في سيبا شيخ خدرى.. لا اتصالات، لا ماء، لا كهرباء، ليس هناك سوى الغبار..!

خدر خلات بحزاني/ دهوك

لكونهم يراجعون مقر الهيئة العليا لمركز لالش في دهوك قبيل عودتهم لمناطقهم المنكوبة، من اجل الحصول على مبلغ بسيط يغطي نفقة عودتهم لديارهم ناهيك عمّا يتلقونه من مساعدة حال وصولهم، ومن اجل نقل جزء بسيط من معاناتهم نحاول أن نستدرجهم بالحديث، ونقصد الجرحى والمرافقين لهم من أبناء منطقتي (كرعزير) و (سيبا شيخ خدرى) كي نوصل أصواتهم لمن يهمه الأمر عسى ولعلّ أن نجد من يصغي إلينا.

التفاوت الهائل في أرقام الضحايا بين (كرعزير) و (سيبا شيخ خدرى) لا يمنع من وجود معاناة مشتركة وهموم تتشابه وتجمعهم مثلما جمعهم العمل الإرهابي ومزج ترابهم بدمائهم الطاهرة.

فأهالي (سيبا شيخ خدرى) الذين راح منهم خمسة وعشرون شهيدا وما يقارب الأربعين جريحا، محظوظون قياسا لأهالي (كر عزير) الذي سقط منهم أكثر من سبعمائة بريء وبريئة بين شهيد وجريح ومفقود..

حسرة الجريح العائد قدح ماء بارد..!

(رشو علي رفو) الذي كان يرافق ابنه الجريح قال لنا: ماذا أقول لكم؟ هل أتكلم عن الكهرباء التي لا تزورنا في اليوم الواحد أكثر من ساعتين أو ثلاث ساعات؟؟ أم تريدون أن تسمعوا شكاوينا من شحة مياه الشرب؟ هل تعقلون إن الجريح العائد يحلم بقدح ماء بارد؟
أعطيناه سيجارة كي يجمع أنفاسه ويتكلم بهدوء، فقال: يا أخي الكريم، نحن دائما نشتري مياه الشرب من السيارات الحوضية، أما مياه الآبار غير الصالحة للشرب فهي من نصيب الفقراء والبؤساء ممن لا طاقة لهم على شراء المياه العذبة، و سعر قالب الثلج لدينا فقد بلغ (8000) ثمانية آلاف دينار، وهذا يشكّل مشكلة لأكثرية سكان سيبا شيخ خدري..!

طلاب مدارس حفاة بملابس بالية..!

اخذ نفسا قويا من سيجارته، وقال بحسرة: نحن لسنا بشر، أطفالنا في المدارس حفاة، ملابسهم بالية وممزقة، البطالة تأكلنا، لم تمطر لدينا السماء منذ عشر سنين ونحن فلاحين نعتمد على الزراعة، وفي نفس الوقت غالبيتنا ليس لهم إمكانية حفر آبار لإرواء مزروعاتهم..

لو زرتنا لن تجد غير الغبار الذي (يلعب) في شتى أرجاء مجمعنا..!
تناول قدح ماء وقال: والله والله والله إنني مستعد للعيش حتى في (إسرائيل) من اجل أن اشبع ومعي أهلي من المياه الحلوة فقط..! وأضاف : يا أخي هل يعقل في هذا العصر حيث الانترنت والصحون اللاقطة والتكنلوجيا أن توجد بلدة سكانها أكثر من خمسون ألف نسمة لا يوجد فيها أي نوع من الخدمات الإنسانية؟؟

نسائنا تموت عند الولادة..!

بدون أسئلة راح محدثنا يتكلم: لا يوجد لدينا ماء، ولا كهرباء، ولا شبكة هواتف أرضية، ولا شبكة (موبايلات) ولا مجاري، وطرقنا ترابية بامتياز..

بل إن عدد من نسائنا يلاقين حتفهن عندما تأتيهن ساعة الولادة ليلاً، وذلك لأننا نخشى الخروج ليلاً من مجمعنا من الإرهابيين، وهذا الأمر ينسحب على من يصيبهم مرض مفاجئ من أهالينا ليلاً الذين عليهم أن يتحمّلوا الألم مهما كان نوعه حتى الصباح..! نحن معزولين عن الحضارة، نحن نعيش لوحدنا بقدرة الله، ليس هناك دولة أو قوانين أو خدمات، نحن نعيش بأنفسنا..!

مواطن غيور أنقذ سيبا شيخ خدري من كارثة

لان ما سمعناه من محدثنا أصابنا بالقهر والحزن، حاولنا تغيير مجرى الحديث، وسألناه عما أصابهم، فقال: نحمد الله على كل شيء، ولكن ينبغي أن نشيد بالمواطن (….) من أهالي سيبا شيخ خدرى الذي تصدى للشاحنة الثانية المفخخة و أمطرها بوابل من النار حال اقترابها من المجمع وبالتالي انفجرت دون تحقيق أهدافها، حيث إن الذين أصيبوا بجروح جراء انفجارها لم تستوجب حالتهم مراجعة الأطباء.

مطاليب للقيادة الكوردستانية

وعن مطاليبهم، قال: نحن نطالب من القيادة الكوردستانية أن تزيد من عدد البيشمركة في مناطقنا، وإذا تعذّر ذلك، نطالبهم بتشكيل أفواج من أبناء عشائر سنجار، وهذا الأمر ما عدا انه سيساهم بالقضاء على البطالة، فإنني أُقسم لكم بأننا سنمنح القوى الأمنية استراحة طويلة الأمد، وسنتكفل بحماية مناطقنا من الإرهابيين فنحن (نعرف دوائهم) ولكن يعوزنا السلاح فقط..!  
 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…