الفيس بوك و ما أدراك

عماد شيخ حسن 
كوسيلة تواصلٍ إجتماعي تعتبر الأشهر عالمياً غالباً ما تخرج فئةٌ كبيرة من مستخدميه كتصوّرٍ عام بإنطباعٍ و تقييمٍ جدّ سلبي إزاءه ، و بأنه مثالاً مضيعة للوقت و بوابة شرّ و صداعٍ و إرهاق و سواه للمرء ، يفتحها على نفسه دونما داعٍ أو ضرورةٍ أو فائدة .
 و لا يشعر أو لا ينظرفي المقابل بتصوري إلى هائل و عظيم عطاياه و مكارمه .
كيف ذلك….؟؟؟ لنرى :
الفيسبوك لا يمكن أن يشكّل صداعاً و حرجاً إلا لمن يأبى أن تنكشف جوانب عيوبه و مسالبه و قصوره و أخطائه و ذنوبه و مساوئه وفضائحه و  مثيلاتها ، لذلك عندما أتى رقيباً على الناس و الجماعات ، أربك البعض الكثير و حساباتهم أشدّ الارباك و أقشع عنهم ستار و سرداب الزيف و الهالة و العيوب و أرى الناس ناساً و حقيقتهم ، كما كان كاشفاً في المقابل أيضاً للكثير من الخصال و المواهب و الامكانيات و جميل الأمور و الطباع و الأوصاف لدى الناس . 
هذا كله إذا ما علمنا بأنّه ليس بالضرورة أن يكون الفيس بوك قد فعل فعلته و آثره ذاك في الناس الفيسبوكيين فقط و إنما طال ذلك غير الفيسبوكيين أيضا ، سواء أولئك الذين طالتهم أقلام أو منشورات الفيسبوكيين أو أولئك الذين علمنا أو اكتشفنا ضمناً بأنهم نأوا بأنفسهم عن الفيسبوك و ابتعدوا عنه خشية انكشاف حقيقتهم و أوزارهم و إمكاناتهم .
قد يستغرب البعض الآن من إيلائي هذه الأهمية أو الاهتمام للفيسبوك و عظيم شأنه ولا سيما بأن الكثيرين باتوا ينظرون اليه بسذاجة و سخافة و بأنه مجرّد مضيعة للوقت كما أسلفت الذكر و بأنّ شأنهم و منزلتهم أرفع بكثير من شأن و مستوى الفيسبوك و الفيسبوكيين ، بينما من جهتي لا أره كذلك على الإطلاق بل أراه بقيمة و مرتبة كتابٍ أو كتبٍ تطالعها أو أي عمل أو مهنةٍ تمتهنها أو أي خدمةٍ تؤديها .
فبما أن الإنسان كائن اجتماعي بطبيعته و لا يستطيع العيش بمعزل عن محيطه ، وبما أنه فاعلّ و متفاعل و مفيدٌ و مستفيد و مؤثّر و متأثر شاء أم أبى ، فإنه يجدّ كل هذه الأمور في الفيس بوك و عبره .
إذ لك مطلق الحرية و المجال في أن تمنح و تقدم للناس عبر هذا الأثير كل فوائد و ثمار علمك و ثقافتك و خبراتك و تجاربك و ما الي ذلك ، و لك في المقابل ذات الحريةّ و المجال في أن تنهل كل ذلك و أن تكون على إطلاع تام و قريب على كل متعلقات المجتمع البعيد و القريب منك و شؤونه . فهل هناك ثمة ما هو أهم و أعظم .
الفيسبوك يا سادة و بأمثلةٍ حية من الواقع نشر و أظهر و أكشف حقيقة الظلم و الظلّام في العالم و قسوتهم و ممارساتهم ، كما في المقابل معاناة الشعوب و ما تتعرض له بتفاصيله ، كما أظهر في المقابل أيضا الخانعين و المتواطئين و المتخاذلين إزاء كل ذلك .
الفيسبوك منبرّ لإيصال أصواتنا و صرخاتنا و نداءاتنا و ضغوطاتنا و سبيل لتضامننا و تكاتفنا و تواصلنا في الأفراح و الأتراح و ما الى ذلك .
كل ذلك يجعلنا كشعوب نامية و شعوب مضطهدة تحديداً أحوج الناس الى هكذا وسيلة و شبكة تواصل ، بالتالي لا يعني بأن عدم اهتمام الاوربيين الزائد مقارنة بنا بهذه الوسيلة أي الفيسبوك ، لا يعني ذلك بأنه بأنه دون شأنٍ و أهمية ، بل لأن واقعهم لا يضطرهم كثيرا اللجوؤء لهكذا وسيلة أو الحاجة اليها . 
في الختام أرى من الضروري لفت الانتباه الى أن المرء كمستخدم لهذه الوسيلة الاجتماعية لا يجب بقناعتي أن يحصر ذاته بقالبٍ ما و بأسلوبٍ و توجّهٍ معين ، كما لا يجب أن يلتفت كثيراً أو يتأثر بتفاعلات الناس و آرائهم و رغباتهم و مشاعرهم ، ولا بأس في الآن ذاته من أن يسمعها و أن يتلقى النصائح و من ثم يقوم بتقييمها في ميزان عقله و مداركه .
أطلق العنان لآراءك و أفكارك و لما ترغب في إيصاله ، ما دمت مقتنعاً بصفاء نواياك و ارادة الخير لديك ، و لا شك بأن الصعوبات و المشاق و حتى التهديدات ستواجهك و ستعاني و لكن الصبر كفيلٌ بإنصافك .
بقي أن أشير و أؤكد بأنّ موضوعي المطروح هذا و دعايتي هذه لمارك و لفيسبوكه هي مجانية و لا أتلقى منه لقاءها أية دولارات و لست تابعاً لاستخباراته و لآلة الحرب الخاصة به .
دمتم في صونه و رعايته 
ألمانيا ٩/١/٢٠٢٠

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أحمد خليف* بعد انتهاء حقبة بيت الأسد، تلوح في الأفق تحديات جديدة، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة انتقادات وأسئلة مشروعة من رجال الأعمال والمستثمرين السوريين، حول مدى التزامها بالشفافية في منح المشاريع والمناقصات، في وقت تنتظر فيه البلاد إعادة الإعمار والانطلاق نحو المستقبل. يبدو أن غياب الإعلان الرسمي عن بعض المناقصات والمشاريع، وتوجيهها بطرق غير واضحة، يُثير مخاوف…

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…