سورية… حلبة مصارعة

عزالدين ملا
لم تخرج الأزمة السورية من إطارها العام منذ أكثر من ثماني سنوات، وما زال في ذاك المستنقع المرعب، بل إزداد أكثر تعقيدا، فالدول المتصارعة داخل الحلبة السورية عددهم أكثر مما نتصور، فمن الدول الكبرى أمريكا وروسيا، ومرورا بالدول الاقليمية تركيا وايران ودول الخليج، ناهيك عن الأدوات والأذرع التي تتصارع نيابة عن أسيادها، وما أكثرها، جميعها في صراع مستمر من أجل مصالح أمريكا وروسيا، بينما الأدوات والأذرع تجهل ما يدور في الخفاء؟؟ سوى تنفيذ أجندات تلك الدول، وتحقيق غرائزها الحقدية على بعضها البعض، أما الشعب المغلوب على أمره، مستسلم للأمر الواقع وكأنه جسد مريض يحتضر وينتظر الرّحمة لشفائه.
أما الدول الكبرى تستمرُّ في صراعها داخل الحلبة، وتقوم بتبديل الأدوات والأذرع حسب الحاجة والضرورة، يشبه الوضع السوري، بحلبة المصارعة حيث يتبارى اللاعبين أي الأدوات والأذرع، ويقوم أناس آخرين أصحاب النفوذ بالرهان على هذا اللاعب أو ذاك، كما تفعل أمريكا وروسيا، وتستمرُّ المباراة إلى أن يقضيّ أحدهما على الآخر، فيقومون بتبديل اللاعبين، وكلّما استمرّت المباراة أكثر كلّما زاد الرهان، وعندما تنتهي المباراة، يكون قد قضى اللاعبين على بعضهم البعض، ويفوز اللاعب الأخير، ولكن يكون قد أُنهِكَ من الضربات المبرحة، أمّا المُراهنين قد نالوا ما نالوه من الأموال الطائلة، ولم يخسروا شيء، بل ربحوا دون عناء أو تعب، وهذا ما يحدث داخل الأرض السورية، أمريكا وروسيا الدولتان اللتان تستنزفان أموال وثروات البلد دون عناء، وتقومان ببيع منتجاتها من التسلح لتلك الأدوات والأذرع، وتقوم الأخيرة بالصراع فيما بينها كـ لاعبيِّ المصارعة، يستنزفون نفوذهم وقوتهم على حساب زيادة نفوذ وقوة أمريكا وروسيا ودون ان تخسرا شيئاً.
فالخاسر الوحيد والأكبر في هذا وذاك هم الشعب السوري المنهك مادياً ومعنوياً، وجُرِدَ من وطنه وحقوقه وكرامته وحتى إنسانيته.
الحل الوحيد لعودة إنسانية المواطن السوري هو ترك الأحقاد والأنانية والعقلية العنصرية، وتقبُل بعضهم البعض، وفتح صدورهم وقلوبهم على بعض، وجمع شتاتهم ولم شملهم، بذلك يُجبر الدول الكبرى والاقليمية بالرضوخ للشعب السوري، وبذلك يتم فتح المجال أمام الحلّ السياسي، ووضع برامج وخطط مستقبلية، ووضع دستور يضمن حقوق جميع مكونات سوريا، فيتحقق الأمان والسلامة، وبناء الدولة السورية الحديثة، وطن يضم جميع مكوناتها العرقية والاثنية. 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…