الكرد في العراء

إبراهيم محمود
يقولون: الكرد في العراء! منذ متى لم يكن الكرد في العراء؟ منذ متى لم يُدفَع بالكرد إلى العراء؟ منذ متى، وأين، وكيف، ما كان الكرد في العراء؟ عراء الدول الكبرى، العظمى، عراء القوى الكبرى، القوى الدولية، وهي ترى أن الكرد في العراء، مكشوفون لكل من يريد أن ينال منهم، ولكل مشتهي عداوة تجاههم ، فيهم، ما يبقي الكرد في العراء، وما يزيد عراء الكرد عراء، ما يعمّق حدود العراء، إلى درجة أن العراء نفسه يصرخ أن كفى، ما عدت أطيق عرائي فيهم؟!
لم يبخل الكرد في تغطية عراء كل هؤلاء: أمماً قدمت من وراء البحار، المحيطات، الصحارى، السهول، الجبال، لم يبخلوا في احتضانهم بأرواحهم، أمماً هزيلة، بالكاد تحملها أرجلها، لتسمن فيهم، على دمائهم، حيواتهم، ناسين أنهم بشر مثلهم، وأنهم ليسوا على وئام أبداً مع العراء. 
فالعراء مؤلم، قاتل، مفجع، جلّاب للويلات.. ورغم ذلك، كم كان للكرد أكثر من سهم في الدفع بعراء الآخرين خارجاً، عراء الناطقين بلغات شتى، ليبقوا هم أنفسهم وجهاً لوجه في العراء، ومع العراء، منهوبين من العراء، مهددين من العراء ليل نهار، مجردين من عرائهم الطبيعي، ومن نفَسهم الطبيعي، ومن نومهم الطبيعي، كما لو أن العراء في أكثر حالاته عنفاً، بطشاً، إيلاماً من نصيبهم.
من الذي أبقى على العراء للكرد؟ من الذي بث عالمياً، أن ليس كالكرد شعباً، يمكنه التكيف مع العراء، يمكنه أن يموت كل يوم ميتات، أن يدفع لعراء هذا وذاك، ما ليس للكرد من إثم أو تهمة، أو جرم كي يعاقَب بالعراء، صغاراً وكباراً،رجالاً ونساء، وباسم كل مذاهب الأرض، كل علوم الأرض، كل فنون الأرض، كل حماقات الأرض المكتشفة، تجرَّب فيهم، صحبة العراء، حتى بات العراء في طبعاته المختلفة كردياً..
أي مجون أضفي على شرعة الأمم، أبقى على أخوة التراب، التاريخ، الجغرافيا، شجرة اللغات الموحدة، كل هذا السفور في الحقد والتخطيط للمزيد من العراء؟ أكلما شعر الآخرون أنهم في ضائقة، أو مشقة، أو حصار من عراء ما، حتى يُستدعى الكرد: ليس من أحد بقادر على مقاومة العراء، أو تحمل العراء، أو العيش في العراء سوى الكرد، وأكثر من الكرد.شعباً لا يشبه إلا نفسه، صورته، قيامته في العراء حصراً…
عراء ترامب، عراء أردوغان، عراء أخوة الدين، أخوة الأرومة الواحدة،ـ أخوة المصير، كم عراء سجّل باسم الكرد، ليستنزفوا كل هذه الدماء، وكل هذه الحياة في الشباب والشابات، في الطفولة والشيخوخة دونما استثناء؟ومازال يجري الحديث عن ضمير عالمي، وعن سلام عالمي،ـ وعن شرعة كونية، في ظل هذا العراء الذي يهدد الكرد بالجملة هنا وهناك ؟؟!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…