الوحدة تفيد أحياناً مع من تلطخت أيديه بالدم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه

حسين جلبي
بتصوري، لا يوجد كُردي واحد يملك ذرة ضمير، ضد وحدة الموقف الكُردي من القضايا المصيرية، حتى إذا كانت مثل هذه الوحدة مع من تلطخت أيديه بالدم، فهي تفيد أحياناً مرحلياً، لإنقاذ ما يمكن أنقاذه.
كل ما هنالك بالنسبة للتفاهم الذي أُعلن عنه اليوم، بين المجلس الوطني الكُردي و”أحزاب الوحدة الوطنية الكُردية”؛ التي تدور في فلك حزب العمال الكُردستاني أو هي بالأساس جزء من منظومته، هو أن الكُرد منقسمون بشأنه إلى قسمين، قسم يرحب بالتفاهم دون قيد أو شرط، وقسم آخر يشكك في جدواه ويجد استحالة في تنفيذه.
المرحبين بالتفاهم مثل المشككين به، يلتقون عند نقطة أن الناس تعبت وخسرت من الفرقة، ولكن المشككين يرون بأن الناس تعبت وأصابها اليأس من الأكاذيب أيضاً، ولديهم نظرية لا تفتقر إلى المنطق، ألا وهي وجود تجارب سابقة، هي ثلاث اتفاقات مع حزب العمال الكُردستاني، وقعها مع المجلس الوطني الكُردي، ولكنه بدل من تنفيذها بحسن نية، استعمل الاتفاق والمجلس معاً، جسراً للعبور إلى ضفة مصالحه الحزبية وخدمة أجندات حلفائه.
والواقع هو أن توافق اليوم بين الطرفين، لم يُبنى على إيمان الحزب بضرورة مشاركة المجلس والكُرد، بل يأتي بسبب ضغوط أمريكية تتعلق بمصالح أمريكية بحتة، هي ضرورات تطبيق قانون قيصر، وهي لا تتحقق من خلال الحزب وحده. المتغير الآخر هو الضيق الذي يجد حزب العمال الكُردستاني نفسه فيه في كل مكان، بحيث لم تبقَ لديه خيارات، سوى جعل المجلس الوطني الكُردي مظلةً يلوذ بها، في لعب مجدداً على عامل الوقت، انتظاراً لتغيير ما قد يأتي معه.
هناك نقطتين هامتين يجب أخذهما بعين الاعتبار، أولاهما هي أن المصالح الأمريكية كما هو معروف متحركة، سرعان ما تستلزم تغيير الحلفاء حد التضحية بهم. والنقطة الأُخرى، هي أن التغيرات السلبية في المنطقة، والتي كان حزب العمال الكُردستاني أحد أسبابها، جردت الكُرد من أوراق القوة، بحيث لم يعودوا مهيئين لقيادتها لوحدهم، ولذلك عليهم التصالح سريعاً مع محيطهم، وأن لا يأخذهم الشعور بالقوة الكاذبة إلى ضفاف أُخرى.
بالنسبة لي، أجد بأن من الجيد تطبيع الأوضاع بين الكُرد وفي المنطقة بشكل عام، تجميد القمع والتخوين والحرب الإعلامية على الأقل؛ وترك الناس يتنفسون الصعداء شيء مرحب به، ولكن الأساس لحل مستدام في المناطق الكُردية السورية يكون؛ بإلغاء جميع الاجراءات التي اتخذها حزب العمال الكُردستاني فيها، وإزالة كل الأوضاع الاستثنائية التي أوجدها على الأرض، والشطب على كل رموز وشعارات ونظريات الحزب.
لا بد من التذكير أخيراً، بالتفاهم بين الحزب الديمقراطي الكُردستاني وحزب الاتحاد الوطني في إقليم كُردستان، في نهاية القرن الماضي برعاية أمريكية، لقد نفع الاتفاق في بعض القضايا النظرية، ولكنه لا يزال يسقط في القضايا المصيرية الكُبرى، وآخرها الاستقلال وكركوك، فقد وجدنا الاتحاد الوطني ينحاز لحلفائه الإيرانيين، ويدخل حشدهم العراقي الشيعي إلى المدينة الكُردية، حيث وجهوا من هناك سبطانات مدافعهم إلى ظهور بيشمركة كُردستان، الذين كانوا يرابطون على تخومها للدفاع عنها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…