أرجو منكم أن تقدموا نفسكم للقراء الكرام..؟
؟
نحن هنا لسنا بحاجة إلى تهم حقيقية أو غير حقيقية ، في ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية ولربما لأتفه الأسباب يمكن توقيف المواطن وتوجه التهم إليه جزافاً ، أما عن التهمة وبحسب لائحة الاتهام التي وجهت إلينا أمام محكمة أمن الدولة العليا في دمشق فكانت:
1- الانتماء لجمعية سرية بقصد تغيير كيان الدولة الاجتماعي والسياسي وكان يقصد بها الانتماء إلى حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية (يكيتي)
2- مناهضة أهداف الثورة.
كيف كانت ظروف اعتقالكم وكيف كان يتم التعامل معكم؟ تم اعتقالي في 24/12/1996 من فرع الأمن السياسي بالقامشلي بناءً على استدعاء من قبل العناصر الأمنية في قسم مدينة رأس العين ، وعندما وصلت إلى فرع أمن السياسي تم وضعي في غرفة منفردة بطول متر ونصف في مترين تقريباً ، حيث توجد في هذه الغرفة أيضاً التوليت ولم تكن توجد فيها إضاءة أو منور كما أن حالة الصمت كانت تقطعها نقاط الماء المتسرب من صنبور الماء، حيث يحس الإنسان بانزاعج في ظل ظروف غامضة بأن شيء ما سيحدث ولربما تجعلك هذه النقاط تحس بالحياة وهي تتسرب لحظة بلحظة منك وأنت معزول عن العالم الخارجي ، كما أن تعامل العناصر كان معي بحقد كبير حيث تعرضت للضرب من قبلهم بالصفع والضرب في جميع أماكن الجسم ، كما أن الفلقة (أي الضرب على القدمين) في البداية كان غير محدداً ، ولكن مع مرور الأيام أصبح منظماً على ثلاث وجبات صباحاً ومساءً وعند الظهيرة ، وقد تفننوا في تعذيبي بكل الأشكال ومن الأساليب الأخرى المعروفة لدى أي معتقل كان يستخدم بساط الريح …….إلخ بالإضافة إلى الإهانات والسب والشتم التي كنت أتعرض له في كل دقيقة وقد أستمر اعتقالي في المنفردة لمدة شهرين ونصف تقريباً.
هل لك أن تشرح لنا حالتك النفسية وأنت في المعتقل ؟ في البداية لم أكن أعرف سبب اعتقالي لذلك كانت الأمور غامضة بالنسبة إليّ وبالتالي كل انسان يخاف من المجهول ولكن عندما عرفت أن سبب الاعتقال هو تسجيل وتوزيع كاسيت مسجل (من التراث الكردي) حيث قمنا بتسجيلها لامرأة مسنة، وهي متوفية الآن ، ومن المعروف بأن كل شيء ممنوع باللغة الكردية وبخاصة أن هذا الكاسيت كان في أحد أغانيه قد تطرق إلى الحريق الذي تم في سجن الحسكة24/3/1993 ، ومن المعروف بأن النساء في فلكلورنا الكردي يبكون موتاهم وبحزن ويركزون على الحدث الذي تم فيه الموت وظروفه ، ولأن الحدث كان كبيراً فقد انتشر الكاسيت بشكل كبير في الجزيرة والمناطق الكردية.
وتفأجئت كثيراً بأن بسبب نشر كاسيت يفعل مثل هذا الزلزال ولم أكن أتوقع أن يطول اعتقالي لأكثر من بضعة أشهر.
نحن نعلم بأن الكاسيت الذي أصدرتموه كان لسببين أولهما: إحياء ذكرى حريق سجن الحسكة و ثانيهما:مساعدة المعتقلين الكرد ، وهل تبنت الحركة الكردية مشروعكم ؟وماهي الأسباب؟
لنكن صريحين في هذا الموضوع بأن إصدار الكاسيت لم يكن إحياءً لذكرى حريق سجن الحسكة ولكن السبب الأساسي كان بسبب وجود معتقلين كرد في السجون السورية على خلفية إصدار حزب الوحدة لبيانات وعبر توجيه رسائل للرأي العام السوري بشأن الإحصاء السيئ الصيت والذي تم بموجبه تجريد ألاف العوائل الكردية من الجنسية السورية ، فكان هدفنا أن نعطي دفعاً معنوياً ومادياً للمعتقلين وأيضاً أن نجعل من قضيتهم قضية رأي عام كردي ووطني وبخاصة في ظل صمت الحركة الكردية وعدم تأييدها لهذا العمل وقتها ، وللمفارقة لم يصل ريع هذا الكاسيت إلا بعد أن انضممنا إليهم في المعتقل وهي عبارة عن ألبسة لجميع المعتقلين الكرد، وحينها لم يتبنى أي حزب بما فيه حزب الوحدة هذا العمل، ولكن فيما بعد قام حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سورية بعد أن توضحت الأمور بتبني قضيتنا من حيث الدفاع عنا أمام محكمة أمن الدولة.
ماذا كانت رد فعل السلطات الأمنية على إصدار ذلك الكاسيت؟
قامت الأجهزة الأمنية بإغلاق محلاتنا في المدينة وحاولت ملاحقة الكاسيت إلا أن الناس كانت قد تلقفته وأنتشر بشكل واسع
ومنعنا فيما بعد من مزاولة مهنتنا, بالإضافة لاستمرار اعتقالنا لثلاثة سنوات في سجن عدرا المركزي في دمشق.
