الصحافة الورقية هل ستحافظ على مكانتها امام الصحافة الالكترونية

خالد بهلوي
 
التطور العلمي أحدث الكثير من نمط حياتنا وتفكيرنا وتعاملنا مع أدوات المعيشة التي نستعملها بشكل يومي لتامين مستلزمات الحياة المختلفة  
لم يكن أحد يتوقع ان يأتي يوما ويستغني عن الراديو ومسجلة الكاسيت او التلفون الأرضي او قراءة الكتب والصحف اليومية او النشرات الحزبية. كنت تتفاخر بانك تمتلك مكتبة ضخمة من الكتب والقصص والروايات والمجلدات او كنت توزع نشرة حزبية سرا تنقلها بين القرى والمدن في الليل وتخاف من مراقبة واعتقال ومحاسبة من عيون المخبرين المزاودين كتاب التقارير الباحثين عن رضى اسيادهم خاصة في مواقع عملهم.
شيئا فشيئا بدأ الناس يتحررون من هذه الواجبات فأصبحت البيانات ونشرات الأحزاب توزع خلال ثواني وتنتشر في اصقاع الأرض دون خوف او جهد او مسائلة قانونية وبدا الناس ينصرفون لمطالعة الصحف المحلية والدولية على الشبكة العنكبوتية لأنها تصلهم قبل طباعتها او توزيعها!! اليوم الان بلمسة يد تنزل أي كتاب او مقال او بيان حزبي على كمبيوترك وتقرأها او تطبعها على ورق من أي مكتبة ولاي كاتب.
وفي ظل انتشار كوفيد 19، كورونا الجائحة، اضطر الناس البقاء بالبيت خوفا من الاصابة بهذا الوباء المخيف اذ لجأت معظم الصحف الى النشر الالكتروني، بكلفة مادية اقل، وبعدد صفحات أكثر! 
يعتقد البعض أن ظاهرة الصحف والكتب الورقية ستنتهي في المستقبل نتيجة لتوفر الانترنت في جميع أنحاء العالم بين مختلف الأعمار، حيث يرون أنه يوفر لهم الكثير من الوقت سرعة الوصول على المعلومة ولا تحتاج الى صحيفة يومية او أسبوعية تدفع ثمنها، وقد لا تقرأها. وبإمكانك ان تقرأ أكثر من صحيفة باليوم على الانترنيت ويوفر لك تخزين المقال او المعلومة وتعود اليها باي وقت وتتمكن من التفاعل مع الكاتب او محرر الصفحة مباشرة دون روتين او وسيط وتحرر من هيمنة بعض الصحف التي تكون تابعة لسلطة او نظام او رجل اعمال يتصرف بالأفكار والمقالات حسب مصلحته ومواقفه وسياسته. 
مع كل ذلك لا تزال الصحف توزع بشكل جيد، وتحافظ على مكانتها، ووجودها والسبب هي المتعة التي توفرها وهي متعة اعتاد عليها الكثير ويجدون فيها راحة نفسية لمعرفتهم مصدر الجريدة وقيمة الصحافة والإعلام الجاد في توفير المعلومة الموثوقة والحفاظ على قيم الصحافة والمعايير المهنية،
المرجح أن تستمر الفئات العمرية الأكبر سنا في ولائها للصحافة الورقية التي اعتادت مطالعتها خصوصا في فترة الصباح “لكن الجيل الجديد مع توجهه الأساسي للمنصات الاجتماعية والمواقع الإلكترونية التي توفر صحف مجانا، فلماذا يدفع ثمن الصحافة؟”.
وينفي البعض وجود مؤسسات مطبوعة أغلقت أبوابها بل هناك زيادة في الطباعة سنويّاً وهذا يدل على أن هناك مشتركون جدد ومهتمون بالصحافة المطبوعة. نظرا سهولة قراءتها في كل الأمكنة، وفي كل الأوقات، وعدم الحاجة الى شراء جهاز
ومع هذا الانتشار للأنترنت، يبقى السؤال مطروحا هل ستغيب الصحف اليومية في المستقبل ويحل مكانها شبكات الصحافة الالكترونية هل ستختفي المكتبات التي تبيع الصحف وأكشاك الجرائد ويتعرض عمالها وموظفيها للبطالة والبحث عن مصدر رزق اخر؟ ناهيك ان الورق المستخدم في طباعة الصحف اليومية يكلف العالم مليارات الدولارات بالإضافة الى مساهمته بالتأثير سلبا على البيئة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…