عام 2020 .. بداية كوردية بامتياز

عزالدين ملا
بدخولنا عام ٢٠٢٠ ، بدأ خلط جديد للأوراق، وكان أولها قيام الولايات المتحدة الأمريكية بقتل قاسم سليماني قائد فيلق القدس وراسم سياسات المخابرات الإيرانية، الذي أقلق مضجع الكثير من الدول، من خلال تحكمه بالأذرع المنتشرة في المنطقة من حزب الله في لبنان إلى الحوثيين في اليمن والحشد الشيعي في العراق، كان يعتبر سليماني التهديد الرئيسي لإقليم كوردستان وخاصة بعد الاستفتاء الذي أمر ميلشيات الحشد الشيعي بالهجوم على الإقليم، فحكمة الرئيس مسعود البارزاني وحنكته السياسية أفشل جميع المخططات التآمرية من قبل سليماني وأعوانه من الخونة الكورد. كان لمقتل سليماني تداعيات عميقة وكبيرة، حيث طلبت الحكومة العراقية من الجيش الأمريكي والتحالف على مغادرة العراق، فكان هذا الحدث سبب في توجيه أنظار التحالف إلى إقليم كوردستان، فتم نقل جميع المؤسسات السياسية والعسكرية لدول التحالف وكثير من دول العالم إلى هولير. 
الحدث الآخر والأبرز خلال الشهر الأول من العام الجديد، هو مؤتمر دافوس، الذي انعقد، يوم ٢٢ كانون الثاني عام ٢٠٢٠ ، واستمرّ على مدار ثلاثة أيام، وسط حضور مميز للرئيس نيجيرفان البارزاني فعاليات هذا المؤتمر، حيث كان له صدى وتأثير ورغبة لكثير من الدول في هذا الحضور اللافت للبارزاني، الذي له غايات ورسائل واضحة، وظهرت تلك الرغبة أثناء الاجتماعات التي حصلت على هامش المؤتمر، وكان أبرزها لقاء الرئيس الأمريكي مع الرئيس نيجيرفان البارزاني، وحضور علم كوردستان إلى جانب علم أمريكا، وما تضمّنه اللقاء من رسائل صريحة، أهمها، ما قاله ترامب للبارزاني: “انت محارب عظيم”، “من الرائع أن أكون مع البارزاني رئيس كوردستان”، “أنه اقوى شخصية سياسية في الشرق الاوسط”. يمكننا هنا ان نشير إلى بعض النقاط الهامة، مناداة الرئيس نيجيرفان البارزاني برئيس دولة كوردستان وليس رئيس إقليم، وهذا ما تصدَّره عناوين اهم الصحف الأمريكية، “الرئيس الأمريكي، دولاند ترامب يستقبل رئيس كوردستان نيجيرفان البارزاني”، وحتى صفحة بيت الأبيض أشارت بأن “الرئيس ترامب يجتمع مع رئيس كورستان”. وأيضا، حضور علم كوردستان إلى جانب علم أمريكا وفي أكبر مؤتمر اقتصادي عالمي، وهذا دليل على أهمية حضور إقليم كوردستان اقتصاديا وسياسيا، وتصريح الرئيس نيجيرفان البارزاني عندما أكد: “ان وضع العلم الكوردي في دافوس هو مبعث فخر وفرح لدى جميع الكورد في العالم, وكان احتراما للنضال والتضحيات التي قدمها الكورد على مر السنين, وأيضا احتراما لدماء شهداء حرية كوردستان”. كما لاحظنا في المؤتمر، لم يشارك احد عدا رؤساء الدول ووزراء الخارجية، والرئيس نيجيرفان البارزاني هو الوحيد لرئيس إقليم شارك المؤتمر وبدعوة رسمية، هذا دليل واضح على مكانة الكورد والإقليم في العالم. بالإضافة الى ذلك، في حديث ترامب عن وضع كوردستان سوريا، دليل على اعتبار الرئيس نيجيرفان البارزاني المعني بالكورد هناك وفي جميع أجزاء كوردستان الأخرى، وكأنه يقول أن كوردستان واحدة وأنت رئيس جميع الكورد. واكد الرئيس البارزاني في دافوس أثناء تصريح صحفي: “نحن في إقليم كوردستان سنستمر بدعم إخوتنا الكورد في سوريا حتى ينالوا حقوقهم المشروعة في إطار الجغرافية السورية”. 
وكما نقل البارزاني موقف إقليم كوردستان حول بقاء القوات الأمريكية في العراق: “هذه القوات جاءت بناء على طلب العراق في عام ٢٠١٤ لمساعدة العراق، مازلنا نؤمن بهذا ولا نزال نعتقد أن وجودهم في العراق ضروري للقضاء على داعش”. وفي هذا الاثناء أشاد الرئيس الأمريكي، بدور قوات البيشمركة خلال الحرب ضد داعش، ودور كوردستان، بأنه كان وما زال مكانا آمناً اللاجئين والنازحين. واللافت من كل ذلك هو تزامن حضور علم كوردستان في دافوس مع ذكرى تأسيس أول جمهورية كوردستانية بقيادة الشهيد قاضي محمد في ٢٢ كانون الثاني، حيث رُفِعَ علم كوردستان في ساحة جارجرا. ما حصل في مؤتمر دافوس من لقاءات واجتماعات الرئيس نيجيرفان البارزاني مع العديد من الرؤساء الدول على هامش المؤتمر دليل على مكانة الكورد لدى دول العالم، في ظل الاستقبال الكبير لزعماء الدول للبارزاني، وخاصة الرئيس الأمريكي ترامب، دليل على انه رجل سياسة بحق وله مصداقية لديهم. وسليل نهج الكوردايتي، حيث جده البارزاني الخالد الملا مصطفى البارزاني، وأبوه صانع مدرسة السياسة الكوردية الشهيد إدريس البارزاني.
يبدو أن عام ٢٠٢٠ بداية كوردية بامتياز، أصبح إقليم كوردستان محطة إلتقاء مصالح الدول الكبرى وحتى الاقليمية، وخاصة في الفوضى العارمة التي تجتاح معظم دول الشرق الأوسطية، كل ذلك بفضل الدبلوماسية البارزانية الصحيحة، فقد عرفوا السياسة، وأصبحوا جزءاً منها، حتى الدول الكبرى عندما ينظرون إلى السياسة الشرق الأوسطية وملفاتها المختلفة والمعقدة، فبشكل غير إرادي يوجهون بوصلتهم نحو إقليم كوردستان، نتيجة السياسة المرنة المترافقة مع القوة المستمدة من الحق، فتصبح إربيل عاصمة إقليم كوردستان مركز قرار دولي وإقليمي مهم لا يمكن تجاهله.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بالرغم من أنَّ التصرف الأخير للرئيس السوري المخلوع بشار الأسد الذي تمثل في حرصه الشديد على خلاص ذاته وأسرته القريبة فقط، وعدم إخبار حتى أقرب الناس إليه من محيطه العائلي أو السياسي بما سيُقدم عليه في اللحظات المصيرية، يظهر بوضوحٍ تام أنه شخص أناني وانتهازي ومريض نفسياً وغير معني أصلاً بمصير بالطائفة التي يدّعي الاِنتماء…

