمد رشيد
 
قلة شحيحة او بالكاد تكون معدومة من المثقفين او بالأصح الباحثين الكرد السوريين ( بحسب اطلاعي)، تناولوا او دونوا بمنهجية علمية النظام الاقطاعي او بمعنىً آخر نظام الاغوات او نصف الاغوات والصحيح لم يكن أحد منهم آغا (الآغا هو لقب مدني وعسكري – للضباط  – عثماني، ومنحت للكثيرمن الشخصيات ذوي الوجاهة في المناطق العثمانية الشاسعة  وتم توريث اللقب للعائلة فيما بعد، أي لم يحصل كردي واحد من المناطق الكردية على اللقب العثماني، ومثيله كالباشا وبيك وتداول اللقب وراثيا – مثلما حدث الان بحصول مغمور على لقب جنرال وهو لم يتدرج عسكريا حتى من رتبة عريف”م.ع ” – كل الاحترام لابن العم الجنرال ” أ.ي .ح”  والذي استحق اللقب تدرجا وجدارة في المعارك ” والوشائح وارتباط  أولائك داخل مجتمعهم (المجتمع الكردي)، 
وبتوضيح اكثر يمكن اطلاق التسمية عليهم  باقطاعي، وهذه الأقطوعة ايضا لم تسري عليهم او تلائمهم  مثلما هو شائع لنظام  اقتصادي زراعي مرتقي من النظام الرعوي او البدائي ، ببعده عن التصنيف والمفهوم الماركسي اللينيني ( بمفهوم الاقطاع  في انه يملك الارض والمنزل والفلاح ) في المناطق الكردية ،  اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا ، حتى ضمن العلاقات العشائرية بين الاغوات فيما بينهم او بين الآغا وافراد عشيرته او بين الآغا والقروين الذين جلبهم الى قريته للعيش سوية ،او حتى بين الآغا والدولة ،  في المحيط الواحد او ابعد من ذلك .
وعليه يكن التسمية بان تكون بنظام المخترة .حتى النظام بمصطلحه يكاد لا يسري على ذلك  ذلك ، ويمكن القول عليه بانضباط المخترة . ( بمفهومه القانوني يمكن ان يتدرج وظيفيا ، كأعضاء الضبط القضائي )…
لربما هذه الخلطة العجيبة الغريبة للمجتمع الكردي ، حيث تمتزج  في ان يكون على ما هو عليه من مجتمع بأنظمة  متعددة بعدم الارتقاء ، وبقي في منظومة اقطاعية رعوية وخدمية لا تتعدى سقف فلاحين صغار صغار وكسبة وحرفيين وايدي عاملة موسمية وموظفين وتجار صغار ووو….. مع التحفظ للرعوية بتلبسها، حيث انها لم توسع من مملكتها او ملكيتها  الرعوية بأكثر مما يسد الحاجة الغذائية  .
ومع عهد الاصلاح الزراعي في سوريا واستملاك الدولة على اراضي الكرد وتوزيع البعض منه على الفلاحين ، لم يتصدى الآغا للدولة ومشروعها الاستملاكي (املاك دولة، الحزام العربي ، مستوطنات عربانية عنصرية …) ، بمعرفته بان الفلاح الشريك او بالأصح الفلاح”  المرابع” ،لن يتحالف او سيتشارك معه بالدفاع عن الارض ، كون الفلاح المغبون لم يكن يرى في نفسه بانه مالكا لتلك الارض ، والعلاقة السيئة التي كان يتعامل بها الآغا مع الفلاحين منذ ان جلبهم او شاركهم في القرية للظروف التي كان مر بها من خلال علاقة الفلاحين العديدة المتعددة  بالآغا …. والجلب هذا لم يتجاوز بان منح الاغا للفلاح الشريك اكثر من ٢٠ دونم  من الارض ومن دون تمليك او طابو ، وبعد الاصلاح الزراعي وعدم انتفاع عشرات الالاف من الكرد بقانون الاصلاح الزراعي ( احد اسباب عدم الانتفاع هي تجريد الكرد من الجنسية السورية التي كانوا يتمتعون بها قبل لكي يحرمونهم من الاراضي ) .فمثلا قرية قريبة من قامشلو حوالي ٧ كم   كانت للاغا (؟) ، وبجلبه لاسر من خارج القرية  ( حتى انه لم يكونوا من اقربائه  وعشيرته )، وكان قد منحهم فقط حوالي٢٠ دونم من الارض المملوكة  له  – فقط لزراعتها لتغطية مونة معيشتهم السنوية ويدفع جزء من المحصول –  الربع  للآغا – ( كانت تحرث بالمحراث اليدوي او جر المحراث عن طريق البغال او الثيران ، في وقت لم يكن التراكتور مكتشفا او متواجدا، ويحصد بالمنجل في وقت لم تظهر الحصادة الزراعية ) ، وبعدها استلبها  الآغا منهم – ، حتى انه لم يكن بقدور الفلاح ان يربي قطعان من  الماشية اكثر من احتياجه المعيشي .بعيدا عن اضلاع الثالوث ؛ ضلع يحكم وضلع يصلي وضلع يخدم الضلعين الآخرين ، وكان حصة الضلعين الاثنين الاولين هي العشر،  بالاضافة الى الضريبة السنوية .. ولأسباب عدة وعديدة لم يتضامن الفلاح مع الآغا او حتى الشد من أذره لمقاومة المشاريع العنصرية التي صبقت  في المنطقة الكردية عموما .
