عصر الاعلام التفاعلي…. الخروج من قبضة الاحتكار

ادريس محمد
للإعلام دور كبير في تشكيل الوعي الساسي و الثقافي و التاريخي من حيث الجهة التي تسيطر على مفاصل الإعلام وهو موجه لصالح طبقة معينة تمتلك المال و السلطة و تشتري الاقلام لخدمة اهداف معينة لتسويق افكار و مصالح كبيرة و تغييب اي توجه لا يخدم او يتفق معها .
هم الاكثر ادراكا لأهمية الإعلام و دوره لصناعة الآراء و تغييب القضايا الحقيقية بتحريفها الى امور جانبية مثل الرياضة و الجنس والعنف كلها لخدمة قطع الطريق على احد اهم المحرمات في الإعلام الحالي و هو الصراع الطبقي.
منذ القدم مع بداية تشكل الوعي ظهرت الحاجة الى التسجيل و التوثيق وظهر بشكل بدائي في المراحل الاولى من التاريخ فكانت بشكل رموز تصويرية ثم بعد ذلك اتت الكتابة المسمارية و حدث تطور الى الامام خطوة مهمة لتأتي اولى الابجديات فتنهي عصر الهيروغليفي مع التحديث وبدء التسجيل الفعلي للتاريخ و التراث الثقافي و التراكم المعرفي الذي كان العصب الحامل لما وصل اليه التطور.
فكل ما حدث نقلة نوعية كان الاسلوب القديم يندثر الذي بداء بالحجر ثم الفخار و ثم الورق البدائي مثل البردي و الجلود الذي تجاوز دور الفخار في الكتابة.
الدول القوية القديمة اخضعت الإعلام في عصرها لصالح مصالحها المادية فكتبوا التاريخ الذي هم يريدون و فتحوا الباب امام الكتب المرضي عنها و دائما كانت من اهم الضحايا المكتبات التي تخص المهزوم و منها ما فعله الاسكندر في اسيا و المسيحيين مع مكتبة الاسكندرية و ما فعله الاسلام مع مصر وبلاد فارس و كتبهم و المغول في بغداد و دمشق و هذه مجرد امثلة كثيرة لا الحصر .
كل ما حدث تراكم معرفي و تطور تجاوبت معها الدول و الحكام لإخضاعها لمصالحهم و بنفس الوقت سلبها من الخصوم كما حصل من تكسير الشواهد الى احراق الكتب فيما بعد الكتب القيمة و الشاهدة على التاريخ و الارث الثقافي ومع الاسف لم تصلنا في اغلبية هذه الكتب سوى العناوين مع الكثير من التشويه و الإساءة مثال الافستا و كتب المانوية والمعتزلة و ابن خلدون و الراوندي و الحلاج الخ.
مع المسيرة البشرية و تراكم الخبرات و المعارف و الصراع المادي ادت الى الاستفادة منها لتفادي القبضة على الإعلام مع المطابع ظهرت الصحف و كانت متنفس كبير و ازدادت عدد الكتب المطبوعة بشكل كبير اصبح الاسلوب القديم في الابادة غير مجدي و انتشر الافكار الفلسفية و ازدادت المعارف المكتسبة كما و نوعا مع بداية الثورات البرجوازية كانت الصحف و المنشورات المطبوعة لها دور كبير استمر الى ان حدث تطور اخر في مجال الراديو و التلفزيون الذي حجم الى حد كبير و سيطر بفعالية مستفيدا من التكنلوجيا الحديثة لكن مع التلفزيون و بسبب التكلفة المادية لم يتح الفرصة للرأي المخالف ان يشق طريقه بأنشاء قنوات خاصة بها ليأتي دور البث الفضائي من اماكن بعيدة لتصل الصورة الى اغلبية المتابعين دون الرقابة القديمة .
لكن لم يكن الحال افضل بسبب  الاحتكار الإمبريالي للبث الفضائي الموجه لصالحها و كتم الاصوات بعدم اعطاء اي مجال و ان وجد فيتم الضغط و الاقفال لها لما لهاذا المجال من حساسية عالية و خطيرة بنفس الوقت.
اخطر طفرة ما نشهده اليوم هو الإعلام التفاعلي الأخذ في تمزيق الصحف و القضاء عليها وفقدان دورها ليس فقط الصحف بل هية في الطريق لأخذ مكان التلفزيون الذي لم يعد السيد مثلما اخذ التلفزيون دور الراديو و دور السينما و المسرح اتى الدور عليه هذه المرة بشكل متسارع و تصاعدي.
الإعلام التفاعلي له مميزات كثيرة تعطيه الفرصة للتفوق و السيطرة على الساحة لأحداث انقلاب كبير فهو لا يحتاج الى التمويل الكبير و يمكن ان تخفي هويتك و لم يعد الظهور لأشخاص محددين بل الكل يشارك فلكل سواسية و يفتح المجال للأبداع و لم يعد الرقابة قادرة مثل الماضي بتغييب ما لا تقبل به.
اصبح نقل الخبر اسهل و نقل الافكار المتعددة التي تقمع اسهل صحيح ان ليس كل ما ينقل ايجابي مثل التطرف و الارهاب لكن هذه الافكار كان لها قنوات كثيرة و كتب ولم تقمع فقط الافكار القدمية و المناهضة للتطرف و الطائفية تقمع و تشوه في الكثير من التجارب كان للإعلام التفاعلي دور حسب التوجيه اما للأفضل او للأسوأ بنشر الاكاذيب كسيل.
قد يقول البعض ان من كان يصنع الخبر ما زال يتحكم و ان بشكل ليس كلي هذا لانهم لم يستوعبوا المتغير الجديد لان الجيل القديم لم يتأقلموا مع الواقع و يلاقي صعوبة في فهم التطور التكنلوجي الحديث الامر مختلف مع الشباب الجديد الصاعد لتخلص من تحكم من هو غير متكيف مع الحدث و لان دائما حالة الصراع و الحاجة تخلق الابداع فلن يتوقف عجلة التقدم للأفضل.
الكم الهائل من المشتركين يفتح نوافذ كبيرة جدا ليكون الإعلام التفاعلي الجديد في خدمة القضايا العادلة و سيوجدون دائما الحلول لنقل افكارهم و مشاكلهم لبعضهم و من لن يستوعب المتغير لن يكون له مكان في المستقبل القريب و ان لم يقدم من هم اهل لهذه المهمة عليه ان يقبل الوقوف بجانب الفخار و البردي…

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…