محاكمة جناة المجزرة قرار سليم

تجمع الملاحظين: كاوار خضر

جرت مجزرة عامودا بأمر من النظام السوري، وبأداته. حينها كان أحد طرفي حوارنا الجاري من أجل الوحدة، معولا للنظام يهدم تشاركنا في الثورة السورية. والمجزرة نموذج بسيط عما فعلت بنا. زجّت بشبابنا وشاباتنا في معارك ليست لنا ناقة فيها ولا جمل. 
فالاعتذار لا يحيي قتلانا، ولا يعيد لنا دورنا الذي كنا عليه أيام الثورة السلمية. حين خرجت جموع جماهيرها من أقصى شمال البلاد إلى أقصى جنوبها في جمعة آزادي؛ تعبيرا عن مشاركتنا بالتساوي مع شركائنا أبناء سوريا. 
منذ قرون ونحن نعاني القهر والظلم ممن ولّوا أمورنا، وتأثيرهم سيكولوجيا عميق علينا، حتى أصبحنا نأتمر بأوامرهم، رغم خفوت سطوتهم علينا. 
رفض ذوي ضحايا المجزرة الاعتذارَ من دون محاكمة الجناة مؤشر إيجابي. بقاء هؤلاء الجناة في مواقعهم بمباركة أميركية وفرنسية وخيم العاقبة. بقاؤهم مسالمين حيالنا ليس إلا إلى حين. عندما تحين لهم الفرصة عادوا إلى سابق عهدهم. 
لمن لا يعلم إن أميركا وفرنسا مرتبطتان بمصالحهما، وليس بمآسي البشرية، وخير شاهد تدخلهما في اليمن وليبيا، وممالأتهم الروس في سوريا حارقي اليابس والأخضر فيها. 
لو حذا منكوبي كارثتي عفرين وشرقي فرات حذو ذوي ضحايا مجزرة عامودا، لتراجع راعيا الحوار عن دعمهما للجناة، ولاستبدلوهم بمن يحوزون على ثقتنا. ولكن بساطتنا تمنعنا، وتحجب عنا رؤية قوة تعاضدنا في إرغام الراعيين بالعدول عن تعاونهما مع الجناة. فالمصلحة السورية عامة والكردية خاصة تلتقي مع مصلحتيهما. إلا أن سيكولوجية القهر والظلم الممتدة جذورها فينا عبر القرون تشكل سدا منيعا لاستغلالنا الظروف المواتية حاليا لتسليم كل جناتنا إلى العدالة. 
بصمتنا، وصمت عفرين وشرقي الفرات تمضي أميركا وفرنسا في الاحتفاظ بهؤلاء؛ رغم كونهم على القائمة الإرهاب، متى دعت مصلحتهما تقايضتا بنا، كونهم أولياء أمرنا. والتقايض حاصل عاجلا أم آجلا؛ ولكن حين يقايضهما مقتسمو كردستان، كما قايضوا إبّان الحربين العالميتين. 
هيهات أن نفهم التاريخ، ونستفيد منه؟ لماذا لا نذكّر فرنسا بما أقدم عليه، المرحوم، ثريا بدرخان حين طالبها بمنحنا ما منحته لمكونات سوريا آن انتدابها؟ وردت عليه: لا نعتبركم مكوّنا؟!، والآن؟! أليس من حقنا الظن أن حرصها علينا راهنا بغرض المقايضة؟ وإلا لماذا التعاون مع من هم على قائمة الإرهاب، وملطخون بدمائنا؟ 
أين عفرين الجريحة لتطالب بمحاسبة جناتها؟ وأين شرقي الفرات المنكوب ليضم صوته إلى صوت ذوي ضحايا مجزرة عامودا؟ بل أين الجماهير الواعية لتناصر بمظهراتها، على الأقل في المهجر، ذوي ضحايا المجازر والحروب الخاسرة، إلا ضدنا نحن العزل؟
فرصة مواتية للتخلص من القندليين إنْ فُوّتت لن تعوض.
rawendkurd3@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…