سياسة نظام الملالي المبهمه فيما يتعلق بمأساة كورونا.. نظرة عامة على التستر على حقيقة وجود فيروس كورونا في إيران والسعي إلى رفع العقوبات خارج إيران 2-1

بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
منذ اليوم الأول من تولي نظام الملالي السلطة في البلاد، لم تكن طبيعة خميني المناهضة للشعب وللإنسانية وتياره الرجعي خافية عن أحد ولا عن التيار الثوري والوطني والديمقراطي الإيراني. فمنذ البداية، أسس خميني الحكم في البلاد على أساس نظام حكم الولي الفقيه، ويرى من وجهة نظره أن الشعب وسيلة لإقامة إمبراطورية إسلامية. لذلك، أسرع عندما تولي السلطة في عام 1979، إلى منع الحريات الجديدة واستبدال الديكتاتورية السابقة بديكتاتورية أسوأ. وأشعل شرارة حرب الثمان سنوات مع العراق التي حصدت أرواح مليوني شخص. وأصبحت عمليات الاعتقال والتعذيب والإعدام وارتكاب المذابح في حق المعارضين جزءًا لا يتجزأ من نظام الحكم الذي فرضه خميني على الشعب باسم الدين.
  ولذلك، كانت استراتيجية خميني وهدفه وتياره المناهض للشعب، هي إقامة دولة إسلامية والاستيلاء عليها، لأنه كان يعتبر نفسه وصيًا ووليًا على الناس. وبعد وفاته، ورّث خلفائه السلطات المطلقة المناهضة للشعب.
ويتذكر الجميع أنه بمجرد وصول خميني إلى السلطة، أصدر فتوى الجهاد ضد القوى الثورية، وعلى وجه التحديد ضد مجاهدي خلق ومواطني كردستان، وأرسل قوات الحرس إلى كردستان. ولكي تتقدم قوات حرس نظام الملالي جغرافيًا قرية بعد قرية، كانت تطرد أهالي القرية بمن فيها من النساء والأطفال وكبار السن والشباب لكي تحتل هذه المناطق. ولم يكن هذا الإجراء مجرد أسلوب مخجل فحسب، بل كان استراتيجية مناهضة للشعب ناجمة عن طبيعة نظام حكم لا يُكن أي قيمة واحترام لحقوق المواطنين. 
إن ذكر هذا المثال ليس لمجرد إظهار جريمة نظام الملالي ضد الشعب الإيراني في حالة واحدة فحسب. بل هناك العديد من الحالات التي تؤكده معاداة نظام الملالي لهذا الشعب، فبعد مرور ما يقرب من 40 عامًا على الحالة المشار إليها سابقًا لايزال هذا النظام الفاشي يتبنى هذه الاستراتيجية المناهضة للشعب.  
وإلا فلماذا نقلت قوات حرس نظام الملالي فيروس كورونا من الصين إلى إيران وخصبته ونشرته في البلاد، على مرأى ومسمع من علي خامنئي الذي تعمد ألا يفعل شيئًا إلى أن تحول الأمر إلى كارثة إنسانية يعاني منها الشعب الإيراني الآن؟  
والآن، على الرغم من أنه لم يعد هناك أي أثر لحلم خميني جعل إيران مكة العالم، وأن هذا الحلم تراجع أملًا في البقاء، وسقط النظام الفاشي في منحدر الانهيار، إلا أنه للرد على هذا السؤال في المرحلة الحالية يجب أن نسلط الضوء على مساعي نظام الملالي لرفع العقوبات الدولية وأن هذا النظام زج بالشعب الإيراني مرة أخرى في مذبح مطامعه التوسعية للحفاظ على بقائة.  مثلما تسبب في قتل مليوني شخص من الأبرياء على جانبي حدوده الغربية بالتمهيدات الأولية لإثارة حرب الثمان سنوات مع العراق وإصراره على استمرارها لمجرد تحقيق مطامعه التوسعية.  