في معظم دول العالم هناك منظمات لرعاية المعتقلين والمناضلين، هل الحركة الكردية تمتلك تلك الآليات التي من شأنها أن ترعى مناضليها ومعتقليها، وأنت كمعتقل سابق كيف ترى حاجتنا لذلك؟
نحن في ظل المنع الذي يطال كل شيء وعدم وجود قانون لترخيص الأحزاب وحتى المنظمات الحقوقية والتي تعمل بدون الحصول على ترخيص ، فأن الأحزاب الكردية تبقى على علاتها تتعامل مع هذا الواقع المرير وتوصل قضية المعتقلين إلى الرأي العام سواء أكان الوطني أو العالمي ، إلا أن الأحزاب الكردية تفتقد لمنظمات مدنية متخصصة في الشأن العام ومنها مسألة الاهتمام بقضية المعتقلين، ولذلك تحاول الأحزاب الكردية أن تستخدم حالة الاعتقال لأحد أعضائها للدعاية الحزبية الضيقة في كثير من الأحيان, ومع ذلك يبقى كل إنسان يناضل من أجل هدف سامي يسعى إليه، ونحن هدفنا هو خدمة شعبنا ، سواء عن طريق الأحزاب أو بدونها.
الحركة الكردية في كردستان سورية ترفع شعارات كثيرة هل تستطيع تلك الحركة تبني فعلياً تلك الشعارات؟
أن الحركة الكردية في سورية يجب أن تتبنى شعارات واقعية وممكنة التحقيق وإلا لن يكون لأي عمل معنى مادام هذا الهدف أو الشعار لن يكون قابلاً للتحقيق، وفي ظل الظروف الحالية يجب أن نرتب أولاوياتنا من خلال ترتيب البيت الداخلي الكردي والذي يتطلب منها أن تقوم ببناء مرجعية كردية تضم كافة الأحزاب والفعاليات المهنية والاجتماعية والمدنية لتكون قادرة على تمثيل الشعب الكردي في سورية بكل شرائحه وبذلك تكون الحركة الكردية أكثر قوة بالتعامل مع العام السوري من خلال التعامل مع الأحزاب الوطنية والمعارضة العامة في سورية، وأن تتبنى الحركة الوطنية قضيتنا كقضية وطنية بإمتياز وأن تخرج الحركة الكردية من عزلتها التي عانت منها على مر السنين والتي يسعى الكثيرين إلى بقائها في عزلتها بالرغم من التقدم المحدود إلى الآن، والتي أضرت بالقضية أكثر مما خدمتها.
يا أخي أنا تعرضت لانتقادات كثيرة لأنني أهتم فقط بفئة النخبة من خلال نشاطي الصحفي وأهملت فئة من المعتقلين البسطاء أليس من حقهم علينا أن نهتم بهم أيضاً كحركة وصحافة ورعايتهم؟
أنا برأيي أن كل صحفي يجب أن يهتم بكل ماهو يمس الناس في كل الجوانب الحياتية سواء أكانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية والفكرية أن لا يكون هناك جانب يطغى على أخر ، وبحسب الإمكانيات المتوفرة لديه.
هل استطاعت الحركة الكردية أن تلعب الدور الرائد لتوعية الشعب الكردي والتعريف بقضيته؟
الحركة الكردية بمجمل فصائلها تعمل في ظروف صعبة وقاسية، ومع ذلك تقوم بالتوعية الممكنة وبحسب إمكانياتها المتوفرة ومع ذلك أنا مقتنع بأنها استطاعت أن تحافظ عليه في أحلك الظروف.
هل هذا الكم الهائل من الأحزاب الكردية في كردستان سوريا حالة صحية ؟
طبعاً لا !! أنا اعتبر أن التشرذم في الحركة الكردية بغالبيتها يرجع إلى أسباب شخصية وتنظيمية فقط ، وأن سقف السياسي لغالبيتها قريب من بعضها البعض وليس هناك أي خلاف سياسي أوفكري فيما بينها ، وبالتالي فأنا أعتبر بأن هذه الحالة ليست حالة صحية أو ديمقراطية أكثر مما هي حالة مرضية ، ولكن يجب أن تتفاهم الأطر الثلاثة الأساسية (التحالف – الجبهة – التنسيق) في الحركة على عقد مؤتمرها الوطني المنشود بأقرب فرصة ممكنة ، وأن يجمعوا هذا التشتت الذي لا معنى له في ظل هذه الظروف الحساسة التي تمر بها المنطقة ، كما أن مشكلة تشابه الأسماء يجب الوقوف عليها لأنها في كثير من الأحيان تقف في وجه أي تقارب سياسي.
يقول المثل: ( ربّ ضارة نافعة) هل تواصلتم مع المعتقلين السوريين من الأطياف الأخرى ؟
نحن أتينا في المرحلة الثانية بعد اعتقالات التي تمت في 1992 بالنسبة للأكراد وبذلك كان المعتقلين الكرد الذي سبقونا قد وضعوا اللبنة الأولى للحوار والذي بدأ داخل السجون وانتقل إلى الخارج وليس العكس ، واستمر معنا في مرحلة ثانية وهي مستمرة وبدأت تعطي ثمارها وما إعلان دمشق سوى نتاج لهذه الحوارات التي لم تتوقف وستستمر إلى أن يقتنع المختلفين معنا بحقوقنا القومية المشروعة في إطار وحدة البلاد.
كلمة اخيرة تود قولها
اولا اشكر المواقع الكوردية على اهتمامها بنا نحن المعتقلين ولو بعد زمن من الناحية المعنوية وهذا دليل وفاء شعبنا لمناضليه، واود القول بأن الالم العظيم يصنع الانسان العظيم وشكرا
وبالاخير نشكرك على سعة صردك وعلى حوارك الصريح والجريء ونتمنى لك التوفيق في دراستك