تجاهل «نوروز» انتقاص من الحقوق الكردية السورية

 صلاح بدرالدين 
   قبل عقود وفي عهد الدكتاتور حافظ الأسد الذي شهد تصاعدا ملحوظا في مخططات وإجراءات شوفينية تجاه الكرد السوريين وفي غمرة النضالات الشعبية الكردية من أجل تطبيع الاحتفال بعيد نوروز واختراق القرارات الأمنية التي حظرت كل أشكال تكريم المناسبة حتى لوكانت خارج المدن وفي الارياف حيث وصل الامر الى قيام أجهزة الامن بمنع الباصات في حي الاكراد بدمشق ( ركن الدين ) اول أيام نوروز من التوجه بمن فيها من الأهالي الى مناطق الغوطة لاحياء المناسبة بالرقص والغناء كما هي العادة مما واجهتها الجماهير بالتحدي والتوجه الى القصر الجمهوري احتجاجا سلميا على الإجراءات حيث واجهها حراس القصر بوابل من الرصاص استشهد على أثرها – سليمان آدي – الذي نقل جثمانه الى القامشلي وسط استنكار عام وتنديد بموقف السلطة العنصرية الحاكمة ومن أجل وقف الموجة الجماهيرية المناوئة للنظام أصدر الدكتاتور مرسوما باعتبار يوم الحادي والعشرين من آذار عيدا للام ويوم عطلة من دون الاعتراف الصريح بعيد نوروز كاجراء مدروس ملتو للتهدئة .
     اذا كان موقف النظام واضحا فكيف يتعامل السورييون مع ” نوروز ” ؟
   حملت مواقع التواصل الاجتماعي في الأيام الثلاثة لعيد – نوروز 23 – 22 – 21 – من هذا العام العديد من رسائل العتاب والاستغراب من جانب الناشطين الكرد السوريين حول تجاهل الغالبية الساحقة لمواطنينا من غير الكرد لهذه المناسبة التي تشكل مايشبه الاجماع كعيد قومي وحيد وموحد لكرد العالم .
 وبدون التوغل في تفاصيل ثنايا التاريخ فان كلمة – نوروز – باللغة الكردية تعني بالعربية ” اليوم الجديد ”  والمناسبة التي حصلت بداية الربيع برمزيتها التاريخية القد يمة التي تمتد الى ماقبل الميلاد بنحو أربعماية عام ( في احدى الروايات ) بزمن – ميديا – وفي ظل التعاليم الزرادشتية السائدة تعتبر في عداد الأساطير مثل غيرها لدى شعوب المنطقة والعالم ويحتفي بها بعض شعوب المنطقة كل على طريقته ( عيد الربيع – شم النسيم – الطابع الديني – رمز العظمة – رمز الخصوبة ….الخ ) فقط الكرد اتخذوا المناسبة كعيد قومي عندما نجح – كاوا الحداد – في تنظيم الثورة المنتصرة ضد حكم – أزدهاك – الظالم .
  وقد اختلطت معاني ورمزية – نوروز – بنضال الحركة الوطنية الكردية السورية منذ نشأتها قبل نحو قرن وكثيرا ما أضيفت عقوبات جراء الاحتفال بنوروز الى مجمل الاحكام الصادرة بحق المناضلين والناشطين الكرد في المحاكم السورية كما تعرض البعض الى الاستشهاد برصاص أجهزة القمع لنظام الأسد الاب والابن عندما منعت بالقوة الاحتفال السلمي ( سليمان آدي ) كان الشهيد الأول لنوروز برصاص الحرس الجمهوري وتلاه شهداء آخرون أيام نوروز في أعوام متتالية في مختلف المناطق .
  إضافة الى تجاهل وصمت من جانب غالبية الشركاء في الوطن تابعنا بألم نشر سموم عنصرية بغيضة من جانب مثقفين عرب سوريين كالتشكيك بكل مناسبات الاقوام غير العربية بسوريا مثل مناسبات ( الكرد والاشوريين والتركمان وووو ) واعتبارها مصطنعة ولاتاريخية وتآمرية ضد العرب ؟!! .
  في هذا العام وبالرغم من ” جائحة الكورونا ” تبنت أطراف دولية عيد نوروز ووجهت التهاني الى الكرد مثل : ( أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة – الرئيس الأمريكي دونالد ترامب – رئيس الحكومة الكندية ترودو – حزب اليسار الألماني – الخارجية الإسرائيلية …. ) 
  كما أن الكثيرين من الأصدقاء العرب من فلسطين وبلدان عربية أخرى احتفوا بنوروز وتلقيت شخصيا عشرات التهاني .
  أما الشركاء السورييون فمن نحو ( ٢٥ ) مليون وحسب متابعاتي على مواقع التواصل الاجتماعي لم أجد الا قلة قد تتجاوز عدد أصابع اليدين بقليل منها من مر من دون ذكر كلمة نوروز أو اعتباره عيدا قوميا للكرد وعلى الاغلب حتى لايسجل على نفسه تهمة الاعتراف بهذه المناسبة المجوسية أو الابتعاد عن اى التزام بالحقوق الكردية المشروعة ولن اذكر أسماء هذه الفئة ( المترددة ) .
 أما القسم الذي اتسم بالوضوح والشفافية واحتفى مع الكرد بالمناسبة أو هنأ الشعب الكردي فأذكر من مرت أسماءهم على مواقع التواصل واعتذر ان لم أتمكن من رصد الجميع وهم : 
 غسان المفلح – فراس طلاس – محي الدين اللاذقاني – علي العبدالله – موفق نيربية – منير الشعراني – جريس الهامس – مريم نجمة – عصام دمشقية –فريال حسين– الممثل ايمن زيدان – د صلاح عياش – طلال سلو – د بكر اتاجان – عبدالله تركماني – حازم نهار – ناديا خلوف – دهاشم سلطان – وليد النبواني – كبرييل فلو – سميرة مبيض –– يزيد عاشور – مصدق عاشور – صخر ادريس – لمى الاتاسي – جورج صبرا – مازن درويش – احمد الجبوري – الفنانة سلمى المصري – دفاضل الكاتب – .
  والسؤال المطروح هو : ماهو سبب تجاهل الغالبية العربية للعيد القومي للكرد ؟ هل لأن الحركة الوطنية السورية عموما والكردية على وجه الخصوص تتحمل مسؤولية التقصير في توضيح الحقائق التاريخية ؟ هل ان النظام المستبد هو المسؤول عن زرع النزعات الشوفينية وتجاهل الآخر المختلف قوميا ؟ ماهو السبيل لفهم تاريخنا المشترك واحترام خصوصيات البعض الآخر ؟ هل المراجعة يجب أن تشمل إعادة كتاب تاريخ سوريا بكل مكوناتها وأطيافها ؟ 
• ملاحظة أرسل بعض الأصدقاء أسماء إضافية من الشركاء السوريين الذين قاموا بواجب التهنئة بنوروز ولم يتسن لنا إضافة تلك الأسماء مع الاعتذار .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…