بهزاد عجمو
منذ تولي ترامب إدارة دفة الحكم في أمريكا وقع معظم المحللين السياسيين في حيرة من استراتيجية أمريكا بالنسبة للشرق الاوسط حيث معظمهم يرددون بان استراتيجية أمريكا هي غامضة وغير واضحة المعالم ومعهم بذلك الكثير من الحق لان ترامب هذا التاجر الملياردير الغير عارف بأسرار السياسة وجد نفسه وبقدرة من اللوبي اليهودي وإسرائيل رئيساً لأكبر دولة في العالم لذا رأيناه في الكثير من الاحيان يتخبط في تغريداته وكلام المساء يمحوه الصباح وفيه الكثير من التناقضات لأنه عندما يخطأ فيأتي من يلقنه ويدله على طريق الصواب أما بالنسبة لاستراتيجيته في الشرق الاوسط فأن الخطط الاستراتيجية توضع في اسرائيل اي ان هذه الاستراتيجية تخطط في اسرائيل وتنفذ في واشنطن
لذا فما على ترامب سوى التنفيذ ويساعده في ذلك صهره اليهودي الأصل كوشنر الى ان توصل المحليين السياسيين حقيقة بأن استراتيجية ترامب في الشرق الأوسط هي أمن إسرائيل أولاً وثانياً وعاشراً من ثم يأتي النفط ولعل ايران بطغيانها وجبروتها وعنجهيتها لم تستطع قراءة هذه الاستراتيجية وذلك بعدم تراجعها عن برنامجها النووي والصاروخي التي تهدد اسرائيل في العمق والانكى من ذلك ينزل الفرس الى شوارع ايران ويرددون ( مركه برا امريكا ومركه برا اسرائيل ) أي الموت لأمريكا والموت لإسرائيل لعلهم بذلك لم يستفيدوا من دروس التاريخ ففي عام 1944 م عقد مؤتمر في ناغازاكي باليابان وتهجم أعضاء المؤتمر على الماسونية العالمية .
وكانت النتيجة ضرب ناغازاكي وهيروشيما بالقنبلة النووية من قبل أمريكا هذه هي احدى الروايات أما الرواية الاخرى فتقول لكي يأخذ الأخرين العبرة وخاصة خصومها و يشاهدوا بما حل باليابان بعد ضربها بالقنبلة النووية .
وهناك رواية أيضاً تقول ان امريكا حصرت في زاوية ضيقة بعد أن هاجم الطيارين اليابانيين الانتحاريين الكاميكاز ورموا بأنفسهم وبطائراتهم على البوارج الامريكية ودمروا قسم من هذه البوارج اي بمعنى إذا حصرت امريكا في زاوية ضيقة فلن تتردد باستخدام القنبلة النووية .
فترامب الان هو في وضع حرج للغاية لأنه عندما رشح نفسه للرئاسة قد قدم تعهدات للوبي اليهودي ولإسرائيل بانه سيضرب المفاعل النووي الإيراني وبرنامجها الصاروخي فعليه الان ان يفي بتعهداته وخاصة بانه لم يبقى له سوى عام واحد على ولايته وإلا سيضع نفسه أمام خيارات صعبة للغاية فأما ان يقدم للمحاكمة وبالتالي يعزل او عليه ان لا يفكر بالنجاح في الانتخابات المقبلة من اجل ولاية ثانية لذا اقدم على هذه المغامرة المحفوفة بالمخاطر وهو قتل قاسم سليماني وكان بمثابة اشعال فتيل الحرب على ايران وان الاسراع بأرسال بوارجه الحربية وقواته وأسلحته الى الشرق الاوسط كل هذا يدل بان طبول الحرب المحتملة بدأت تقرع بقوة وبدأ بتنفيذ تعهداته التي وعد بها اللوبي اليهودي واسرائيل فأما ان ترفع أيران الراية البيضاء وتدخل في مفاوضات من أجل أيقاف برنامجها النووي وبرنامجها الصاروخي التي تهدد اسرائيل وانا أن تدخل في حرب مع امريكا واسرائيل معاً فهل ستختار أيران خيار المفاوضات ام خيار الحرب هذا ما سنراه في قادم الأيام .
