أنا من أنا

إبراهيم محمود
شخص أكثر من عادي، ربما يكون العادي، عاملاً يومياً، مثلاً، معروفاً أكثر. رغم أنني أتكلم كثيراً من خلال ما أكتب، ورغم أن الذي أكتبه، ومنذ عقود من الزمان، تجاوز حدود ” بني جلدتي ” ولكنه لم يجلب سوى المزيد من التجاهل.
أنا من أنا ؟ مبتل ٍ بالحرف، ومبتل هو الحرف بي، فنحن توأمان، في وسط اجتماعي ” كردي – طبعاً ” بينه وبين الحرف من النوع الكاشف خصومات وثارات، لأكون في الموقع الخطأ، وكائن الخطأ، والمرصود طي هذا الخطأ .
أنا من أنا؟ ما لا يؤتى على ذكره، إلا باستغفار ما، إلا تقرفاً. طبعاً، لأن الذي يصلني به، يحفر في أنفاق هؤلاء ممن يعتمدون التجاهل والتهميش والتعتيم، حتى وإن كانوا في مواقع متقدمة، على مستوى التحصيل ” العلمي ” وأن هذه الأنفاق تبث روائح كريهة، تمثّل شناعات المسلكيات في واقع يعيش نخراً إثر نخر .
أنا من أنا ؟ أنا لا أحد، وأي أحد، جوال، حيث يكون له مكان، وإن كان مهدداً بأكثر مما يجعله من نصيب ” غياهب النسيان ” أنا لا أحد، لأن ليس في جعبتي أي أحد، ليزكيني أحداً، بفضل منه، وليس بفضل ما يعنيني. أنا لا أحد، في اللابلد، وفيه من يجهر بالنفوذ، كما لو أنه- حقاً – سيد البلد وما ولد .
أنا من أنا ؟ جملة لا محل لها من الإعراب، إنما جملة، لا تكف عن إقلاق كل من يرى أن له محلاً من الإعراب، وكيف يأتي بالخراب، من خلفه، أمامه، يساره، يمينه، فوقه وتحته. فأي أنا وأي من في : من أنا ؟
أنا من أنا ؟ قراءة واحدة، في الاتجاهين ” كما يقرأ السؤال/ الكلام ” ليس من اتجاه يشدني إليه، ويتحكم بخطاي أو قواي أو أنفاسي.. أرسم جهاتي كما أريد، وأـسمّي جهاتي كما أريد، وأغير في جهاتي كما أريد، وأثبت في الآتي مما أريد، أبعد هذا، لا يعود: أنا من أنا، حيث يبقى الضمير نكرة، أم في موقع يخشى منه ؟
أنا من أنا ؟ سؤالي الدائم والمستدام، سؤال كل من ينطلق من أناه، ويسأل عن أناه، ليحسن التعبير عما هو فيه، ويعزل أناه عن ” نحن ” الآخرين، في وضعية القطيع، ويطلق لغته من داخل لغات من حوله.
أنا من أنا ؟ ليس لي أي أنا، حباً بما ليس في الحسبان، وتوقاً إلى ما يتخوف منه سدنة السلطة والسلطان، وجالبي الخراب بأصنافه إلى حيث تقوده خطاه، حيث يتحرك فيه لسانه، ويكون له صداه .
أنا من أنا ؟ عرفتَني، عرفتُني كردياً، وليس من فخر لي، بقولة ” كردي ” كي لا أكون في مصاف من يجعل من الكردية جِرابه، محرابه، حرابَه في أكثر الأوقات، كي أتنفس كرديتي أبعد مما أحكِم عليها الحصار، وعرّفت به.
أنا من أنا ؟ مجتمع بأكمله، في زمانه الطويله، ومكانه المنبسط المديد…وأكتفي بالمثار !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي الحقيقة الوضع السياسي الكردي في سوريا وتحالفات كل من أطرافها السياسية تعاني من تخبط فيما يبدو أنه نتيجة عدم وضوح الرؤية والتأثر بالضغوط السياسية والمصالح الشخصية والحزبية لا شك أن أحياناً كثيرة قد يتأثر صانع القرار السياسي بشأن ما ينبغي فعله إما بضغوط سياسية من جهات مختلفة كأن تكون داخلية او خارجية وهذا الأمر يجب حسمه في…

نظام مير محمدي* سعت الفاشية الدينية الحاكمة في إيران لعقود إلى تحويل لبنان إلى أحد أهم معاقل نفوذها الإقليمي، وذلك عبر دعم حزب الله ماليًا وعسكريًا وأيديولوجيًا. كان خامنئي يعتبر هذا الحزب خط دفاعه الأول في المنطقة، مستغلًا إياه لتعزيز نفوذه في لبنان وفلسطين وحتى العراق. وجاءت المساعدات المالية والعسكرية والأمنية المستمرة من قِبَل خامنئي لهذا الكيان المرتزق…

أزاد خليل* في ظل التحولات الكبرى التي تشهدها سوريا بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر، اجتمعت قوى وشخصيات وطنية سورية في جنيف يومي السبت والأحد 15-16 من الشهر الحالي، بحضور أكثر من 400 مشارك من مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية، إلى جانب ممثلين عن أحزاب أوروبية. جاء هذا اللقاء في وقت بالغ الحساسية، حيث تسود حالة من القلق حول مستقبل…

أمل حسن في خضم التغيرات الكبرى التي تشهدها المنطقة، ومع سقوط النظام السوري وانهيار الاستبداد، يجد الكرد في غرب كردستان أنفسهم أمام مسؤولية تاريخية مصيرية: حماية هويتهم القومية، وتعزيز وحدتهم، وضمان مستقبلهم في سوريا الجديدة. لقد عانى شعبنا لعقود طويلة من القمع والحرمان، لكنه لم ينكسر، بل ظل متمسكًا بحقوقه المشروعة، ينتظر فجر الحرية ليبني مستقبله بيديه. واليوم، ومع…