عبدالرحمن کورکی (مهابادي)*
قال علي خامنئي، ديكتاتور إيران في اليوم الخامس لانتفاضة الشعب الإيراني في 19 نوفمبر أثناء اجتماعه مع مجموعة من متقاضي الرواتب: “لقد أجبرنا العدو على الانسحاب من ميدان الحرب العسكرية والسياسية والأمنية”. كما أن حسن روحاني، رئيس الجمهوريه الفاشل بينما كان يشيد بعلي خامنئي في اجتماع مجلس وزرائه زاد على خامنئي في الوقاحة الخاصة بالملالي ووصف الثوار بـ “مثيري الشغب” و بـ “المعادين للوطن” و “الأوغاد” و “الإرهابيين”. والسؤال هو، من هم الذين يُطلق عليهم اسم”الشعب” من وجهة نظر نظام الملالي؟
وفي مناظرة متلفزة حول الجولة الثانية عشرة من رئاسة جمهورية الملالي، قال الحرسي محمد باقر قاليباف إن نظام الملالي يحظى بدعم 4 في المائة فقط من الشعب الإيراني. لذلك يمكن أن نستنتج أن من يُطلق عليهم اسم ” الشعب” من وجهة نظر خامنئي وروحاني وغيرهم من قادة هذا النظام، هم من ينتمون إلى هذه المجموعة من الإيرانيين البالغ نسبتهم 4 في المائة فقط من إجمالي عدد السكان البالغ 85 مليون نسمة. ومن المحتمل أن قاليباف لم يكن يعلم في ذلك اليوم على أي حقيقة واضحة ومهمة، سلط الضوء. فقد قسم المجتمع إلى أقلية حاكمة نسبتها 4 في المائة وأغلبية نسبتها 96 في المائة.
وبالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون إلا القليل عن هذا النظام الفاشي، فإنه كان من الواضح مسبقًا أن ثقافة وأدب الملالي الحاكمين في إيران تحتوي على كلمات مثل الإسلام والشعب الإيراني المسلم وإيران الإسلامية والشعب الإيراني، وما إلى ذلك، وهي ألقاب مبتدعه تشير إلى مجموعة الـ 4 في المائة من السكان التي تحدث عنها قاليباف. وإلا فإن الفرق بين الثرى والثريا أي الفرق بين الإسلام وإيران والشعب وبين هذه الحفنة من الجناة والقتلة واللصوص!
ولذلك، من الطبيعي أن يفخر أي إيراني يعارض نظام الملالي الفاشي بتلقي ميداليات مثل الوغد والإرهابي ومثير الشغب، وما إلى ذلك من قبل الولي الفقيه وزبانيته.
في الآونة الأخيرة، صرحت الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانيةر السيدة مريم رجوي في موقف واضح ضد قادة نظام الملالي، قائلةً:
“إذا كانت الانتفاضة من أجل الإطاحة بولاية الفقيه وإرساء الحرية والديمقراطية والمساواة؛ تعتبر أعمال شر والإخلال بالأمن من وجهة نظر نظام الملالي، فإن شباب الانتفاضة ومعاقل الانتفاضة وجميع مجاهدي خلق والمناضلين يفتخرون بذلك”.
وتشهد المدن الإيرانية الآن مشهدًا من مشاهد العصيان مرة أخرى متمثلًا في الانتفاضة والتعاطف بين المواطنين. فبعد 40 عامًا من إجرام الملالي ونهبهم لثروات الشعب، لم يعد لدى الناس شيئًا يبكون عليه، ولاسيما الشباب الفدائيين الذين انتفضوا. فقد فقد أكثر من 300 شخص أرواحهم، معظمهم من الشباب الإيراني خلال أسبوع واحد من بدء الانتفاضة. ويزيد عدد المصابين عن 4000 شخص، كما يتجاوز عدد المعتقلين 10000 شخص.
