كورد سوريا ووهم الاسد

غزلان خليل  وضحي
تعاقبت الحضارات في مناطق الكورد الحالية المحاذية لسوريا والعراق وتركيا وايران كالحوريين واللوريين والكاشيين والميديين ومع السنين تلاشت واحدة تلو الأخرى لكنها غرست جذورها عميقة في ارض كوردستان وأنجبت أمة الكورد لتعيش على تلك البقعة من آلاف السنين لكنها لم تروق لأعدائها فتكالبت من كل حدب وصوب لتنهش في جسدها المثقل بالجراح وتجزأها لتتوزع بين شعوب امتهنت القتل والنفي والتهجير (الفرس والعرب والترك) و على يد الروس في الفترة الواقعة في بداية القرن العشرين (جمهورية كوردستان الحمراء). وعلى الرغم من كل تلك الممارسات لم يستسلم الكورد ولم يقبل الذل والهوان وبقي مستمراً في النضال من أجل أن ينعم بالحرية والأمان وأشعل الكثير من الثورات في كل أنحاء كوردستان (ثورات البارزانيين وسمكو والشيخ سعيد والحفيد والنهري وغيرها) وعندما عجزوا في القضاء على رغبة الكورد في الاستقلال فكر جهابذة المحتل بأساليب جديدة وهي قتل الكورد بالكورد فصنعت ادواتاً كوردية بصبغة سياسية وروضتها في الدهاليز الاستخباراتية لتكون سوسة تنخر جسد الكورد وكوردستان وفي الاجزاء الاربعة.
 ففي الجزء الملحق بسوريا أختار الكورد النضال السياسي منذ تأسيس الدولة السورية بأشكال مختلفة (جمعيات نوادي وشخصيات أحزاب) مستخدمة كل ما بوسعها لتنال حقوقها المشروعة ودخل الكثير من تلك القيادات غياهب السجون من اجل حقوق وكرامة الكورد مثل  (جلادت وأوصمان صبري ونورالدين زازا وقيادة البارتي ) فحذت حكومة الاسد حذو جيرانها باستخدام الكورد ضد بعضهم البعض بكل الوسائل (الإعلامية والسياسية والعسكرية) فأوعزت لها بالتحرك وكانت البداية لزعيم العمال الكوردستاني بتصريحه في مقابلة صحفية في كتاب سبعة أيام مع آبو بأنه لا توجد قضية كوردية في سوريا لتصبح وثيقة بيد الحكومات السورية على مبدأ من فمك ادينك بنفي الوجود الكوردي ولم تتوقف تلك التصريحات على انها زلة لسان بل تناولها كوادر تلك المنظومة التي اسسها في سوريا ابتداء من باهوز اردال وصالح مسلم وآلدار خليل بنفي القضية الكوردية في هذا الجزء والاقتصار على شعار طوباوي (إخوة الشعوب) ذلك الشعار الذي عجز الأنبياء على تحقيقه وما تصريح بشار الأسد في الفترة الاخيرة بأن القضية الكوردية وهمٌ إلا امتداد لتلك المهازل الصادرة من أفواه اولئك الكورد المزيفون وذلك الرئيس هو نفسه من كان يصرح في السابق بأن الكورد جزء من النسيج السوري وساهموا في بناء الدولة السورية منذ تأسيسها في العشرينات من القرن المنصرم وتناوب الكثير منهم مناصب رفيعة في الدولة لا سيما رئاسة الدولة فكان الكوردي محمد علي العابد اول رئيس للبلاد بعد الاستقلال من العثمانيين ثم الشيشكلي وحسني الزعيم وفوزي سلو والبرازي وغيرهم فالكورد ليسوا حالة طارئة في سوريا وليسوا مهاجرين بل يعيشون على أرضهم التاريخية لهم كما لغيرهم من الحقوق والواجبات ولن يستطيع أحد نفي وجودهم باي شكلٍ من الاشكال ولن تحل المعضلة السورية إلا بمنح الكورد وكل المكونات الأخرى كل الحقوق المشروعة

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* يُشكّل المسيحيون في سوريا جزءًا أصيلًا من النسيج الوطني، وقد لعبوا دورًا محوريًا في تاريخ البلاد منذ اعتناق المسيحية في القرن الأول الميلادي. تعتبر سوريا واحدة من المراكز الأولى التي احتضنت المسيحية، حيث يُعتقد أن القديس بولس تحول إلى المسيحية في دمشق، ومن هنا انطلق لنشر رسالته في العالم. كما تُعد مدينة أنطاكية، الواقعة شمال سوريا،…

كاميران حاج عبدو تُعدُّ سوريا مثالًا لدولة متعددة القوميات والأديان والمذاهب، تزخر بتنوع ثقافي واجتماعي ولغوي. ومع ذلك، فشلت الأنظمة السياسية المتعاقبة في توظيف هذا التنوع كعامل قوة لبناء هوية وطنية جامعة. بدلاً من ذلك، اعتمدت سياسات إقصائية اختزلت مفهوم الهوية الوطنية في إطار ضيق، بعيدًا عن الاعتراف الحقيقي بالتعددية التي تميز المجتمع السوري. على مدار تاريخها الحديث، لم تشهد…

خليل مصطفى أمس (السبت 25/1/2025) نشر الأستاذ إبراهيم اليوسف، مقالاً هاماً، عبره سلَّط الأضواء على أكثر الناشطين خطورة ليس على كورد سوريا فحسب، بل على شعوب الأُمَّة السورية. أقتبس (مع إضافة): يبدأ (أ. إبراهيم) قوله: يبدو لكُلِّ عاقل بوضوح، أنَّ بعض العُربان (السوريين) الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي، قد اتخذوا (لشخوصهم) دوراً محورياً في بثِّ خبثهم لتأجيج الخلافات بين الكورد…

عبدالرحمن كلو بعد سقوط النظام السوري، تغيَّرت معادلة توازن القوى في سوريا بشكل كبير وملحوظ. فغياب نظام الأسد وإيران معًا أحدث بيئة سياسية مختلفة تمامًا عما كانت عليه في السابق. ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل رفعتا الغطاء بشكل كامل عن السلوك الإيراني في كل المنطقة، مُنهيةً لعبة القط والفأر التي أدارتها إدارة أوباما-بايدن مع إيران، والهلال الشيعي…