علي شيخو برازي
إلى مثقفي سوريا، الذين يدركون التاريخ السوري جيدا، بمفهومه السوري وليس بمفهومه العروبي، وليس التاريخ الذي درّس من خلال المناهج البعثية ، تلك المناهج التي شوهت وجه الحضارة السورية، وشوهت ثقافة مكوناتها الاثنية، فشوه الإنسان السوري من خلال ما حشر من أكاذيب بين سطور التاريخ، والكل يتذكر جيدا هذه المناهج وقرأها.
ألم يقل المنهاج البعثي الشوفيني : أن صلاح الدين الذي حرر مملكة القدس، كان عربيا ؟
ألم يقل : أن سليمان الحلبي الذي قتل الجنرال كليبر، قائد الحملة الفرنسية على مصر عام 1800، كان عربيا ؟
ألم يقل : أن إبراهيم هنانو قائد ثورة الشمال ضد الاحتلال الفرنسي، كان عربيا؟
ألم يقل : أن مصطفى بيك برمدا حاكم دولة حلب عام 1923 كان عربيا ؟
ألم يقل: أن ثوار الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي أمثال : الشيخ يوسف السعدون و أحمد آغا الملا و حسن الخراط و أحمد بارافي وزلفو وأبو دياب البرازي ومحمد سعيد جعف كللو وغيرهم المئات، أنهم كانوا عربا .؟
في البداية أريد أن أنوه أنني لا أريد من وراء هذا الحديث، الإساءة إلى أي عربي شريف، يقرّ بالحقيقة، ويدرك ماهية سوريا تاريخيا .
الموضوع خاص عن المثقفين العرب الذي يتجاهلون الحقائق التاريخية، وهم يعرفون جيدا أن هذه الحقائق غير قابلة للشك.
لن أتحدث عن الضابط البعثي الشوفيني الأبله أسعد الزعبي، كون الضباط ليس لهم علاقة بالتاريخ ولا بالثقافة عامة، فهم يصفون كل مثقف ب الحمار، وهذا دليل على أن هذا النعت يليق بهم أكثر من كل باقي فئات الشعب السوري .
أما (شيخ الحقوقيين) هيثم المالح الذي قضى ثمانون عامة من حياته ، دون أن يكلف نفسه بقراءة تاريخ بلاده، ولو بشكل موجز، فتراه يتحدث بشكل مخجل عن الوجود الكردي في سوريا، وأقول سوريا كتسمية تاريخية وليس كمفهوم عروبي ضيق كما يفهمه البعض،
يقول مالح: ليس للأكراد وجود تاريخي في سوريا ؟؟؟
دون أن يدرك أن التاريخ العربي، يذكر الوجود الكردي في بلاد الشام، قبل الغز الإسلامي العربي لها .
ليتك يا هيثم المالح قرأت بعض الكتب التاريخية، كالوزراء والكتاب للجهشياري- أحوال غير المسلمين في بلاد الشام لحامد محمد الهادي – سيحتنامه للأوليا جلبي، نهر الذهب في تاريخ حلب لمصطفى البالي- جولة أثرية لأحمد وصفي زكريا- تاريخ الثورة السورية ضد الانتداب الفرنسي لأدهم آل جندي، قبل أن تتفوه بهذا الكلام الجاهل والمخجل، بحق نفسك وبحق تاريخ سوريا، بلد الأقوام والأعراق والملل.
ويضيف المالح : الأكراد جاؤوا من تركية أثناء الاضطرابات .
أيّ اضطرابات يا رجل؟ لما لا تسمي الواقعة التاريخية التي دفعة الأكراد إلى الهجرة من تركيا إلى سوريا ؟
هل الحديث عن التاريخ يكون بهذه البساطة والسذاجة يا مالح ؟؟ .
ثم يقول: ليس هناك شيء اسمه كوباني، هي عين العرب.
والسؤال هنا: من أين أتت تسمية عين العرب؟ وهل عين عرب هي المدينة . أم الكامب تطور وأصبح مدينة ؟ وعرف ذلك الكامب بين أهل المنطقة بمدينة كوباني، وبقيت قرية عين عرب، والتي هي كناية لصاحب القرية عربو وهو من عشيرة پيﮊان الكردية.
وكل أهل القرية يعرفون من أين أتت تسمية عين عرب .
ولنفرض أن اسم القرية عين العرب، أي العين التي كانت العرب تنزل بالقرب منها في فصل الربيع، فهذا لا يعني ملكية العرب لكل سهل سروج ! .
كوباني التي تبعد 8 كيلو مترات فقط من مدينة سروج التاريخية، تلك المدينة التي عجز عياض بن غنم عن فتحها بالقوة، فاضطر إلى الصلح مع أهلها عام 640 للميلاد، ووقتها لم يلن في تلك الديار عربيا واحدا يا مالح .
ولا ألومك طالما مرجعك التاريخي هو مروج الذهب للجاهل المسعودي، لأن المسعودي يقول: الأكراد ليسوا بشرا بل أبناء جن، كّردوا إلى الجبال فأصبحوا كردا. وبذلك أنت تسخر من نفسك قبل أن تسخر من التاريخ .
ثم يقول: أنا زرت مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات.
وهنا أريد أن أسأله: أين تكون هذه المناطق في أي جهة من سوريا؟.
عفرين بات اسمها عندك بين ليلة وضحاها 0(غصن الزيتون ؟ .
يا رجل عمرك قارب التسعين، أليس من العيب، أن تنسف كل تاريخ سوريا إرضاء للمشروع التركي ؟.
بالله عليك ماذا نقول عن أمثالك، يا (شيخ الحقوقيين)؟.
لا يقع على المالح كل العتب، بل العتب على الأكاديمي والمثقف التقدمي ميشيل كيلو، الذي يتبع نفس خطى المالح في قراءته للتاريخ، والغريب المعيب: أنه يناقض نفسه، ويناقض الحقيقة التاريخية، عندما يقول : ليس هناك أي وثيقة دولية تؤكد وجود أرض كردستانية في سوريا.
أذكرك يا كيلو بعشرات الجلسات والمؤتمرات الدولية، بعد اتفاقية سايكس بيكو والتي انتهت باتفاقية لوزان، الم يناقشوا فيها أرض كردستان في سوريا، سوريا التي صنعتها لوزان وليس العرب،
الأمر الآخر يا كيلو: نحن إسرائيل ثانية بسوريا، هل هذا ما استخلصه عقلك الشوفيني يا مثقف؟؟؟
ميشيل كيلو أليس أنت من ترجم كتاب البدو لماكس اوبنهايم، والذي يقول: أن شمال نهر الفرات مسكن الأكراد البرازية، وأن لا وجود للعرب هناك، هذا الكلام قبل 150 سنة تقريبا.
بكل الأحوال أردت فقط التوضيح، وليس إثارة النعرات القومية، لكن علينا قبل كل شيء أن نعرف ماهية سوريا تاريخيا، وماهية الثقافة السورية، تلك الثقافة التي افتقدناها في ظل حكم البعث الشوفيني، و لو حذوا المسلمين العرب ومن ثم العثمانيون حذو حزب البعث، لكنّا الآن أمام حالة ثقافية مغايرة للواقع تماما.