ويمكننا من الأمثلة المذكورة أعلاه والأمثلة المماثلة لها أن ندرك النية المشؤومة للنظام الديني الديكتاتوري الحاكم في إيران، وهي أن أرواح الشعب الإيراني لم يكن وليس لها أي قيمة لدى هذا النظام الجشع. إذ يؤمن  الملالي بشرعية وإباحة قتل جميع البشر. وهذا دليل قاطع على تبني هذا النظام الفاشي للسياسة المكيافيلية المشهورة عالميًا ”الغاية تبرر الوسيلة“. 
والآن دعونا نلقي نظرة على الوضع الحالي من هذا المنظور.
بعد حوالي أربعة أشهر من ظهور فيروس كورونا، نجد أن الوضع في إيران هو الأكثر ماساةً في العالم. حيث أن هذا الفيروس تسبب حتى الآن في وفاة أكثر من 18 ألف شخص إضافة إلى ازدياد عدد المصابين والضحايا على مدار الساعة. وتفيد بعض المصادر غير الرسمية أن ملايين الإيرانيين معرضون للإصابة بهذا المرض القاتل.
وبغض النظر عن تفاصيل هذه الكارثة، فإن العامل الرئيسي في نقل هذا الفيروس إلى إيران ليس أحد سوى نظام الملالي الرجعي والمعادي للشعب، وتحديدًا قوات حرس ولاية الفقيه التي احتكرت جميع المناصب والموارد الاقتصادية والإدارية في المجتمع الإيراني.
إن خامنئي وزعماء نظامه لم ولا يعنيهم إلا بقائهم في نظام الحكم. وكما قالت رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية السيدة مريم رجوي: “ليس لدى نظام الملالي أي عائق لشراء واستيراد الأدوية والمعدات الطبية، ولكنه بدلًا من أن يولي اهتمامًا بمخاوف المواطنين يتجسد شغله الشاغل في رفع العقوبات المفروضة عليه ونهب الشعب”.  
وعلى الرغم من ظهور الأعراض المحددة لهذا المرض في الأسابيع الأولى من ظهوره في إيران، إلا أن نظام الملالي لم يقم بما هو ضروري للحيلولة دون تفشيه، بل تستر على وجوده في البلاد لاستكمال خططه الشريرة للمضي قدمًا في سياسة الانكماش التي يتبناها. 
ولكن على الرغم من حالات التستر واسعة النطاق التي يتبناها نظام الملالي، إلا أن هذا النظام يواجه المزيد من الفضائح يوميًا، نظرًا لأن هناك مقاومة تكشف النقاب تدريجيًا عن هذه الحالات الشريرة اعتمادًا على مصادرها وتنظيماتها المتماسكة المنتشرة على نطاق واسع وشبكاتها الاجتماعية الضخمة داخل إيران، وتُطلع العالم على جرائم هذا النظام الفاشي في هذه المغامرة. وفي الحقيقة، هذا الأمر هو ما يصيب نظام الملالي بالجنون.   
إلام يسعى نظام الملالي في ظل هذا الوضع المؤلم، ولماذا؟
على الرغم من أن الحكومات في جميع الدول الديمقراطية في العالم تسعى إلى السيطرة على وباء كورونا والحد من عدد المصابين ولاسيما الضحايا في بلادهم، إلا أن الوضع في إيران مختلف بطريقة ما. فالمشهد الدراماتيكي للغاية في إيران هو السياسة المزدوجة والمثيرة للغثيان التي يتبناها نظام الملالي بشأن مرض كورونا. حيث أن خامنئي وروحاني يهدفان من وراء تبني سياسة التستر إلى التظاهر من جانب واحد بأن الوضع داخل الحدود الإيرانية مستقر وأنه تم السيطرة على تفشي فيروس كورونا، والاستمرار في الأكاذيب الجنونية المتلاحقة.
اقرأ المزيد
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد تقود إلى عواقب وخيمة. لاسيما في السياق الكردي، حيث الوطن المجزأ بين: سوريا، العراق، إيران،…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…