فأهالي (سيبا شيخ خدرى) الذين راح منهم خمسة وعشرون شهيدا وما يقارب الأربعين جريحا، محظوظون قياسا لأهالي (كر عزير) الذي سقط منهم أكثر من سبعمائة بريء وبريئة بين شهيد وجريح ومفقود..
حسرة الجريح العائد قدح ماء بارد..!
(رشو علي رفو) الذي كان يرافق ابنه الجريح قال لنا: ماذا أقول لكم؟ هل أتكلم عن الكهرباء التي لا تزورنا في اليوم الواحد أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات؟؟ أم تريدون أن تسمعوا شكاوينا من شحة مياه الشرب؟ هل تعقلون إن الجريح العائد يحلم بقدح ماء بارد؟
أعطيناه سيجارة كي يجمع أنفاسه ويتكلم بهدوء، فقال: يا أخي الكريم، نحن دائما نشتري مياه الشرب من السيارات الحوضية، أما مياه الآبار غير الصالحة للشرب فهي من نصيب الفقراء والبؤساء ممن لا طاقة لهم على شراء المياه العذبة، و سعر قالب الثلج لدينا فقد بلغ (8000) ثمانية آلاف دينار، وهذا يشكّل مشكلة لأكثرية سكان سيبا شيخ خدري..!
طلاب مدارس حفاة بملابس بالية..!
اخذ نفسا قويا من سيجارته، وقال بحسرة: نحن لسنا بشر، أطفالنا في المدارس حفاة، ملابسهم بالية وممزقة، البطالة تأكلنا، لم تمطر لدينا السماء منذ عشر سنين ونحن فلاحين نعتمد على الزراعة، وفي نفس الوقت غالبيتنا ليس لهم إمكانية حفر آبار لإرواء مزروعاتهم..
لو زرتنا لن تجد غير الغبار الذي (يلعب) في شتى أرجاء مجمعنا..!
تناول قدح ماء وقال: والله والله والله إنني مستعد للعيش حتى في (إسرائيل) من اجل أن اشبع ومعي أهلي من المياه الحلوة فقط..! وأضاف : يا أخي هل يعقل في هذا العصر حيث الانترنت والصحون اللاقطة والتكنلوجيا أن توجد بلدة سكانها أكثر من خمسون ألف نسمة لا يوجد فيها أي نوع من الخدمات الإنسانية؟؟
نسائنا تموت عند الولادة..!
بدون أسئلة راح محدثنا يتكلم: لا يوجد لدينا ماء، ولا كهرباء، ولا شبكة هواتف أرضية، ولا شبكة (موبايلات) ولا مجاري، وطرقنا ترابية بامتياز..
بل إن عدد من نسائنا يلاقين حتفهن عندما تأتيهن ساعة الولادة ليلاً، وذلك لأننا نخشى الخروج ليلاً من مجمعنا من الإرهابيين، وهذا الأمر ينسحب على من يصيبهم مرض مفاجئ من أهالينا ليلاً الذين عليهم أن يتحمّلوا الألم مهما كان نوعه حتى الصباح..! نحن معزولين عن الحضارة، نحن نعيش لوحدنا بقدرة الله، ليس هناك دولة أو قوانين أو خدمات، نحن نعيش بأنفسنا..!
مواطن غيور أنقذ سيبا شيخ خدري من كارثة
لان ما سمعناه من محدثنا أصابنا بالقهر والحزن، حاولنا تغيير مجرى الحديث، وسألناه عما أصابهم، فقال: نحمد الله على كل شيء، ولكن ينبغي أن نشيد بالمواطن (….) من أهالي سيبا شيخ خدرى الذي تصدى للشاحنة الثانية المفخخة و أمطرها بوابل من النار حال اقترابها من المجمع وبالتالي انفجرت دون تحقيق أهدافها، حيث إن الذين أصيبوا بجروح جراء انفجارها لم تستوجب حالتهم مراجعة الأطباء.
مطاليب للقيادة الكوردستانية
وعن مطاليبهم، قال: نحن نطالب من القيادة الكوردستانية أن تزيد من عدد البيشمركة في مناطقنا، وإذا تعذّر ذلك، نطالبهم بتشكيل أفواج من أبناء عشائر سنجار، وهذا الأمر ما عدا انه سيساهم بالقضاء على البطالة، فإنني أُقسم لكم بأننا سنمنح القوى الأمنية استراحة طويلة الأمد، وسنتكفل بحماية مناطقنا من الإرهابيين فنحن (نعرف دوائهم) ولكن يعوزنا السلاح فقط..!