ولكن أعتقد ان الإيرانيين يمتازون بالحكمة والخبث والدهاء سيحاولون امتصاص هذه الصدمة الكبيرة وسيتجرعون كأس المرارة لانهم يخشون من الأعظم فهم يعرفون جيداً أن إدارة ترامب قد أتخذ قرار الحرب وان هذه الحرب إذا اندلعت نتيجتها لن تكون لصالحهم بل لصالح امريكا بما تمتلك من ترسانة عسكرية هائلة لذا سيلجؤون الى ضبط النفس واللجوء الى المناورات السياسية والرهان على عامل الزمن الى ان تنقضي فترة ولاية ترامب على أمل ان ينجح الديمقراطيين في الانتخابات الرئاسية القادمة وهنا سيتنفس الإيرانيين الصعداء وسيعودون كما في عهد أوباما يعملون ما يحلو لهم وسيكملون مخططاتهم الخبيئة في المنطقة لأن لهم اعوان كثيرين بين قيادات الحزب الديموقراطي منذ عهد أوباما وحتى قبله أما ترامب فهو أيضاً لا يود الدخول في حرب لان يعلم جيداً أن معظم الناخبين الامريكيين ليسوا مع اعلان الحرب ولا زالت عالقة في اذهانهم ضحاياهم في حرب فيتنام وافغانستان والعراق ولكنه تحت ضغوط هائلة من اللوبي اليهودي وإسرائيل لذا فسيحاول في الفترة القصير القادمة جر الإيرانيين الى طاولة المفاوضات لتعديل بنود الاتفاق النووي وايقاف البرنامج الصاروخي لعل وعيسى ان يقنع اسرائيل بذلك هذا إذا وافق الإيرانيين على المفاوضات والقبول بتعديل بنود الاتفاق النووي وايقاف البرنامج الصاروخي واعتقد ان الإيرانيين سيتغلون ذلك للبدء بمناوراتهم السياسية لتضييع الوقت حتى انتهاء فترة ولاية ترامب ولكن هل سيصبر الاسرائيليين على ذلك لا أعتقد لأنهم يعتقدون ان فترة ولاية ترامب هي فرصة ذهبية لهم وان عليهم ان لا يضيعوها ويعتقدون أن هذه الفرصة لن تتكرر في المدى المنظور لذا فهنا الاحتمالات مفتوحة احتمال ان تحل هذه المعضلة سلمياً وبالمفاوضات واحتمال ان تنشب الحرب بين الطرفين وان كان الاحتمال الثاني حتى الأن هي الأرجح أي اعلان الحرب فكيف سيكون سيناريو الحرب القادمة ان خطط ضرب ايران من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو لنقل التقارير التي تحدثت عن ذلك قد ظهرت بصورة متواترة منذ سقوط بغداد في نيسان عام 2003 م على ايدي القوات الأمريكية وكان في طليعة تلك التقارير ذلك الذي كتبه روبرت فوكس في افينينغ ستاتدرد ( Evening-STadard ) اللندنية حيث تحدثت عن خطة أمريكية بريطانية مشتركة يتم التحضير لها التوجه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية وما سرب عن هذه الخطة أو بالأحرى هذا السيناريو هو غزارة القوة المستخدمة فيها وعدم استبعاد السلاح النووي وكذلك اللجوء الى صواريخ استراتيجية محملة برؤوس تقليدية وعدم تحول هذه الضربة الى غزو على النحو الذي حدث في العراق وبحسب هذا السيناريو فأن الحد الادنى للأهداف المتوخاة في الضربة الامريكية تعطيل مسار المفاعلات النووية الإيرانية و وحدات الطرد المركزي واحداث تأخر مدته سنوات في المشروع النووي الإيراني بوجه عام وهذا بالطبع ان لم يكن هناك أمكانية لتدميرها بصورة نهائية .
