الشتائم منصة الهزائم

إبراهيم محمود
 في لحظات العجز وضعْف القدرة على مواجهة التحديات، ما أسهل أن نشهد من يعتمد لغة الشتائم، أو السباب، وما في ذلك من بذاءات، تعبيراً عن وجوده وقد ضاقت به السبل. وليس الكرد استثناء من هذا المتنفس، ويا لتاريخه العريق، حتى فيما بين الكرد أنفسهم. إنما يبقى التعامل مع الأعداء، وكيفية التعامل هذا معهم لافتاً. إذ كيف يمكن تقويم من ينال هزائم متلاحقة على أيدي أعدائه، فيبحث عن تلك المفردات التي تفصح عن حالة انفعالية سلبية، وما في ذلك من مفارقات الواقع ؟
كما في نطاق الغزو الأردوغاني، حيث تسمَع شتائم بصيغ شتى، كما لو أنها المعادل الموضوعي لاجتياح الأرض، وقتل الناس، ونهب الممتلكات…، سوى أن الحقيقة تقول ما هو مأساوي، وهو أن في ذلك تنفيساً، ربما هو الآخر حصيلة تربية عائلية، اجتماعية وحتى سياسية، لتحريف مسار العلاقة، والنيل من عدو محدد، تحت وطأة شعور بالألم، على الأقل لكي يوهم هذا الشتام لنفسه، أن لديه أساليبه بالمقابل في إلحاق الهزيمة بعدوه مهما بلغت قوته.
سوى أن هزائم كبرى تلحق بشعب كامل، وبصورة دورية، ولا يجد الشعب هذا، سوى في ” قاموس الشتائم ” ما يخفف به عن ضغوطه النفسية، تجد مستقراً لها، في تلك التربية الخاطئة، والثقافة الخاطئة، والاجتماع الخاطىء، من لدن من يكونون معنيين بالهزيمة مباشرة. نعم، ثمة قاسم مشترك، بين شعوب المنطقة جميعاً، وبمستويات مختلفة، سوى أن رصيد الكرد مغاير في هذا المضمار، على وقع هزائمه، وكيفية استنطاقها، ومن يكسب جرّاءها حتى وهو مهزوم.
يحال الشعب إلى الخارج، إلى الهامش، إلى مرتبة دونية، حيث تكون العتمة، ولا يعتد به، إلا سعياً إلى هدر طاقاته، أو امتصاص قواه الحية، أوالمناورة عليه، في مناسبات دون أخرى. ولا أدل من وجود كم وافر من هذه الأساليب العاطفية التي يُبتزُّ بها في الساحات العامة، أو في الجمهرات، وإثارة حماسه، وعند تحقيق المراد، يوضع في الظل ثانية .
تُرى، متى سيفكر أولو أمر الكرد بعلاقة من نوع آخر، بأن مصدر القوة أولاً وأخيراً هوالشعب، وأنه بمقدار ما يتم تفعيل لغة العواطف، وبالمقابل، توسيع نطاق دائرة الشتائم وتنميتها في أمكنة، مواقع مختلفة، يعني المزيد من الهزائم فالهزائم .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين لاشك أن استبعاد ممثلي الشعب الكردي من أي حوار أو مؤتمر وطني سوري ليس مجرد هفوة أو إهمال عابر، بل سياسة مقصودة تُجسّد رفضاً مُضمراً للاعتراف بحقوق شعبٍ عريقٍ ساهمَ في تشكيل تاريخ سوريا وثقافتها. فالكرد، الذين يُشكّلون أحد أقدم المكونات الاجتماعية في المنطقة ، عانوا لعقود من سياسة التهميش المنظم ، بدءاً من حرمان الالاف من الجنسية…

ملف «ولاتي مه» حول مستقبل الكورد في سوريا، يُعتبر أحد الملفات الهامة التي تُناقش مستقبل الكورد في سوريا في ظل التغيرات السياسية التي تشهدها المنطقة عامة وسوريا بشكل خاص. يركز هذا الملف على تحليل الأوضاع الراهنة والتحديات التي يواجهها الكورد، بالإضافة إلى استعراض السيناريوهات المحتملة لمستقبلهم في ظل الصراعات الإقليمية والدولية. يسلط الملف الضوء على أهمية الوحدة والتعاون بين مختلف…

صلاح بدرالدين الفرق بين مؤتمر الحوار السوري ، والمؤتمر الكردي المؤتمر السوري المزمع عقده هو مؤتمر للحوار بين الناس حول مستقبل سوريا ، وهو تجمع للتشاور ، ولاصفة تشريعية ، او تقريرية له ، ولا يشكل من يحضر ممثلا لاي مكون قومي او طرف سياسي ، لان التمثيل الشرعي يجب ان يتم عبر الانتخاب الحر…

شادي حاجي الحقيقة الوضع السياسي الكردي في سوريا وتحالفات كل من أطرافها السياسية تعاني من تخبط فيما يبدو أنه نتيجة عدم وضوح الرؤية والتأثر بالضغوط السياسية والمصالح الشخصية والحزبية لا شك أن أحياناً كثيرة قد يتأثر صانع القرار السياسي بشأن ما ينبغي فعله إما بضغوط سياسية من جهات مختلفة كأن تكون داخلية او خارجية وهذا الأمر يجب حسمه في…