ازمة قارئ ام ازمة كاتب

خالد بهلوي 
لأهمية الكتاب الذي هو جوهر المعرفة فالعلم كم تراكمي لا نهاية له مهما قرأ الإنسان يجد نفسه بحاجة إلى قراءة أكثر ومن هذه المثابرة ينتقل الإنسان من مرحلة قارئ إلى مرحلة كاتب ولكل مرحلة مر فيها القارئ والكتاب والكاتب سماتها الخاصة بها.
أرى من المفيد أن نتطرق بعجالة إلى عصر التنوير قبل 200 عاماً.
ونتذكر فولتير وجان جاك روسو وغيرهم من الفلاسفة الذين كان لهم الأثر الأوضح في تاريخ أوروبا من القادة (الساسة والاقتصاديين) حيث كان هدفهم البحث عن حرية الكلام والكتابة لذلك كان لهم الدور الاعظم في تقدم اوروبا.
عندما دمر الأسبان حضارة المايا وأحرقوا كتبهم تراجعت ثقافتهم وأصبحوا في الزوايا المظلمة من العلم والمعرفة بعد أن كانوا إمبراطورية عظيمة غنية بالحضارة والثقافة فدور المثقف والكتاب والكاتب كان واضحا فاصبح الكتاب لاغنى عنه لدى كل فرد أوروبي.
سابقا كنت تشاهد  في اوروبا كيف يقبل النساء قبل الرجال إلى القراءة في القطارات والحافلات العامة وفي الحدائق وحتى على شاطئ البحر وقت الاستجمام وإنهم لا يضيعون وقتهم سدى. 
 اما الان تراجع بشكل واضح الاهتمام بالقراءة لطغيان الكمبيوتر والانترنيت والفيس وكافة شبكات التواصل الاجتماعي .
أن تراجع الكتاب وأزمة القارئ وتقدمه له أسبابه ومظاهره أهمها العامل الاقتصادي وحالة عدم الاستقرار النفسي للعاطلين عن العمل الباحثين عن لقمة العيش وهؤلاء ينصرفون إلى مشاهدة المباريات الرياضية وبرامج التلفزيون الترفيهية لنسيان همومهم ومتاعب الحياة
ومن يجد عملا يعمل نهارا ويتبعه بعمل ليلي آخر لتامين متطلبات الحياة المتزايدة دون هوادة فأين يجد وقته للقراءة أو كيف يفكر بشراء كتاب أصبح سعره يكفي طعام يومين لأسرة متوسطة الأفراد
والبعض الاخر اصبح كاتبا على صفحات الانترنيت دون ان يقرا كتابا. 
إن ظهور الانترنيت والمحطات التلفزيونية والهيمنة الإعلامية والموجهة نحو هدف معين أغرقت سهراتنا بالبرامج الرخيصة والمبتذلة وابعد قارئنا دون إن يدري عن لذة القراءة الورقية ومتعة الانسجام مع الكاتب .
إضافة إلى توفر الكتاب والصحف الالكترونية وأصبحت في تداول الكثير فخلال دقائق تستطيع الدخول إلى مكتبة واقتناء أي كتاب ترغب وتنسخه في حاسوبك. 
إنني اعتقد أن القارئ بقي في أزمة لان الكتاب والعلم لم يعط الحياة السعيدة للفرد في بلداننا
أن أزمة القارئ ينعكس على قدرة الكاتب على العطاء فإذا توفر للكاتب المال لطباعة كتاب فان النسخ تبقى في المكتبات دون بيع ويصبح الكاتب يبحث عن قارئ صديق ليهديه الكتاب او ليساهم معه في نشره وتوزيعه لتعميم الفائدة من الفكرة والبحث العلمي. 
لهذا يضطر الكاتب نفسه البحث عن سبيل آخر للعيش أو يأكل على موائد السلاطين
أننا نعيش أزمة ديموقراطية وحرية الكتابة والرأي الآخر أكثر من أزمة كتاب وقارئ وكاتب
فمن مدح السلطان عاش سعيدا ومن ؟؟؟   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…

عزالدين ملا عندما اندلعت الثورة السورية، كان أول مطالبها إسقاط نظام عائلة الأسد، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد وحوّلها إلى مزرعة لعائلته وأزلامه. كانت هذه المطالب تمثل رغبة شعبية في التحرر من عقلية الحزب الواحد والفكر الشمولي، التي أدت إلى الاستبداد والديكتاتورية وقمعت الأصوات المخالفة. إلا أن المرحلة التي تلت سقوط النظام كشفت عن تحديات جديدة أمام بناء سوريا…

د. محمود عباس هل نستطيع أن نقول أن الفيدرالية لغرب كوردستان والنظام اللامركزي في سوريا باتا أقرب إلى السراب؟ ليس فقط بسبب رفض الدول الإقليمية لها خشية من تحولات كبرى قد تعيد تشكيل المنطقة، ولا لأن الفصائل الإسلامية المتطرفة مثل هيئة تحرير الشام وحلفائها لديهم من القوة ما يكفي لفرض مشروعهم الإقصائي، بل لأن الكورد أنفسهم، وهم القوة…

إبراهيم كابان لطالما شكّل الواقع الكردي في سوريا ملفًا معقدًا تتداخل فيه العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، حيث تسعى الأحزاب الكردية إلى تحقيق مطالبها ضمن إطار وطني، لكنها تواجه تحديات داخلية مرتبطة بالخلافات السياسية، وخارجية متصلة بالمواقف الإقليمية والدولية تجاه القضية الكردية. فهل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا توحيد موقفها ضمن إطار تفاوضي واحد عند التوجه إلى دمشق؟ وما هي العوامل…