الآغا واللقب / فأما ان الجد الاكبر كان من حاشية العثمانيين وحصل على اللقب عسكريا او خدميا ، او ان آغا قتل ابن عمه الاغا او رئيس عشيرته الآغا واستولى على الأغواتية ، او اكتسبها بالوراثة من جده الاكبر في الحالة الاولى منها ، او انه ملاك لأرض لم تتعدى عدد الأسر في قريته عشرة او على الاكثر عشرين اسرة ، ومنح لنفسه لقب آغا ، وليس من الغرابة في ان احدهم تزوج بنت آغا لتجري دم سلالة الاغواتية في شرايين احفاده …  
بالمختصر / حادثة جرت قبل عدة ايام في قرية تعود ملكيتها لأخوالي ( خزنة القريبة والتابعة لأبو قصايب في جنوب قامشلو ) الخال احمد عثمان رحمه الله ، ومع اصدار قانون الاصلاح الزراعي مباشرة جمع اهل قريته ووزع عليهم الاراضي تمليكا ، حتى انه جلب اصدقاء له من قرى مجاورة ومنحهم الارض ، قبل ان يستولى على الارض ولجلب العربان من قرى مجاورة لقريته ( حتى انه تزوج بثانية عربية) كون العربان لهم الحق والاحقية والافضلية ! ،،،، بنموذج نادر حصل في المنطقة الكردية ، بل يكاد الوحيد من بين الاغوات الكرد من قاموا بذلك (بحسب معرفتي المتواضعة  ) ،،، وبتوفاه رحمه الله وكبر اولاده وزعت التركة  على ورثته   ،،،
الحادثة / احد اهالي القرية استشار بابن الخال على انه يود بيع الارض ، فلم يمانع بعد ان نصحه بعدم بيعها  كونها ارض الاباء والاجداد مع الاستعداد لتقديم المساعدة له بحسب الامكانية ،،، ولكنه اصر على البيع واتفق مع احدهم لبيعه الارض مع الاصرار بان يكون ابن الخال شاهدا حتى في عقد البيع والشراء ، وافق اين الخال على مضض كونهم ابناء قرية واحدة واصدقاء مع نسيان فضل الوالد ،وكان ذلك …
بعد اربع سنوات حاول استرجاع الارض ، ولكن المشتري لم يوافق ، ذهب الى ابن الخال ولكن ابن الخال قال له : انني شاهد واشهد وسأشهد بانك بعت الارض ،  وبعد عدة ايام بينما كان ابن الخال على البيدر يرعى البعض من الغنيمات ، هجم عليه هذا من باع ارضه مع مجموعة من اولاده واخوته بالسكاكين مهددا ؛ لو شهدت على البيع سنقتلك موجها اليه شتائم  بذيئة  ملوحا لخنجر في يده  ، فما كان من ابن الخال الا ان استل خنجره  وقتل واحد منهم ، ومن ثم تناول المسدس بان من يقترب  سأقتله …وحمل حاله وذهب الى قامشلوا جامعا اخوته واقرباءه محذرا الابوجية بانهم سيكونون السبب في حال حدوث مجزرة ..
بطبيعة ابن الخال ،بكونه ابوجي واب لشهيد (التحق ابنه بالابوجية واستشهد) ، فان قوة ابوجية ذهبت الى القرية ، ملوحة لأهل القتيل ؛بان من يعترض لاحد من ابناء واولاد عمومة ابن الخال فسيكون جزاءه عسيرا ،،،، 
ولربما ستجري بعد ايام مصالحة على وزن تصالح الانكسي مع الابوجية وبعدة جولات ..ولربما بتدخل عريف بمرتبة جنرال ، لاصلاح ذات البين .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…