صلاح بدرالدين ملاحظة برسم شركاء الوطن باالإدارة الانتقالية واذا كان من حق الإدارة العسكرية ذات اللون الواحد تسييرشؤون البلاد بعد نيلها شرف اسقاط نظام الاستبداد – وهو عمل يحظى بكل التقدير – من جانب معظم السوريين الذين ناضلوايضا منذ عقود، وساهموا في اضعاف النظام، وقدموا في سبيل ذلك التضحيات الجسام، ولاشك انهم يتاملون ان يتم تنظيم الحوارات الداخلية…

فرحان كلش الملاحظ أن هناك تكالب دولي واقليمي مثير للريبة على المساهمة في تثبيت أقدام الإدارة الجديدة في دمشق، هذا الإندفاع ربما له أسبابه بالنسبة لكل دولة، فالدول الغربية تنطلق من الخطورة التي تشكلها الأحزاب اليمينية المعادية لللاجئين والتي تهدد الحكومات اليسارية واليمين الوسط الأوربي، لذلك نشهد أن هذه الحكومات تتقاطر إلى دمشق والمؤتمرات الخاصة بها بهدف التخلص من ملف…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* يتجلّى الحل الحقيقي لمشكلة الاستقرار والأمن والتعايش في إيران والشرق الأوسط بشكل أوضح، يوماً بعد يوم. وهذا الحل هو “إسقاط دكتاتورية ولاية الفقيه الحاكم في إيران”. فلماذا؟ قبل التطرق إلى الإجابة على هذا السؤال، لا بد من الإقرار بحقيقة جلية وهي أن القوة الوحيدة التي وقفت منذ البداية موقفًا راسخًا ضد دكتاتورية ولاية الفقيه،…