لا تؤجل «كورونوية» اليوم إلى الغد!

إبراهيم اليوسف

اقترح علي، كاتب وإعلامي صديق يعمل في موقع إلكتروني دسم، من جهة دفع أجر الاستكتابات إلى معاشر الكتاب، أن أعيد النظر في  تواريخ وأرقام كورونية  في مقال لي بعد أن غدت قديمة، في ما يتعلق بكورونا، وأن أحذف حوالي مئتي كلمة من المقال نفسه ليطابق الحجم المخصص للبحوث والدراسات التي تنشر في موقعهم الإلكتروني الشهير، ذي العلامة الفارقة  بسبب مخصصاته المالية، وهو ما يحدث معي لأول مرة، خلال أربعين سنة وأكثر، من خوضي و حبي لعالم الصحافة.
الإعلامي المذكور صديق، وهو من الأجيال التي جاءت بعدنا، لكنه أعلمني أنه في إدارة ذلك الموقع، وما كنت أعرف ذلك، لأنني انقطعت منذ سنوات عن النشر – ماخلا مانشرته وأنشره في جريدة ورقية بيننا احترام متبادل- وما يندر من  المنابر التي تدفع للكاتب استحقاقاته، بعكس سواها من المنابر التي يهيمن عليها زملاء لنا ويساهمون بأنفسهم في  السطو على استحقاقات زملائهم الكتاب، لاسيما إن بعض هؤلاء ظهر في فترة مابعد الحرب، أو في العقد السابق على كورونا، فحسب، وتلك سنة الحياة، ولكن ليس من سنة الصحافة ألا تكون لها أخلاقياتها
موضوع السطو على الاستحقاقات المالية للآخرين – إهمالاً- مع الحديث عن طبيعة النشر والعلاقات الجديدة، لاسيما في ظل الصحافة المهيمنة التي جاءت وتكاد تقسم الكتاب إلى فئتين: فئة تقبل برزقها، وأخرى ذات موقف، ولا تساوم، ماخلا استثناءات طفيفة ذات موقف، إلا أنها تنأى عن النشر وغير ذلك. هذا الموضوع هو محور مقال مطول لي، مع بعض الوقائع، سأحاول أن أنشره، في وقت لاحق، وليس هو محور الحديث هنا، إلا أنني أوثق إشارتي إليه، لاعتبارات الصحفي الحذر فيَّ، وذلك نتيجة قبح  ظروف الحرب، والتحولات، والانهيارات الأخلاقية الكبرى.
لأعد، إلى مقترح صديقي ذاك، حول تبديل أرقام وتواريخ وأطراف ما من المقال- وهو ما كان يتم بصمت- من قبل بعض القيمين على الصحافة، وقد تفاجأت بأحدهم قد أخضع الكثير مما كتبت لسرير بروكوست، وذلك عندما قدمت تلك المقالات إلى النشر، ضمن كتاب طبع في العام 2016، ولم أرتح إلا بعد أن أشرت إليه، وأمره كان أشدّ همجية وعدم احترام لمهنيته ولكتاب جريدته، وهوأمر آخر،إلا إنني رددت على الصديق الذي أشرت  إليه- في استهلالة المقال- بالقول:
المقال الذي أرسلته إليك كان يعبر عن لحظة زمن استلامك له، لأنه من الطبيعي أن يرتفع الخط  البياني لضحايا كورونا، وتردنا جميعاً معلومات جديدة، حول كتابه الكوروني المفتوح، بعد  مرور حوالي شهر من الزمن، لاسيما إن عمر المعلومات الرئيسة في المقال عندما أرسلته إلى النشر  لم يزد عن ساعات فحسب!
مقالات ” كورونوية!”عديدة أرسلتها إلى أكثر من منبر، إلا أن نشرها تأخر، وقد وجدت زملاء إعلاميين وسواهم تطرقوا إلى مثل مضامينها ، في كتاباتهم، وهذا من حق جميعنا في أن يجتهد و يبادر في تقديم رؤى وخلاصات جديدة، ليس على صعيد – تشخيص الفيروس والعلاج- سواء أكان مخبرياً، أم ماقبل مخبري، أو حتى منتمياً إلى طب الأعشاب بدءاً من: الليمون والملح وخل التفاح والحبة السوداء ومروراً بالكركم والزنجبيل وحتى” البابونج،  ناهيك عن عوالم  التمائم، وهذا مادعاني لأستعين بعنوان مقال للكاتب الصديق محمد نديم. ابن قامشلي – أمد الله في عمره ومنحه الصحة- وكان كاتب مدينتنا الأقدم “في زمننا” والذي نلتقيه، ونختلف معه كثيراً، و نتفق قليلاً، ونحترم سبقه علينا، واحترامه لذاته وللآخر، وحقاً لقد كان من كرام الكتاب في بيته، ومكتبه، والشارع، واشتركنا معاً في أنشطة ثقافية عدة، على امتداد ثلاثين سنة، عنوان مقال صديقنا محمد نديم كان” أيها الكتاب لاتؤجلوا نشر أعمالكم” ونشره في العام-1983-1982″ ضمن زاويته “من بعيد” في مجلة -هنا دمشق- على ما أذكر، إذ إن كتب مسلسلاً تلفزيونياً، قدمه للجهات المعنية في العاصمة، ليرى فكرته وهي تعرض في أحد المسلسلات من دون ذكر اسمه!
أنا لا أتهم أحداً بالاستيلاء على أية فكرة لي، وإنما أشير إلى أمر مهم، وهو أن فكرة قد يتناولها أحدنا في مقال لم ينشره، سواء أكان ضمن مخطوط له، أو مرسلاً من بريده الإلكتروني إلى منبر ما في انتظار النشر، قد تأتي فكرته. أفكاره في مقال لكاتب آخر، يكتب بلغة أخرى غيرالعربية التي تكتب بها، أو حتى بتوقيع كاتب عربي لم يقرأ لك البتة.
ثمة أفكار من هذا النوع خسرتها مرات عدة، وقد تناولها كتاب لم يعلموا البتة أنني بصدد الكتابة عن هذه الفكرة، ومن بينها الكتابة عن يهود قامشلي، وشخصية – المتبول- ما اضطرَّني لأغير استراتيجيات كثيرة في مشروع مخطوطين لي، لئلا أكون مكرراً لما سبقني إليه أحد، ما أمكن، وإن كان بإمكان حتى اللاحق أن يكتب في تناوله السابق، من خطوط عامة، لأفكار، وعوالم، لاسيما عندما تكون عامة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…