أحدّثكم عن حفيدتي الصغيرة الفنانة الكردية السورية الألمانية اويانا مهيار ابراهيم محمود ؟!

 ابراهيم محمود
أحدثّكم ” أنتم، من يهمكم أمُر كهذا: أن تكونوا جدوداً، وعن بُعْد هنا، أمر مَن يكون أحن من الولد، وهو ولد الولد، أمر من تجدون فيه ديمومة لعمر إضافي، لاسم محوَّل وله اعتبار آخر ” عن حفيدتي اويانا مهيار ابراهيم محمود مواليد قامشلو أيام زمان 7-1/ 2012 ،، وقد يكون أيٌّ منكم، مثلي. حيث كانت بالكاد تتهجى الحرف، وها هي تتهجى جملة طويلة، والألمانية أكثر من الكردية السورية، بحكم العلاقة، معبّرة عما اكتشفتْ بها، فيها نفسها المحلّقة الأخرى، موهبة تترجم لسان حالها مباشرة، فالعين تترجم دونما ترجمان محلّف. شكراً للألمان الذين أتاحوا لها بزوغ اويانا الفنانة الصغيرة، وربما الكبيرة، كما آمل، غداً. ماالذي كانت ستعرَف به، لو أنها لم تيمم شطر ألمانيا: عادية، كآلاف مؤلفة مثلها، مهيضة جناح روحها الطفولية الفعلية؟!
ما أعلمنَي به والدها الفنان هو الآخر، والذين سيكون له معرض فردي كبير بعد عدة أشهر هناك، هو ما تفتقتْ عنه موهبتها الإبداعية، خيالها الذي سيؤسس لشخصية أخرى، أبعد من حدود الاسم المعتاد، كما تقول لوحات لها، اُحتفيَ بها مدرسياً، وعلى الطريقة الألمانية، ولا يشَك في ذائقتها الفنية، ووفق معايير عمرها الطفولي، ومعرفتها الطفلية: ترسم كما تعرف. وعلينا تحرّي هذا العالم الصغير/ الكبير الذي تحيلنا إليه، كما هي ألوانها الدفاقة، مجتمع ألوانها، صيَغ التعامل بين هاتيك الألوان، لنكون إزاء حضورات كيانات: بشرية، حيوانية، نباتية، ليل- نهارية، تجاوباً مع شاغلها النفسير: لاحظوا كيف تدخلت في بناء لوحة ” موناليزا ” لدافنشي، ما الذي أظهرته أكثر من سواه: الخدان، الابتسامة، اليدان، وتباعد الأصابع للتميز، والبعد الهارموني بين البارد: الأزرق، ورديفه الأخضر، وشبيه الدافىء: الزهري، ثم البياض والسواد” لاحظوا طريقة رسم العينين والهدبين….الخ.
ذلك ينطبق على كائنها الطَّيري، شبيه البطريق ” تذكّر ألوانه بألوان العلم الألماني “، والسمكة التي أظهرت في مخروطيتها الأزرق المائي، ومن ثم الثعلب، والأبرز فيه: خطمه، وهكذا الحال مع مشاهد ليلية، والفتاة بمظهرها البيكاسوي أحياناً،  ومن ثم الشجر، وطريقة أرشفته لونياً، وكيفية تلقيها لعالمها…الخ .
ويعلِمني أبوها، عن بعض طباعها، وهي تقيم علاقتها مع الألوان، اللوحة، طريقة فرز الألوان، أنها أحياناً تبكي، تعبيراً عن معاناة معينة، فكرة خاصة بها، يصعب عليها نقلها إلى جملة لونية أو خطوط لها دلالات بأبعاد تعنيها، وما في ذلك من سعي إلى التحليق خارج المكان .
شكراً مجدداً لألمانيا، للألمان، على هذه الفرصة ” الاويانية ” رغم مأساة البعد، ولو أنهم لا ينشغلون بأمرها، إلا لأنهم يريدونها اويانا ألمانية، وتلك براعتهم في الدمج !
وهذا ما يمكن اعتماده جهة المساءلة عما هو مطلَق : ألواناً، خطوطاً، أبعاد مسافات، وتوضُّع خلائط لونية، هذا ما يمكن النظر في الخفي فيه، حيث بدعة رسوم الأطفال ومعانيها وروعة المودَع إشارات ورموزاً، إن تفاعلنا قليلاً، مع إحدى المختصات بعالم كهذا: آنا أوليفيريو فيراريس.
ما أكتبه، هو ما تمكنتُ من التعبير عنه إيجازاً، دون نسيان فورة الألم تجاه حفيدتي الكردية الألمانية، ومنحة السعادة الجَدّية، وعمق مناقبها، ومرارة التعبير، حيث إنها تعيش الآن طفولتها على الطريقة الألمانية، ولا أظنها ستلتقط حرفاً مما كتبته في مقالي المقتضب هذا، إنما عن طريق ترجمان، ومأساة الترجمة في وضع كهذا، كما لو أنني أكتب وأقرأ ما أكتب،وأسمِع نفسي صدى متخيلاً بصدد ما أستشعر مبنى ومعنىً، وأسطر في الفسحة الالكترونية الباردة واللامبالية بأكثر من معنى!
أتراها ستقدّر نوعية العاطفة التي حفّزتني على كتابة هذه الكلمات عنها، وبيننا أكثر من غربة وغربة وغربة ؟!


شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…