نعي مناضلة

إنتقلت الأخت المُناضلة السّيدة غزاله يوسف هذا اليَوم إلى رَحمته تعالى بَعد صراع مرير مَع المرض في مَدينة بون – ألمانيا ولكن ذكراها المُضيئة بنضالها وَصُمودها وإخلاصها لن تُغادر السّاحة لأنها كانت نَموذجا للمَرأة الكُردستانية قُوة في الشخصية وَ وَعيا للوَطنية وَجُرأة عالية مَشحونة بفكر ناصع وَإخلاص لامُتناهي وَذكاء فطري خَلاّق وَجُرأة قَلّما وَجدَ لَها الرّجال سجالا.
كانَت أول  سيدة من مُغتَربي الجّيل الكردستاني الأول في ألمانيا حَيثُ تَمَكّنت بفَضل ذكائها وَقُوة شَخصيتها وَ وعيها والحافز الوطني الذي كان المحرك وراء جميع تصرفاتها وحتى ممارساتها لحياتها اليومية من أن تَفرض نَفسها في مُجتمع ضَيق لم يرضى حتى في ألمانيا أن يتجاوز التّخلف والإنحطاط والحَسد وَالنّميمة وأن تَصمد  حرة مرفوعة الرأس غَير عابئة بسُمّ الحاسدين وَمعوَل المُخربين وَتضليل الطابور الخامس وأذنابه المارقين.
كانَ بيتها المُتواضع وَرغم قُدراته المالية المَحدودة وَبكل مافيه وَماتملك بدون تَوقف أو  مَلل أو تَردد مَقراً وممراً وَمركزاً للوَطنية والإخلاص. لَم تَتعرض إنسانة كُردستانية وَطَنية للتّشكيك والنَميمة وَالإساءة وَالتّشويش بالقَدَر الذّي  تَعرّضَت لَهُ الأخت المَرحومة وَذلك على أيدي وَلسان وَدسائس الحاقدين وَالمارقين والفاسدين.
عَرفتها طَوال نصف قرن من الزمن عَن بُعد وَثمّ عَن قُرب وَعَرفها الأصدقاء من أمثال الدكتور نور الدين زازا والأخ المرحوم حم ره ش رشو والعَديد من رُموز وَقادة الحَركة الكردية  كما عَرَفها الأعداء وَكَرهوها وَهَددوها وَكانت لَها مَواقف أمامَهم حيثُ أفشَلت إجتماعاً للسّفارة العراقية في بون في سنة 1973 عندما وقفت بين جموع غفيرة من االأكراد والمئات من عناصر السفارة الصّدامية وَمُخابراتها وَجواسيسها لتَنهض وَتصرخ في وجه مَن كانَ يَشكك في القائد الخالد المّلا مصطفى البارزاني وَيحاول الإساءة إلى سُمعته…نَعم لَم يَجرأ أو يبادر أحد من رجالنا وَبما كانوا يَدعونَه من رجولة التفوه بكَلمة وَلكن الأخت غزاله هبّت من مَكانها وَصرخت في وَجه القائمين على هذا الإجتماع المَشبوه وَكان صَوتُها زئير اللّبوة الأمر الذي أدى إلى إنفضاض الإجتماع المؤامرة وَفَشل اللّقاء الذي كان سما علقما للقائمين عليه.
سَتبقى الأخت غزاله رَمزا وقُدوة للمرأة الكردستانية, لَها علينا الحق كل الحق في تدوين سيرة حياتها في سجل العظيمات وعظماء الكرد وكردستان.
رحمك الله ياأختنا العزيزة ، ودامت ذكراك نبراسا مُنيرا لدَرب بناتنا والأجيال الناشئة.أنا على علم اليَقين بأنّ أجمَل ماكنت تنشدينه يا خوشكا قهرمان هو: الكُرد وَكُردستان والإخلاص لَهما. عَهدا ستبقى أفعالك رَمزاً مُشرقا في طَريق الحُرّية لشَعب كُردستان وَوطنه.
وَإنّا لله وإنا إليه لراجعون.
إبراهيم شتلو
دراسات كُردية – إسلامية
بون – ألمانيا
27 سبتمبر 2019

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خورشيد شوزي في ظل الأوضاع المعقدة التي تشهدها سوريا، يبقى النهج الإقصائي الذي تمارسه سلطات الأمر الواقع أحد العوامل الأساسية في تعميق الأزمات بدلاً من حلها. فالتهميش المستمر ورفض التعددية السياسية يضعف أسس الاستقرار، ويؤدي إلى إعادة إنتاج أخطاء الماضي. أي سلطة تسعى إلى بناء دولة قوية ومستقرة لا بد أن تعتمد على مبدأ الشراكة الوطنية، وتعزز التعددية…

نارين عمر   يبدو أنّه علينا كشعب أن نعيش عمرنا بين تساؤلات واستفسارات موجّهة إلى مختلف قيادات الحركة الكردية والأطراف التي ترى نفسنا أنّها تمثّلنا في سوريا دون أن نتلقى إجابات واضحة منهم تهدّئ من صخب فكرنا وتنعش النّفس ببعض الآمال المحققة لطموحاتنا وحقوقنا. في اتفاق أسموه بالتّاريخي بين “قسد” وحكومة دمشق تمّ طرح عدّة بنود منها: (( دمج قسد…

درويش محما قد تصبح الامور عصية على الفهم في بعض الاحيان، وضبابية غير واضحة، حينها يجد المرء نفسه في حيرة من امره، ازاء سلوك او تصرف معين يقدم عليه شخص ما، والسبب بكل بساطة، يكمن في عدم معرفتنا للهوية الحقيقية للشخص صاحب التصرف والسلوك. اما ماهية الهوية كمفهوم، فهناك اجماع على تعريفه، بمجموعة السمات والخصائص المميزة لفرد ما بعينه،…

إبراهيم اليوسف يقتلع”الزور” الجزرأي القوة مثل كردي لقد بلغ العنف والتدمير مرحلة ما بعد الحداثة، فلم يعد مجرد أداة صراع بل تحول إلى نسق شامل، يعيد تشكيل الواقع وفق منطق القتل والفناء. إذ لم تعد الأسئلة الكبرى عن معنى السلطة والشرعية والوجود تجد مكاناً لها، لأن القاتل لم يعد مضطراً حتى لتسويغ جرائمه. إننا- هنا- أمام زمن…