الدراسات تنقذنا

شادي حاجي 
الدراسات وتحرير الأحزاب السياسية من هيمنة الأشخاص وتحويلها الى هيمنة المؤسسات والعمل المشترك تنقذنا .
كان وما زال لمراكز الدراسات والبحوث جل اهتمام الدول والأنظمة والحركات السياسية والمفكرين .. وقد مرت بتطورات وتغيرات كثيرة تبعاً لتطور وتعقد العلاقات السياسية والإستراتيجية ونشوب الحروب .. وأصبحت مصدراً لفهم المعادلات السياسية الدولية وللتوجيه والتوعية وبلورة للرأي العام وغدت وسيلة لتكريس شرعية صنع القرار في الدول والحركات السياسية ولعبت دوراً هاماً في تطوير الفكر السياسي والاستراتيجي في كل الدول والمجتمعات كما وأن الدراسات التي تقدمها مراكز الأبحاث السياسية والإستراتيجية تبلور نظرة الرأي العام .
ولذا فان أي عملية تغيير في أي بلد أو مجتمع تحتاج الى فهم معمق ودقيق لهذا البلد وهذا المجتمع وطبيعته وقواه الفاعلة والمؤثرة .. وهذا الفهم المعمق لا يتاتي إلا من خلال مراكز دراسات وأبحاث فاعلة وليس من خلال السياسات الارتجالية والعاطفية وردات الفعل وتتبع الأخبار وصفحات التواصل الاجتماعي والتصريحات الاعلامية الدبلوماسية والتكتيكية لأهداف محددة ومؤقتة مما يجعل هذه المراكز تشكل اهمية قصوى للدول والمجتمعات ( المجتمع الكردي نموذجاً ) من حيث كونها الأداة الأهم لتزويد اصحاب القرار بالبيانات والمعلومات اللازمة على جميع المستويات ( العسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها ) والتي تفيدهم في اتخاذ القرارات الصائبة والصحيحة .. خاصة اذا اعتمدت هذه المعلومات على قاعدة بيانات مستمدة من  استبيانات واستطلاعات للرأي وورشات عمل وندوات ومنتديات لمتخصصين في العديد من المحالات .
كما تشكل هذه المراكز أداة مهمة في بناء الوعي الوطني والقومي الذي يحرر الفرد من التعصب والحزبية أو المصلحة الخاصة أو الأجندات الخارجية التي تصب في غير مصلحة الشعب والوطن والقضية ..وتزداد أهميتها أكثر بالانفتاح على جميع شرائح المجتمع واطيافة ومؤسسات المجتمع المدني بمختلف تسمياتها وأنشطتها والقوى السياسية الفاعلة على الساحة .
أين نحن من مثل هذه الدراسات وهذه المراكز ياسادة ؟
الى متى نبقى ضحية المصالح الحزبية والاقليمية والدولية نعم المصالح فالمصالح هي التي تحرك السياسات الدولية ؟
كفى استخفافاً واستهاراً بعقل السياسي والثقافي الكردي وبقدرات وامكانيات الشعب   المعرفية والفكرية واسترخاص الوطن وتقزيم القضية .
شادي حاجي / ألمانيا 18.10.2019

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…