مسعود بارزاني.. والشهامة في ساحات النضال

عمر كوجري
   حوارات صحفية وتلفزيونية كثيرة أُجريتْ مع الرئيس مسعود بارزاني خلال مسيرة نضاله الطويلة والمُتّسمة بكفاح لا يعرف الخوف ولا الملل ولا الهزيمة، لهذا تراه دائم العشق لحياة الجبال مفضّلاً إياها على حياة القصر الرئاسي والمراسيم والبروتوكولات التي لا يستسيغها بصورة عامة..رغم أن الرئيس بارزاني لا يهوى الظهور المكثف في الإعلام.
   الحوارات المتلفزة، والصحفية هي التي أثرت في أذهان قطاع كبير من الشعب الكوردستاني ومحبّي الرئيس، وهم ثروة هائلة لشخصه كما صرّح في خطاب منذ عامين. 
   أي إعلامي يترقب لحظة قبول الرئيس بإجراء حوار مع سيادته -وأنا منهم-، ومن تشرّف بالحوار، كانوا صحفيين من الصف الأول، رؤساء تحرير صحف كبرى، ومقدّمي برامج مشهورين، هم من تشرّفوا بإجراء حوارات باللغة العربية مع سيادته”ايلي ناكوزي- غسان شربل- جهاد الخازن- تركي الدخيل- زينة يازجي- عضوان الأحمري. إضافة الى حوارات لإعلاميين كرد مع سيادته وعلى الفضائيات الكردية.
   في الحوار الأخير مع فضائية MBC السعودية، ” الجزء الأول، كسر الرئيس قاعدة المحاورين الأساتذة وشيوخ الصحافة، وقبل الحوار مع الإعلامي السعودي مالك الروقي، في برنامجه” السطر الأوسط” وهو شاب عمره أقل من ثلاثين عاماً، ومدير مكتب أخبار قناة MBC1 في السعودية، الحوار كما يبدو سيكون أكثر من جزء، أي إضاءة شاملة على مجمل نضال الرئيس البارزاني والتي امتدت لعقود طويلة، ومازال الرئيس في أوج نشاطه، وعلى كل الصعد والمستويات رغم أنه لا يقوم بأي وظيفة رسمية في كوردستان.
  إن قبول الرئيس بالحوار مع الصحفي السعودي الشاب يعني تشجيع سيادته للطاقات الشبابية والتي تثبت مقدرتها في كلّ فرصة، وقد نجح الجزء الأول من الحوار بدرجة كبيرة، ومنذ اللقطة الأولى حين تواجد الروقي في ساحة القلعة، وتوجّه إلى إحدى محلات بيع التذكارات واللوحات الفنية، والوقوف بإعجاب أمام صورة القائد الخالد الملا مصطفى بارزاني، قائلاً: هنا أمة استيقظت على لعنة الجغرافيا..لكنها في الوقت ذاته كسرت غرور التاريخ.. ” 
   نجح الصحفي الشاب بجدارة تخصصية فائقة في عرض أسئلة بدأت من الخاص حين سأل عن لباس الرئيس، وصوت الرصاص، وحياة الجبل، وانتهت بالعام ونهاية الجزء الاول بالسؤال عن مكان دفن لأسرى كويتيين في كوردستان، ببراعة يُحسد عليها.
   إن الرئيس بارزاني وكعادته في حواراته قليل التفصيل في الردود والإجابات، ونادراً ما يبتسم، لكن سيادته هذه المرة كان منشرحَ القلب، ومستفيضًا في الإجابات، والبسمة لا تفارق محياه، وقد بدا مطمئناً واثقاً من توقّد ذاكرته التي أبحرت في عقود المقاومة والاستبسال من أجل حرية وخلاص كوردستان.
  وقد تقصّد الرئيس ذلك راغباً في إيصال رسالة للكوردستانيين بأن الوضع الحالي في كورستان مع الجائحة العالمية كورونا، لن يستمرَّ طويلاً، أو يؤثّر بشكل كبير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية في كوردستان، وأن القادم أجمل، ولن تكون هذه الجائحة بأصعب وأعسر من شراسة تنظيم داعش الإرهابي الذي انهزم على جبال كوردستان شرّ هزيمة.
أفكار كثيرة أثارت انتباهي في حوار الرئيس البارزاني، ورغم أن الكثير منها قرأناها أو سمعنا بها من قبل، لكن بعض الكلمات كانت بمثابة اختصار لتاريخ عظيم، حين سرد تأثير رحيل القائد الخالد البارزاني: «تأثير وفاة الملا مصطفى كان كبيراً علينا جميعاً، وكان يوجّهنا للاستمرار بالنضال وخدمة شعبنا، وأن نعدَّ أنفسنا خدماً للشعب وعدم الركوع لأيِّ ظالم مهما كان».
  لقد بدأ عنفوان الرئيس وحكمته وشهامته وشجاعته حتى مع صدام حسين، حين تحدّث الرئيس بارزاني عن لقائه الأول به، وهو على رأس وفد كبير يقود هذه المفاوضات: “في الحقيقة .. صدام الذي التقيته حين المفاوضات تلك، وصدام 1991 كانا شخصين مختلفين تماماً.. كان في البداية متواضعاً ومندفعاً وصريحاً ومؤدباً، متواضعاً مع زملائه ورفاقه.. أما عام 1991 حتى وزرائه لم يكونوا ينطقون بكلمة واحدة إن لم يوجّه لهم سؤالاً .. كان مختلفاً تماماً ” . 
ولم ينس الرئيس في حديثه عن صدام حسين واعترافه بكوردستانية كركوك، لكنهم لن يوافقوا على منحها للكرد لأن كركوك بوابة لإعلان الدولة الكردية.
 هذه الشهامة أيضاً استوقفتني حين فصّل في محاولة اغتيال القائد الخالد من قبل استخبارات صدام حسين عبر لقاء مجموعة رجال دين سنة وشيعة ذهبت لمقره للقائه، حين برّأ  ساحة ابراهيم الخزاعي حامل جهاز التسجيل المفخخ، وقال إن السائقين وحدهم من دروا بتفاصيل الاغتيال..
كذلك استوقفتني شجاعة الرّئيس في سرد تفاصيل محاولة اغتيال سيادته في العاصمة النمساوية فيينا، وكيف أنّ ضمير الشخص الذي زاره في منزله قد استيقظ، «وعندما أردت الخروج منعني وحلفني بقبر الشيخ أحمد، واستحلفني بعدم الخروج، الجماعة الذين كانوا معي قالوا: فلنخرج نحن، ونرى ما الموضوع؟ وعند خروجهم بدأ عليهم الرمي، فعرفت بأنه كان يعلم بالأمر، ولكن يبدو أن ضميره استيقظ في اللحظة الأخيرة. 
هذه بعض من الأفكار التي خرجت بها وأنا أعيد مشاهدة الحوار لمرتين اثنتين.
  لم أشأ تكثيف الحوار وبسطه وعرضه هنا، لقد بحثت عن أشياء أثارت انتباهي.
  الحوار، كان ناجحاً بامتياز وبكل المقاييس، وبانتظار الجزء الثاني من البرنامج الذي نتمناه أن يتفوّق فيه الصحافي على أدائه الجيد في الجزء الأول.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…