التذكير بالارهاب الاسلامي الخطير !!

  درويش محمى

قبل وفاته، اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق مناحيم بيغن، بوقوفه ووقوف منظمته ارغون، وراء التفجير الارهابي الذي استهدف هوتيل كينغ دافيد عام 1946، العملية اسفرت حينها عن مصرع  28 بريطانياً و41 عربياً و17 من اليهود و3 اشخاص مجهولي الهوية، والمهندس السويدي “مارتين اكنبري” كان اول من اخترع واستخدم الرسائل المفخخة، وكان مطار تل ابيب عام 1972على موعد مع مجزرة قام بها ثلاثة من اعضاء الجيش الاحمر الياباني، ذهب ضحيتها  28 شخصاً معظمهم مدنيون من موظفي المطار، وفي العام نفسه اغتيل الكنفاني بتفجير سيارته
وفي سابقة خطيرة في تاريخ العمليات الارهابية قامت المخابرات الفرنسية في عام 1985بتفجير قارب تابع لجماعة الخضر المسالمة في سواحل نيوزلندا، قتل على اثرها صحفي برتغالي حصل اهله بعد مقتله على 20 مليون دولار امريكي كتعويض من الدولة الفرنسية، وفي عام 1995 قامت جماعة “اوم شينري كيو” اليابانية بعملية ارهابية في مترو الانفاق استخدمت فيها قنابل من الغازات السامة، ولاداعي للتذكير بعمليات الجيش الجمهوري الايرلندي ومنظمة ايتا الباسكية، ويطول الحديث وربما لا ينتهي، لو اردنا التذكير بالعمليات الارهابية المختلفة، سواء اكان الحديث عن ارهاب الدولة او ارهاب المنظمات .
الغاية من الاسترسال في ذكر بعض العمليات الارهابية في المقدمة اعلاه، هي للتأكيد على صوابية الرأي القائل بعالمية الارهاب، وللتأكيد اكثر نقول وبصريح العبارة، امنا بالله واليوم الاخر وبعالمية الارهاب، لكن هذا لا يبرر ولا يضفي الشرعية على الارهاب الاسلامي، فارهاب طرف لايبرر ارهاب الطرف الاخر، وادعاء فقهاء الارهاب الاسلامي، بأن ارهابهم هو مجرد رد فعل على الارهاب الامريكي والاسرائيلي، انما هو ادعاء باطل وحجة ضعيفة واهية غير مقنعة تجافي الحقيقية والواقع، وتبرير فاشل الغاية منه التمويه والتضليل .
يدرك المتتبع لظاهرة الارهاب، ان الفعل الارهابي طالما كان سلاحاً للضعفاء، وغالباً ما كان الارهابي يتهرب في الكشف عن هويته، ادراكاً منه انه يرتكب خطيئة، اما المجاهد بأذن الله الارهابي الاسلامي، فهو على العكس تماماً، يتباهى ويفتخر ويتمختر وهو في طريقه الى الجنة والجريمة، ويتم تصوير العمليات الجهادية الارهابية هذه الايام، بالوان الدم وبالصوت والصورة لتنشر للعلن فيما بعد، فتسمى العملية بالمقاومة والمنتحر بالمجاهد والضحية بالكافر، هنا بالتحديد تكمن خطورة الارهاب الاسلامي، ولا تقتصر تلك الخطورة على حجم العمليات العنيفة التي تستهدف المدنيين الابرياء، ولا في الاساليب الوحشية المبتكرة من نحر وقطع للرقاب والقتل لا على التعيين وحسب، بل في المنظومة القيمية والاخلاقية للفكر المحرك له، وصلابة تمسك مجاهديه بالماضي الغابر ومحاولة فرض قيم ذلك الماضي وقوانينه العتيقة بالقوة على الجميع دون استثناء، وفي الرؤية المنغلقة لامراءه وفقهاءه، القائمة على رفض كل ماهو غير مسلم، وكل ماهو مخالف لفهمهم الضيق ونظرتهم القاصرة الى الحياة والاخرة معاً، وخطورة الارهاب الاسلامي تكمن كذلك، في استناده على العقيدة الراسخة وعلى منطق الحقيقة المطلقة، دين المليار من البشر، وعلى الجهاد كفرض عين، فالعملية الانتحارية بحد ذاتها تحولت الى غاية والقتل الى هدف، وهذا هو الفارق بين الارهاب الاسلامي وغيره من انواع الارهاب .
كما يختلف الارهابي الاسلامي عن الارهابي الاخر، كونه محارب لا ينتمي الى الحاضر ولا المستقبل، محارب من الطراز القديم على طريقة القرن السادس الميلادي والصفر الهجري، فحتى عمليات منظمة ارغون الاسرائيلية البشعة، كانت تهدف الى ارهاب الفلسطينين للفرار من قراهم وترك ممتلكاتهم، اما الارهاب الاسلامي الذي يستهدف المدني الامريكي والمدني الاسباني والانكليزي والفرنسي واللبناني والاسرائيلي والعراقي الشيعي والكردي وفي بعض الاحيان السني فهو يستهدف الضحية لشخصه باعتباره غير مسلم او مسلم منحرف.

  
المعركة التي يراد لها ان تكون على غرار معركة يرموك التاريخية، والتي انتصر فيها بضعة الاف من المجاهدين على مئات الالاف من الروم الصليبيين الكفرة، مثل هذه المعركة التي يتمنى البعض تكرارها اليوم، والتي يشارك فيها البعض بالفعل في كل من العراق وافغانستان وحتى في بعض العواصم الغربية كلما سنحت للمجاهدين الانتحاريين الفرصة، تلك المعركة التي لم تعد مجرد امنية تداعب خيال البعض، الخاسر الاكبر فيها، هم نحن اتباع امة محمد عليه الصلاة والسلام، نحن العامة من المسلمين، فعوضاً عن اللحاق بركب الصالحين من عباد الله في العالم المتطور والمزدهر الديمقراطي، هناك من يسعى لاعادة عقارب الساعة الى الخلف، لتحقيق حلم تغيير العالم على طريقة افلام الخيال العلمي في السفر عبر الازمان الى الماضي، او جلب الماضي الى الحاضر،لا يهم، على خلاف كل قوانين ونواميس الطبيعة والحياة، التي تقول بالتقدم الى الامام والتغيير نحو الافضل .


الاستبداد ومشتقاته من فقر وجهل وبطالة وحرمان وفقدان الحريات، بالاضافة الى سياسة الكيل بمكيالين والانحياز الغربي لاسرائيل، لا شك انها عوامل واقعية مشجعة لانتشار الارهاب الاسلامي، لكنها تبقى مجرد اسباب ثانوية مقارنة بفقه فقهاء الارهاب، العامل الاهم والدافع الاكبر لظهور الارهاب الاسلامي وتفشيه، واعتقد جازماً ان الارهاب الاسلامي لايمكن مكافحته والقضاء عليه، الا من خلال البحث عن اصحاب اللحى والفتاوى، ورفع الحماية عنهم وملاحقتهم ووضعهم في اماكن للحجز الصحي حالهم حال المرضى النفسيين المهووسين بالقتل، واذا دعت الحاجة واستلزم الامر، لا مانع من ارسالهم الى الاخرة التي يفضلونها على الحياة، ولما لا؟؟ فهم طالما ارسلوا اتباعهم الى تلك الاخرة عن سبق اصرار وترصد، وللاسف اخذوا معهم الكثير من الارواح البريئة.
كاتب سوري
d.mehma@hotmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…