وقال قائد المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي، في رسالته في 4 نوفمبر : “إن حكم الملالي سيحل به الكثير من زلازل الإطاحة” ” وأكد قائلًا: “يجب علينا أن نعد العدة لشن أقصى هجوم والحرب الشاملة” . وبعد 10 أيام، رأى الجميع بأم أعينهم زلازل الإطاحة بالملالي”.
والنتيجة هي أن الانتفاضة تتحرك الآن في سياقها القانوني وتتقدم نحو النصر. إن الشعب الإيراني وفي طليعته معاقل الانتفاضة التي تضطلع بدور توجيه الانتفاضة وقيادتها، يزداد غضبه كل يوم ويزداد صلابة وإصرارًا على ضرورة الإطاحة بالنظام الديني الفاشي الحاكم في إيران.
والآن، يفتح الشعب ورجال الانتفاضة قضايا جرائم الملالي ونهبهم. فقد يأسوا من صمت وتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة الملالي وتحملوا مسؤولية فتح قضايا الملالي بأنفسهم. ففي عهد خميني وبعد وفاته يسعى خامنئي للتستر على جرائمه ونهبه لثروات الشعب من خلال حشد كافة أجهزته، ونشر معلومات كاذبة وتشويه صورة المقاومة الإيرانية (ولا شك في أن المسترضين الغربيين رافقوه وتواطأوا معه في هذا العمل المخزي) والتصوير بأن نظامه مستقر، وفي الوقت نفسه، وصف المقاومة الإيرانية وقوتها المركزية، أي مجاهدي خلق بأنهم انتهوا ولا وجود لهم وليس لهم قاعدة شعبية في المجتمع. ولكن كما يقول قائد المقاومة الإيرانية، السيد مسعود رجوي : ” هل يمكن منع الربيع من الحلول ومنع الشمس من الشروق ! “
الآن وفي السنوات الأخيرة، لا بد وأن رأى علي خامنئي وغيره من قادة نظام الملالي نتيجة محاولاتهم الفاشلة في منع انتفاضات الشعب الإيراني الصاخبة التي هزت نظام الملالي برمته في كل خطوة من خطواتها. وإذا كانوا قد حاولوا ذات يوم التستر على مذبحة 30 ألف سجين سياسي في عام 1988، فالآن أسرع الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا برغبتهم إلى ميدان المعركة لقتال الملالي. وهذا يعني أن هناك مقاومة متأصلة وقوة منظمة تقوم بدور فعال في الميدان.
إن ما رأيناه في إيران خلال العامين الماضيين في ظل احتلال الملالي يدل على أن الأوضاع لن تعود إلى ما كانت عليه بعد اليوم وأن الإطاحة بهذا النظام بات أمرًا حتميًا وبات وشيكًا. فجرائم هذا النظام الفاشي لم ولن تُنسى، ولن يسامح الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية المجرمين.
وفي الآونة الأخيرة كتبت السيدة مريم رجوي في رسالة بعنوان ” إيران العاصية تنتفض”، قائلةً: “جيش العاطلين عن العمل والجوعى، وجيش النساء والمضطهدين، وأولئك الذين ليس لديهم ما يفقدونه سوى سلاسلهم، لن يقفوا مكتوفي الأيدي ولن يستسلموا. ولا يفكرون في الإصلاح واستقطاب الشرطة وقوات الحرس لنظام الملالي، بل يريدون استئصال هذا النظام من جذوره “
وأضافت: ” لم يعد من شأن ”الإمدادات الغيبية“ واسترضاء الحكومات الغربية، ولا لعبة الإصلاحي والأصولي، ولا الحرب والجريمة في العراق ولبنان وسوريا، ولا العكاز النووي، ولا أموال النفط المنهوبة، ولا حتى البلطجيين المتنكرين بالزي المدني وفئة العناصر الاستخباراتية المتعددة الأوجه والملونة؛ أن تشفي ألمًا ولا من شأنها أن تنقذ نظام الملالي من الانهيار الحتمي “.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.