الانتخابات التي تبدي ظاهراً مدى ديمقراطية بلد مثل تركية، غالبية شعبه مسلمون شبه أصوليون، في حين يحكم البلاد من خلف الستار، جيش لا ديني متمسك بعلمانية مؤسس الدولة التركية الحديثة مصطفى كمال أتاتورك، وأردوغان الذي ظهر كقيادي سياسي شاب، ومنذ بدايته السياسية تعهد أن يمضي قدماً في الاصلاحات السياسية، والاقتصادية المطلوبة للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.
لكن رغم كل ذلك الفوز يفتقر حزبه إلى أغلبية الثلثين في البرلمان، اللازمة لتغيير دستور تركية، ويتعين عليه التحالف مع أحزاب علمانية، وقومية للمضي في مشاريعه.
حزب العدالة والتنمية، سيواجه القوميين الأتراك الذين سيمنعون بكل ما أوتيوا من قوة، منح المزيد من الحقوق للأقليات العرقية، والدينية وبخاصة الكرد، الحليف الأكثر استراتيجية لأردوغان، وخاصة بعد حصول حزبه على أعلى النسب في مناطق كردستان تركية.
كما أن الاصلاحات الاخرى التي يريدها الاتحاد الاوروبي، وإرسال المزيد من القوات إلى الحدود مع كردستان العراق، للقضاء على مقاتلي حزب العمال الكردستاني القوة المسلحة المعارضة، التي يقاتلها الجيش التركي منذ عام /1984/ في صراع راح ضحيته أكثر من 30 الفاً.
كل هذا سيكون في الأجندة.
من الناحية الاقتصادية والأهم بالنسبة لأردوغان، يرى اقتصاديون أنه يمكن أن يمضي الأن قدماً في سياسات السوق الحرة، التي أدت بالفعل إلى نمو اقتصادي كبير، واستئناف محادثات الانضمام للاتحاد الاوروبي المتعثرة، رغم أن التململ المتزايد في تركية من مماطلة الاتحاد في قبول انضمام تركية، ومقاومة فرنسا لمساعيها الانضمام للاتحاد، مثيرة بذلك قضية الإبادة الجماعية للأرمن، قد تثيران مشاكل في المستقبل.
البرلمان التركي الجديد يواجه جملة من التحديات، القضية الكردية في تركية، وإتمام المباحثات للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، كما أن مقارعة مقاتلي حزب العمال الكردستاني، والانقسام المتزايد حول دور الإسلام في المجتمع التركي، وزيادة مخاوف العلمانيين من أن الحكومة الإسلامية، قد تزيد من التأثير الديني على السياسية في تركية العلمانية، من أهم المواجهات التي سيخوضها العدالة والتنمية، التي يجب أن يتوخى الحذر فيها.
رغم أهمية علمانية الدولة التركية وعدم أسلمتها، تعتبر القضية الكردية في تركية، من أهم القضايا التي تعيقها من دخول القفص الذهبي الأوربي، والتي غالباً تجابه محادثاتها بسيل من الأستفسارات والمطالبات، بحل المعضلة الكردية، والتي يطالب الكرد فيها، بالمزيد من الحريات، والديمقراطية، والحقوق الأساسية، السياسية والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية للقومية الكردية فيها.
كما أنها تعتبر من أهم القضايا الداخلية، التي يواجهها حزب العدالة والتمنية، لما لهذه المشكلة من دور في خلق توتر في المؤسسة الحاكمة، والمتأزمة بين الجيش العلماني القومي، وبين الإسلاميين الصلاحيين، الذي يعول الكرد عليهم الكثير، مؤكدين على الدوام بأن مهمتهم في البرلمان المساهمة في السلام والديموقراطية، مع المطالبة برؤية جديدة للمشكلة الكردية.
وركز المرشحون الكرد في حملتهم على عنوان المصالحة بين الشعبين الكردي والتركي، وطالبوا أنقرة بالتخلي عن الخيار العسكري ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني، وبمنح القومية الكردية المزيد من الحقوق.
هذا الانتصار للعدالة والتنمية، يفتح لها المزيد من الآفاق التي قد تستهلها بالإنضام للاتحاد الأوربي، والسعي الحقيقي والجاد لحل القضية الكردية في تركية التي آن الآوان لحلها.