طيلة أكثر من أربعة عقودّ مضت و بدءاً من فترة حكم البعث العربي لسوريا تحديداً ، إلى حين إندلاع الأحداث فيها عام ٢٠١١ ، لم تقل نسبة الكورد في عفرين كسكان أصليين عن ( ٩٥% ) من مجموع السكان ، رغم كل محاولات السلطة الحاكمة و مساعيها في إحداث نوع من تغيير التركيبة الديموغرافية فيها على أساس عرقي أو قومي ، و سواءّ بصور مباشرة أو غير مباشرة ، و مع اندلاع الأزمة في العام ٢٠١١ الى حين الاجتياح التركي لعفرين و من ثم احتلالها في ( آذار ٢٠١٨ ) حدث نوع من الخلل الطفيف في تلك النسبة نتيجة إيواء عفرين كمنطقة مستقرة نسبياً لأعداد لا بأس من النازحين الفارين اليها من المناطق الساخنة أو من مختلف بقاع الصراع في سوريا .
مع إحتلال تركيا لعفرين دخلت هذه المنطقة نفقاً مظلماً و مرحلة تعدّ الأخطر عليها و على سكانها لجهة موضوع بياننا هذا ، أي لجهة التغيير الديموغرافي للتركيبة السكانية في عفرين ، حيث سعت تركيا و منذ البداية بتوظيف و تسخير أقصى طاقاتها و جهودها نحو أهم هدف لها ، يتمثل في إخلاء المنطقة من سكانها الأصليين الكورد و استقدام و توطين مكونات و قوميات أخرى لتجريد المنطقة بالكامل إن أمكن و تحت أي ثمن من أي طابع أو خصوصية ترمز الى الكورد كشعب أصيل على ارضه التاريخية تلك .
و مارست تركيا و ما تزال تمارس في هذا المنحى أو الإتجاه و عبر تخطيط ممنهج و مدروس بعناية مختلف الأدوات و السبل و أشدها وطأة و إجراماً و دون أي اعتبار لرادع أخلاق أو قانون أو دين ، حيث لجأت كأهم أداةٍ لديها الى إطلاق يد المرتزقة من الفصائل العسكرية المسلحة ( الجيش الوطني السوري ) التابعة لها و لتابعها الآخر الأئتلاف السوري لقوى الثورة و المعارضة كواجهة ارتزاق سياسية ، لتعدم تلك الفصائل أي مظهر للقانون و الأمان في المنطقة و تعيث فيها فساداً و استباحة و اجراما .
نجم عن كل ذلك و بلا شك نزوح و تهجير مروّع لأعداد كبيرة من سكان عفرين الكورد الأصليين رغم مساعيهم و تضحياتهم الكبيرة في البقاء و الصمود على أرضهم .
لم يكن كل ما سبق ذكره من حقائق إلا تمهيداً للتأكيد على حقيقةٍ دامغة لا تحتمل أي تأويل أو احتمال آخر ، ألا و هي إن نسبة السكان الأصليين الكورد في عفرين و وفق معلومات و إحصائيات دقيقة نحوزها لا تتجاوز أو لا يمكن أن تتجاوز بأي حال من الأحوال ( ٢٠% ) من مجموع السكان في عفرين .
لذلك و سنداً لكل ما سبق…. وجب التأكيد و التنوية الى نقطة و ظاهرة خطيرة للغاية ، ألا و هي أن الدولة التركية و في سياق سيرها في مخططها الديموغرافي أعلاه ، تقوم عبر مختلف أدواتها و اجهزتها الاعلامية و الاستخباراتية المختلفة و عملائها ببث و ترويج معلومات و أرقام زائفة و مزورة أشد التزوير و منافية تماما للواقع لإخفاء حقيقة ما تمارسه عن المحيط و تضليله .
و الأخطر من ذلك كله و المؤسف للغاية حقيقةً هو أن جهات كوردية مختلفة من منظمات مدنية و أحزاب سياسية و جهات اخرى اعلامية تساهم سواء عن قصد أو غالباً بدون قصد ، و تخدم تركيا في هذا المنحى أو التوجه .، حيث روّجت و تروّج في الآونة الأخيرة منظمات مدنية كوردية بالذات، بعضها تابعة لجهات سياسية كوردية و أيضا ساهمت جهة أو جهات اعلامية كوردية بارزة معها في الترويج و إطلاق إحصائيات و أرقام مفادها أن نسبة الكورد الحالية في عفرين تتجاوز ال ( ٣٥ % ) من مجموع السكان ، و هذا غير حقيقي بالمطلق و مؤشر خطير على أنها و بفرض حسن نيتها ، جهات بعيدة كل البعد عن مسؤولياتها و عن واقع الشعب و عن المهنية في عملها ، و غلبت عليها الأنانية و المصالح الشخصية و الفكرية الضيقة و مصابة بداء البروز و السبق الاعلامي او الصحفي ان صح التعبير ، دون أن تعي بأنها لا تدرك أبعاد ما تقوم به و تصدره و أنها تؤدي بذلك خدمات جليلة و عظيمة للدولة و المحتل التركي الغاشم .
في ٦/٥/٢٠٢٠
اللجنة التحضيرية لمنصة عفرين .