وكذلك تحدثت صحيفة صنداي تايمز اللندنية في مطلع عام 2007 م عن خطة اسرائيلية لضرب المنشآت النووية الايرانية ولكن يبرز السؤال التالي هل الجيش الاسرائيلي قادر على توجيه ضربة تدميرية او تعطيليه بنسبة كبيرة للقدرات النووية والصاروخية الإيرانية ولكن الواقع ان القدرات الاسرائيلية على تنفيذ ما يعرف بالهجمات العميقة تعتمد اساساً على طائرات ( F-16A) و( F-16CD ) لكن هذه قادرة على ضرب أهداف على بعد /600/ كم وحسب فيما تبتعد ايران عن إسرائيل مسافة /1000/ كم ولكن لنفترض جدلاً إذا دقت ساعة الصفر وحدث الحرب وهذا ما كانت تخطط له أمريكا واسرائيل منذ زمن بعيد وهذا الاحتمال لا يمكن استبعاده سوف تستند امريكا الى قواعدها العسكرية المحيطة بإيران من اتجاهات عدة وقد تنطلق قواتها من أفغانستان واذربيجان ومن قاعدة ديغوغارسيا العملاقة في المحيط الهندي فضلاً عن تشكيلاتها وحاملات طائراتها في البحر وقد تستخدم قواعدها في رومانيا وبلغاريا واستناداً الى تقديرات القائد السابق لسلاح الجو الامريكي الليفتينات جنرال توماس ماكنري الذي خدم /35/ عاماً في سلاح الجو الأمريكي والذي يعمل حالياً معلقاً عسكرياً لقناة foxnews فأنه في حال حدثت المواجهة مع ايران فأن على القوات الأمريكية تدمير /1500/ هدف في فترة لا تتجاوز /24/ الى /36/ ساعة وبحسب ماكنري سوف تشارك في الضربة الاستهلالية ستون مقاتلة على الاقل من طائرات الشبح ( B-2 ) ( STEALTH ) ( F – 117 ( لتدمير منظومة الدفاع الجوي الإيراني فيما ستشارك في المرحلة الثانية أكثر من /400/ مقاتلة ( B-52 , B-1 , F -15 , F16 and , f-18 , f-35 ) وستتواجد في الأجواء أثناء هذه الغارات حوالي /150/ طائرة لتزويد الطائرات بالوقود ومئات طائرات الاستطلاع من دون طيار بهدف المراقبة وجمع المعلومات كما سيتم اطلاق /500/ صاروخ ( CRUISE ) من البوارج الحربية الامريكية باتجاه اهداف داخل العمق الإيراني هذا بالإضافة الى العديد من صواريخ توماهوك أما الجانب الإيراني فأن رهانها على الرد الانتقامي يدور بصفة اساسية حول قدرتها الصاروخية البالستية والأبرز على هذا الصعيد هو صاروخ شهاب -3 الذي يبلغ مداه /1300/ كم والصاروخ شهاب -4 مداه /2000/ كم كما يصل مدى الصاروخ شهاب – 5 الذي يعمل بالوقود السائل الى /5000/ كم ويبلغ مدى شهاب -6 عشرة آلاف كيلومتر اي أنه صاروخ عابر للقارات كما أن هناك صواريخ اخرى مثل الفاتح /131/ ويبلغ مداه /500/ كم وهناك ايضاً صاروخ زلزال وهكذا فان القوة الصاروخية الباليستية الإيرانية تعوض عن الضعف النسبي لسلاحها الجوي فالدفاعات الجوية الامريكية قادرة على اعتراض واسقاط المقاتلات الايرانية لكن ليس ثمة دفاع جوي يضمن اعتراض الصواريخ الباليستية إذا اطلقت بكثافة لذا فالسماء الايراني سيكون مكشوفاً بالنسبة للطائرات والصواريخ الامريكية بينما القواعد الامريكية وقواتها في المنطقة سيتعرضون لوابل كبير من الصواريخ الباليستية الإيرانية وربما يتعرض جنودها الى خسائر كبيرة بالأرواح وهنا ستحصر امريكا في زاوية ضيقة فمن المرجع في هذه الحالة استعمال القنبلة النووية ( M61.11 ) وتفعل كما فعلت في هيروشيما وناغازاكي لكي ترفع أيران راية الاستسلام كما فعلت اليابان سابقاً في الحرب العالمية الثانية .