حواس محمود
ما يدعو للطرافة والفكاهة فعلا ولكن مع عدم خلو الأمر من مرارة العاقل حال شعوب المنطقة العربية والشرق الأوسطية فالقائد الزعيم الملهم ، الضرورة ، التاريخي ، العظيم ، المهيب ، الذي استلم الحكم بالحديد والنار ونتيجة للقمع الممنهج تجاه شعبه ، عندما يتحدث أمام الشعب مهما كان متخلفا وغبيا ولا يفقه بأمور السياسة وكيفية ادارة أمور الدولة ، فانه اذا تحدث فان حديثه جواهر وان سكت فان سكوته من ذهب وان افتتح مدرسة فان التصفيق جار بقوة لاسيما وهو المعلم الاول ، وان سافر الى دولة أخرى فان وسائل الاعلام كلها تهيج وتميج للحديث عن زيارته التاريخية وان دشن مشفى فانه هو الطبيب الاول ، وان افتتح جامعة فانه الجامعي الاول ، وان كتب مقالا فانه المفكر الاول وان افتتح بناء هندسيا فانه المهندس الاول وان كتب قصيدة فهو الشاعر الاول وان زرع شجرة فهو الفلاح الاول وان استخدم آلة فهو العامل الاول أما عن الجيش فلا نتحدث لأنه أساسا القائد الاعلى للجيش والقوات المسلحة ،
ويحلو لهواة العلم والادب من مادحي الحاكم بامر الله الى يوم يأتي الفرج على الشعب المسكين ، أن يكتبوا عن أمجاده وبطولاته وفكره في الزراعة والصناعة والتجارة حتى ان احدهم قد كتب كتابا عن فكر أحد طغاة العرب في الزراعة ونال عليها درجة الدكتوراة في فكر القائد عن الزراعة وعندما جاءت رياح التغيير عاتية وسقط القائد اعفي صاحب الكتاب من درجة الدكتوراة لأن مؤلفه كان هراء بهراء !
واذا تحدث الزعيم في أي شأن من الشؤون كان له التصفيق حاضرا وان شتم الشعب فالتصفيق حاضر وان مدح الشعب فالتصفيق حاضر ، حتى أن التصفيق اضحى حركة آلية ميكانيكية مستخرجة من معمل الاستبداد والقهر ، الا ان هاجس الخوف يلاحق المواطنين حتى بعد رحيل الطاغية لقد قال احدهم ان صدام حسين بعد سقوطه سيعود في اي لحظة وانه لم يسقط لأنه لطالما أصيب بنكسة أو وقع انقلاب أو انتفاضة ضده وعاد للحكم ثانية
الى هذه الدرجة يتم تربية الشعوب على ثقافة الخوف ، ثقافة التصفيق ، ثقافة الخنوع ، ثقافة الخضوع ، ثقافة الببغاء
هذه الشعوب هي أقرب للموت منها الى الحياة اذا لم تمارس الشعوب حريتها بحياة حرة كريمة فان الموت اليها اقرب والذبول اليها ادنى والانهيار اليها اوشك
اذن شعوب الشرق الاوسط والمنطقة العربية هي شعوب الببغاء هي تجيد تقليد كلام الزعيم والتصفيق له بغياب للعقل الى حد الغيبوبة الطويلة الامد ووضع الفكر في ثلاجة الاستبداد والبصم بالعشرة للقائد الاوحد والزعيم الابرز والرئيس الامجد
………………………………………………………………