ريزان شيخموس
في الوقت الذي ينشغل العالم بكارثة كورونا التي حلت بالبشرية، وأصابت آلاف الأرواح البريئة أصدرت منظمة “حظر الأسلحة الكيميائية” تقريراً مفصلاً يحمل نظام الأسد مسؤولية شن ثلاث هجمات بالأسلحة الكيميائية في شهر آذار عام ٢٠١٧ واستهدفت مدينة اللطامنة في محافظة حماة.
وجاء في نهاية التقرير المنشور على موقع المنظمة الرسمي أن المعهد الدولي لتكنولوجيا المعلومات أنّ هذه الهجمات ما كانت لتتم إلا بناء على أوامر السلطات العليا للقيادة العسكرية في النظام.
وأوضح التقرير بأن النظام السوري لازال يحتفظ بكميات كافية من المواد الكيماوية، لا سيما السارين والكلور، وخبرة من برنامج الأسلحة الكيماوية التقليدية لاستخدام السارين في إنتاج ونشر ذخائر من الكلور، وتطوير أسلحة كيماوية جديدة.
إن التقرير الصادر من منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ليس أول تقرير ينشر من قبل منظمات دولية يؤكد فيه مسؤولية النظام السوري عن استخدامه الأسلحة المحرمة دولياً ضد شعبه بل أظهرت تقارير عديدة أصدرتها لجان مشتركة من المنظمة والأمم المتحدة والكثير من المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان مسؤولية نظام الأسد عن شن هجمات عدة بالغازات السامة على مدن وبلدات في سوريا خلال السنوات الماضية، وعلى الرغم من ذلك لم يُحاسب النظام السوري واستخدمت حليفته روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن مرات عدة لمنع إدانته.
هذا التقرير صدر رغم اعتراض النظام وحلفائه، بقرار من غالبية الدول الأعضاء في المنظمة وهي 193 دولة التي صوتت لصالح تعزيز سلطات منظمة حظر الأسلحة، مع تمكينها من تحديد منفذي هجمات كيماوية، وليس فقط مجرد توثيق استخدام مثل هذا السلاح.
منذ عام ٢٠١٣ استخدم النظام السوري مرات عديدة السلاح الكيماوي مرتكباً مجازر بشعة بحق المدنيين في سوريا رغم تأكيد العديد من المنظمات الدولية وتقديهم الكثير من الأدلة والإثباتات ينفي النظام وروسيا مسؤوليتهم عن الهجمات التي تستهدف مناطق خارجة عن سيطرتهم، ويتّهمون الفصائل التي تسيطر على تلك المناطق باستخدام السلاح الكيماوي ضدّ ذويهم.
إن تأكيد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، أن التقرير الجديد لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يعد أحدث إضافة إلى مجموعة كبيرة من الأدلة الواضحة التي تدين نظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيها وأن استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل أي دولة، يشكل تهديدًا أمنيًا غير مقبول لجميع الدول. كما أنه أشاد بالتحقيقات الشاملة وعمل الخبراء الذي قامت به منظمة حظر الأسلحة الكيميائية. إن هذا التأكيد الأمريكي يعتبر مؤشراً إيجابياً في هذا الملف ولكن يبقى مجرد كلام دون اتخاذ أية إجراءات فعلية ضد نظام الأسد وخاصة إن هذه الإدانة غير مرفقة فعلياً بتقديم آليات فعلية لمحاسبة النظام ومحاكمته على جرائم الحرب هذه . علماً إن الرئيس الامريكي السابق أوباما هدد كثيراً في نفس المضمار ولكنه لم يتخذ أية إجراءات حقيقية تردع النظام، ان اعادة استخدام النظام السلاح الكيميائي في آذار ٢٠١٧ دليل واضح بأنه مستمر بجرائمه دون رادع .
رغم كل ما صدر من التقارير الدولية بخصوص جرائم النظام حول استخدام الأسلحة المحرمة الدولية بحق السوريين، يتحمل هذا النظام مسؤولية كل ما جرى في سوريا من جرائم القتل والتهجير والتدمير، ألا تكفي كل هذه المجازر والأعمال الوحشية بتجريم هذا النظام وخاصة رئيسه وتحويله إلى محكمة العدل الدولية ومحكمة جرائم حرب لمقاضاته وإنهاء هذه الكارثة التي حلت بالشعب السوري . ولكن لا يبدو في الأفق أية بوادر لإيجاد حل للازمة السورية وإيقاف هذا النزيف الدموي وهذا القتل لعدم توفر أية إرادة دولية حقيقية في وضع حل سياسي شامل للازمة السورية ، ان توقيت إصدار هذا التقرير وغياب آليات المحاسبة عناوين واضحة لعدم وجود أية نوايا حقيقية لمحاكمة النظام وتجريمه بمسؤولية كل ما حدث في سوريا ليس فقط استخدام الأسلحة الكيميائية المحرمة دوليا والتي تعرض المجتمع الدولي لخطر حقيقي في حال دون هذه المحاسبة . خاصة أن الدول العظمى متواجدة في سوريا وتدرك تماماً ما يحدث فيها . ولكن يبدو مصالح هذه الدول وأجنداتها تعطل أي حل لهذه الكارثة.
الاختلاف الحاصل بين هذه الدول ليس من أجل الشعب السوري ومصلحته وإنما حول مصالحها في سوريا. إن الحل في سوريا غير ممكن اطلاقاً بوجود هذا النظام وكل من تلطخت أياديه بدماء السوريين الأبرياء، وقد يحصل تغيير في هذا النظام عاجلاً أم آجلًا وفق بعض المعطيات الدولية ولكن هذا سيحصل بمشيئة مصالح هذه الدول رغم كل ذلك يتناسب تمامًا مع مصلحة الشعب السوري ومستقبله .
المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية الكارثة التي أصابت الشعب السوري لعدم تحركها الجدي والسريع بمحاكمة النظام وردعه وبإنهاء هذا الوباء الأخطر من كورونا على الشعب السوري .