عن المرأة الكوبانية والعسكري الأميركي

 إبراهيم محمود
هي لحظة تاريخية لا تنسى، ويجب ألا تنسى، لتاريخ لا يجب ألا يغفَل عنه، إذ كما فعلتها ” عجوزنا الكردية ” الأمَّعية مع العسكري التركي المتخم بأحقاد أردوغانه، وهي تزيد في مديحه، هكذا، وبالعكس تماماً، فعلتها المرأة الكوبانية في مواجهة العسكري الأميركي، وهو مع رفاقه، ووجهاً لوجه، عن مغزى الأميركان في المنطقة، والكرد يُقتلَون، صغاراً وكباراً. لحظة تاريخية، تقزّم مئات وربما أكثر فأكثر من كتابنا، فما بلك بسياسيينا، وهم في جبنهم، وخوفهم حتى من ظلهم، بكلمتها الصريحة، مشيرة إلى كردية أرضها، وليس مزاعم أردوغان .
لحظة، عايشتُها مراراً في المقطع الفيديوي، تلمستُ في روحي عنفوان المرأة الكردية، عنفوان الروح الكردية، مقابل آلاف آلاف من الرجال الذين يتباهون بفحلوتهم وبطولتهم الفراشية. 
امرأة، ربما لم تعايش الحرف، إنما الحياة، ومعنى أن يكون لكل شيء ثمن، معنى ألا فرق بين رجل وامرأة، بين امرأة ورجل، إلا بجسارة الموقف. فكم من معتبَر رجلاً، وهو يولي الأدبار، فيفعَل فيه ” وعذراً عن تعبير كهذا، حيثلا أجد مفراً منه، في وضع كهذا ! ” ويترك كل شيء وراءه، كم من معتبَر ملعلعاً بصوته، باكياً على زعم الوطن، ومستبكياً الآخري، والموقف يتطلب منه، على الأقل أن يكون في مستوى ربع هذه المرأة العظيمة.
ماذا تفعلون يا أميركان في المنطقة، ومنذ سنوات، وأطفال كرد يقتَلون، وكرد يجوعون بالجملة، وكرد يهجَّرون بالجملة، وكرد يشطَب عليهم وعلى ديارهم ومواطنهم بالجملة؟ ماذا تفعلون يا أميركان؟ ألتنزفوا هذا الشعب المستنزَف منذ زمن طويل، أم لتظهِروا لهم قوامكم الهوليودي المزيف ؟
ليؤرَّخ لهذه المرأة الكوبانية، ليكتَب عنها، وعن نظيرات لها، ربما لم تتح فرصة الظهور لها وهي تشنّع، أو ” ترزّل ” من هو نظير ذلك الأميركي، أو كردياً جبُن أو استجبن، وهو بمؤخرته القشّية، وخجلتْ منه رجولته، وربما شارباه، وذقنه، واسمه ” الذكري ” !

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…