العودة إلى صفر اليدين

عبدالباقي حسيني
 
الخوف، كل الخوف، من أن يعود الكورد صفر اليدين في نهاية هذه الأزمة، فالمؤشرات الأولية توحي بأن وضع القوات الكردية سيكون على كف عفريت، إذا ما نجحت الاتفاقيات الدولية مع تركيا.
الغزو الحالي و بعد عدة أيام من الهجوم التركي الشرس، ومعه المرتزقة، دفع بالإدارة الذاتية إلى الهرولة بإتجاه دمشق، و ذلك بعد عدة وساطات بين الإدارة و النظام. يقال أن الرئيس العراقي برهم صالح و السياسي عبدالحميد درويش قد توسطا بينهما، لكننا لا ننسى أن هناك وسيطا دوليا ألا وهو روسيا التي تنسق دائماً بين الإدارة الذاتية و النظام السوري. 
الاتفاقيات التي تمت بين الطرفين حتى اللحظة غير واضحة المعالم، وهي متناقضة بين واحدة و أخرى،.. لكن مهما يكن محتوى هذه الاتفاقيات، أو التفاهمات، إلا أننا نعرف طبيعة النظام السوري و غطرسته و عنجهيته اتجاه كل القوى الموجودة على الساحة السورية، فالنظام لم يتنازل قيد انملة لأي طرف سياسي أو عسكري مهما كبر شأنه، بمعنى إذا كان بالفعل من اتفاقية معينة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) و النظام، فستكون بنسبة 99% منها لصالح النظام، كونها ترى الطرف الآخر غير شرعي ولا يملك القوة الكافية لدرء الخطر الواقع عليه من قبل تركيا
هذا الاستنتاج لم يأت من الهواء، فتصريح وزير خارجية روسيا البارحة في مدينة سوتشي عن القوات الكردية كانت فحواه أن أمريكا خلقت دولا و همية واستفادت منها تنظمات كردية لخلق النزاع مع العشائر العربية. وكذلك تصاريح أغلب مسؤولي الروس يقولون: على القوات الكردية الاندماج في الجيش العربي السوري، وهو الخيار الوحيد لحل هذه الأزمة. أما مواقف النظام، و منذ اليوم الأول من هذه الأزمة الجديدة (التدخل التركي) و حتى اللحظة، لا ترى في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) سوى قوات خائنة و عليها الرجوع إلى بيت الطاعة، وكذلك لا ترى في كورد الإدارة الذاتية سوى أنهم انفصاليون ولا يستحقون أي ثناء. أي أن النظام قبل بالاتفاقيات على مضض، وبناءاً على طلب روسي، لأن امكانيات النظام العسكرية في الوقت الحالي غير كافية لحراسته، والدفاع عن دمشق و مدن الساحل، فهو غير مهتم بالشريط الشمالي ولا بالمناطق الكردية، أنه يريد الاستحواذ على هذه المنطقة (شرق الفرات) مجاناً و بدون أي مقابل. فها هو و حليفته روسيا يلوحان في اليومين الأخيرين باتفاقية أضنه الموقعة بين سوريا و تركيا في عام 1998، إلى العلن، وإذا ما طبقت هذه الاتفاقية كحل رئيس لهذه الأزمة الجديدة ورضيت تركيا بها بشكل خاص، فمعناه أن قوات سوريا الديمقراطية ستكون في خبر كان، وأن الإدارة الذاتية ستعود إلى وضع ماقبل 2011، أي إلى البلديات التابعة للنظام.
هذا السيناريو هو الأرجح، إلا ماعدا استثناءات معينة، واحدة منها، عودة الأمريكان إلى المنطقة، والثانية إرسال الأمم المتحدة بقواتها إلى الشريط الشمالي بين سوريا و تركيا، كقوات فصل، و هذان الأمران هما في غاية الصعوبة، لذا على الإدارة الذاتية إيجاد خيارات أخرى للتخلص من هذه الأزمة، والا ستكون مصيرها كما كان في عفرين.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…