إلى أين وصلت الحوارات الكردية – الكردية..!؟

ادريس عمر
تتجه أنظار الكرد السوريين وحتى الكردستانيين نحو قامشلو، ويتشوقون لسماع أنباء سارة عن اتفاق كردي – كردي تحافظ على ما تبقى من المناطق الكردية..! بالرغم من أن هناك خوف وحذر شديدين من أن تفشل الحوارات التي تجري بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي نتيجة التجارب السابقة، والاتفاقات التي جرت بين الطرفين الرئيسيين نفسهم تحت رعاية الرئيس السابق لأقليم كردستان مسعود البرزاني.
الذي يعتبر مرجعية الكرد والذي لم يبخل في أية لحظة عن دعم الكرد في الأجزاء الأخرى، وأقر ذلك في بداية الأزمة السورية في 2012 بمدينة هولير عندما عقد مؤتمر للجالية الكردية السورية حينذاك وكاتب هذه السطور كان موجوداً حيث قال موجهاً كلامه للمؤتمرين ” باننا سندعمكم اذا كنتم موحدين ويكون لكم موقفاً واحداً وانتم تقررون ان كنتم مع المعارضة أو مع السلطة”. وسيادته لم يدخر جهداً في ذلك نتيجة علاقاته الدولية هيأ الأرضية لكسب الدعم للقضية الكردية في سوريا..!
لكن للأسف غرد حزب الاتحاد الديمقراطي خارج السرب الكردي وعقد لوحده اتفاق مع النظام وبنى له ادراة منفردة ورفع شعارات ما فوق القومية،  شعارات فضفاضة وهلامية. ووضع الحواجز أما الأطراف الكردية ومنع الحياة السياسية واستبد بالمعارضين والمختلفين معه وإلى أخره.
والطرف الآخر أيضا المتمثل بالمجلس الذي وضع بيضاضته في سلة المعارضة الشوفينية المتمثلة بالائتلاف السوري ومقره تركيا العدوة اللدوة للكرد وأعطى الأهمية للعلاقات الدبلوماسية وترك الساحة وجماهيرها تحت رحمة سلطة أمر الواقع ولم يقم بدوره المطلوب على الأرض.
لكن ما يدعو إلى التفاؤل هذه المرة أن هناك تقاطع مصالح أمريكية مع مصالح الكرد، تمس أمنها القومي بمحاربة الدولة الإسلامية وحماية آبار البترول واستراتيجة أمريكا البعيدة في المنطقة تفرض على أن تبقى القوى الكردية منظمة وقوية. لذا الحوارات تتم برعاية أمريكية وبالتنسيق مع رئيس الأقليم نيجرفان البرزاني وبدعم أوروبي، وبقناعة تامة من حزب الاتحاد الديمقراطي بعد أن فقدت الكثير من المناطق الكردية كـ عفرين وسره كاني وكره سبي بأنها لن تستطيع حماية المنطقة لوحده خصوصاً أنه غير مقبول من طرف أقليمي ذو وزن وقوة عسكرية ضخمة كـ تركيا، وانه سيفقد ما تبقى له من سلطة وسيصبح في خبر كان..!
لذا برأيي أن حزب الاتحاد الديمقراطي أمام خيار البقاء أم الفناء، وأنها مرحلة مفصلية مهمة من تاريخ شعبنا، وباعتباره الطرف الحاكم والمسيطر على الأرض ويعلم جيداً بأنه غير مقبول اقليميا ودولياً وفشل في بناء علاقات دولية تسمح له بالمشاركة في المسارات السياسية لحل الأزمة السورية ، لذا عليه أن لايفوت هذه الفرصة التاريخية ويتنازل عن عنجهيته ويصبح صاحب إرادة وقرار حر ومستقل بعيد عن أجندات طرف استخدم ساحة كردستان سوريا لصراعها مع تركيا.
وبنفس الوقت على المجلس الوطني الكردي أيضا التنازل من قبله ووضع مصلحة شعبنا الكردي في أولوياته وعدم التفكير في الفيفتي فيفتي،  الأولوية  عودة بيشمركة روز القوة العسكرية المدربة والتي يشهد لها العدو قبل الصديق بشجاعتها في ساحات المعركة ضد إرهابيي داعش، وبمجرد عودة هؤلاء تتغير المعادلة وتصبح على الأرض ولن يستطيع أحد الاستفراد بقرار الحرب والسلم ورمي المعارضين إلى خارج الحدود، خصوصا الأزمة السورية مقبلة على حل سياسي ومرحلة انتقالية وانتخابات، عندها من يملك الجمهور سيحكم في المستقبل وسيمتلك السلطة..!
لذا مطلوب من الطرفين التنازل لبعضهما البعض من أجل الحافظ على ما تبقى من كردستان سوريا وليست من أجل المصالح الحزبية الأنانية وهذا ما ينتظره شعبنا المغلوب على أمره منكم لكي يعيش بكرامة على أرضه ويحافظ على عرضه.
وكما مطلوب من الوسيط الأمريكي ومعه أصدقائه الأوروبيين ضمان حقوق الشعب الكردي في سوريا القادمة وتثبيته دستورياً  في الدستور السوري الجديد المزمع كتابته بإشراف الأمم المتحدة.  
في هذه المعمعة سيظهر الكثير من أصوات النشاز التي لا تتمنى أن تتفق الأطراف الكردية، مثل الذي يقول بأن  حزب الاتحاد الديمقراطي لايستطيع لوحده ان يقرر مصير المنطقة لانها ليست كردية فقط.
نقول هنا لهؤلاء انتم تخافون من الوحدة لانكم تعيشون على التناقضات  والصراعات ولا يهمكم مصير شعب أصبح وجوده من عدمه  قاب قوسين أو أدنى…! 
أرى الأولوية لكرد سوريا هي ضمانة حقوقهم بعد الحرمان عقود طويلة وظلم غير عادل من قبل الأنظمة الديكتاتورية، ولم يكن يوما ما الكردي ظالماً لا بل بالعكس عاش مع المكونات الأخرى بسلام ووئام ويرى أن التنوع والفيسفساء في المجتمع غنى وجمالية، لذا عندما تتساوى مع الآخرين في الحقوق والواجبات تستطيع بناء إدارة منسجمة وناجحة وضمانة لحقوق الجميع. 
يبقى نقطة مهمة هو أن على الأطراف التي تجري الحوارات الآن ، عليها ان تشارك القوى الأخرى في تقرير مصير شعبنا من الأحزاب التي لها جماهير وتاريخ نضالي وقوى المجتمع المدني والاكاديميين والمستقلين من الطبقة الواعية لان الجميع في سفينة واحدة أم الغرق أو وصولها إلى بر الأمان معاً، والتاريخ يقدر المنتصرون ولا يرحم الجبناء والخاسرون….!
bave.marıa@hotmaıl.com

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…