نظرة عامة على إدانات المجتمع الدولي الأخيرة لنظام الملالي ونتائجها (1-2) ضرورة اتخاذ خطوة عملية لمحاكمة ومحاسبة زعماء نظام الملالي

بقلم عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*

في أعقاب قطع الاتصال بالإنترنت وقتل المنتفضين في إيران على أيدي نظام الملالي، انهالت موجة من الإدانات الدولية على هذا النظام وسرقت النوم من أعين خامنئي، ولي فقيه الملالي. إذ كان يرمي من وراء قطع الإنترنت في الأيام الأولى لانتفاضة نوفمبر 2019، إلى أن يرتكب مذبحة مثل مذبحة 30000 سجين سياسي ومناضل من مجاهدي خلق في عام 1988، وهذه المرة ليس في السجون بل في شوارع المدن الإيرانية. واستشهادًا بالمصادر الموثقة للمقاومة الإيرانية وصل عدد الشهداء حتى الآن إلى أكثر من 1500  شهيد من ضحايا هذه المذبحة، وبفضل المقاومة الشجاعة للشعب وشرعية المقاومة الإيرانية يواجه نظام الملالي الآن موجة غير مسبوقة من الإدانات العالمية، على النحو التالي:
صدقت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، يوم الأربعاء الموافق 18 ديسمبر 2019، بالإجماع على  قرار من الحزبين يدين نظام الملالي على استخدامه للقمع البربري لانتفاضة الشعب الإيراني، ويدعم مطالب الشعب ويطالب الإدارة الأمريكية بتشكيل اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وإدانة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في إيران، ووضع آلية لمجلس الأمن لمراقبة انتهاكات نظام الملالي لحقوق الإنسان”.
ومن جانبه، أصدر البرلمان الأوروبي في 19 ديسمبر  قرارًا بموافقة 566 صوتًا ورفض 4 أصوات فقط يدين فيه مذبحة الشعب الإيراني على يد نظام الملالي القمعي خلال انتفاضة نوفمبر في جميع أنحاء إيران، ودعا الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيقات شاملة حول أحداث هذه الانتفاضة.
وبموافقة الأغلبية اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي أعلى سلطة مرجعية في العالم، في اجتماعها هذا العام القرار رقم 66 الذي يدين ديكتاتورية الملالي.  وأعرب المجتمع الدولي في هذا القرار عن قلقه من انتهاكات حقوق الإنسان الأساسية والحريات الأساسية وعدد حالات الإعدام الكبير، لا سيما إعدام الأحداث، فضلاً عن التعذيب والمعاملة القاسية في السجون على أرض الواقع وفي نصوص قوانين النظام الديني الحاكم في إيران.   
وفي تصعيد آخر من الإدانات الجديدة للنظام المتعطش للدماء الذي يحكم إيران، أعلنت “اللجنة الدولية للبرلمانيين لإيران ديمقراطية” في بيان مشترك بأنه “عشية اليوم الأربعين لاستشهاد أكثر من 1500 شخص من الثوار في إيران على يد قوات الأمن في نظام الملالي أصدر أكثر من 200 برلماني من 14 دولة حول العالم بيانًا أعلنوا فيه عن تضامنهم مع أسر الشهداء ودعم مظاهرات ملايين الإيرانيين المناهضة للحكومة في 191 مدينة في جميع أرجاء إيران من أجل إرساء الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، وطالبوا بالإفراج عن جميع المعتقلين.  وبالإضافة إلى البرلمانيين، وقع على هذا البيان كل من وزير الخارجية الكندي السابق، جون بيرد، ووزير الخارجية الإيطالي السابق جوليو تيرتزي، وصالح القلاب، والدكتور فيصل الرفوع، الوزيرين السابقين في الحكومة الأردنية، ووزيرة التعليم المغربية السابقة نجيمة طاي طاي، ومستشار وزير الدفاع اليمني، يحيى أبو حاتم. 
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو : ما هو الدور الذي تلعبه المقاومة الإيرانية، بقيادة السيدة  مريم رجوي، في موجة الإدانة هذه؟
في نظرة عامة على أنشطة المقاومة الإيرانية وإنجازاتها الضخمة، خاصة في الكونغرس الأمريكي والبرلمان الأوروبي يتضح دور المقاومة في موجة الإدانات الأخيرة. فتزامنًا مع توسع أنشطتها داخل إيران، استطاعت المقاومة بأنشطتها المستمرة مثل تنظيم مظاهرات أنصارها في مختلف بلدان العالم، والكشف عن الجرائم المتعلقة بقتل المواطنين على يد نظام الملالي، فضلاً عن تقديم التقارير إلى الحكومات والبرلمانات والمنظمات ودوائر حقوق الإنسان والدوائر السياسية والصحفية في العالم أن توصل صوت الشعب المنتفض في المطالبة بحقوقه المشروعة إلى أقصى نقاط العالم وحث شعوب العالم على الوقوف بجانب الشعب الإيراني ودعم المطالب المشروعة للثوار الإيرانيين، وتمثل ذلك الموقف العالمي في موجة الإدانات الأخيرة وكذلك في اعتراف وكالة “رويترز ” للأنباء بالإحصاء المتعلق بعدد الشهداء الذي أعلنت عنه المقاومة الإيرانية ويحتوى على استشهاد 1500 شخص.  وحتى الآن، أعلنت المقاومة الإيرانية عن أسماء أكثر من 600 شخص من هؤلاء الشهداء مدعومة بصور عدد كبير منهم، في خطوة صدمت زعماء نظام الملالي وبثت الرعب في قلوبهم وأثارت غضبهم. 
وتجدر الإشارة إلى أنه عقب اعتماد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رحبت السيدة مريم رجوي بالتصديق على هذا القرار وإعراب المجتمع الدولي عن قلقه من انتهاك حقوق الإنسان الممنهج في إيران مؤكدة ضرورة محاكمة ومحاسبة الزعماء والمسؤولين الرئيسيين في نظام الملالي على ما ارتكبوه من مذابح أثناء انتفاضة الشعب الإيراني التي استشهد فيها أكثر من 1500 شخص وارتكابهم مذبحة الشوارع فضلًا عن التورط في جرائم كبرى  مثل مذبحة 30000 سجين سياسي في عام  1988 .  ويجب على مجلس الأمن، على وجه الخصوص، أن يعلن أن قتل الثوار جريمة ضد الإنسانية وأن يرسل لجنة لتقصي الحقائق إلى إيران  لتفقد سجون هذا النظام والوقوف على وضع السجناء. ويجب تقديم الآمرين لارتكاب هذه الجريمة البشعة ومرتكبيها إلى العدالة “.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…

عزالدين ملا عندما اندلعت الثورة السورية، كان أول مطالبها إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد وحوّلها إلى مزرعة لعائلته وأزلامه. كانت هذه المطالب تمثل رغبة شعبية في التحرر من عقلية الحزب الواحد والفكر الشمولي، التي أدت إلى الاستبداد والديكتاتورية وقمعت الأصوات المخالفة. إلا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام كشفت عن تحديات جديدة أمام بناء سوريا…

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…