المجلس الوطني الكردي والدور المنوط به

ريزان شيخموس
مازال المجلس الوطني الكردي والذي تأسس عام 2011 من غالبية الاحزاب والتنسيقيات الكردية والعديد من الشخصيات الوطنية يملك الكثير من أوراق القوة في الساحة الكردية رغم كلّ الظروف القاهرة التي يمرُّ بها المجلس، والعوامل الداخليةوالخارجية التي ساهمت في أضعافه وتهميش دوره على كافة الأصعدة. ولن ننسى مئات الآلاف من ابناء الشعب الكردي الذين خرجوا في كافة المدن الكردية في تظاهرة يوم “المجلس الوطني الكردي يمثلني” 
كان واضحاً رغبة الشعب الكردي في توحيد كل الاحزاب الكردية والدور المطلوب منهم في المستقبل السوري، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: لماذا لم يستطع المجلس الحفاظ على جماهيره والقوة التي كان يملكها، ويطوّرها ليكون الفاعل الأولوالجدّي في الساحة الكردية في الوقت الذي لم يستطع حزب الاتحاد الديمقراطي ان يحرك سوى المئات في التظاهرات الداعمة له ولسياساته؟ ماالذي حصل؟ وماهي الأسباب الحقيقية الداخلية والخارجية التي ساهمت في تغيير الظروف والمعادلات فيالساحة الكردية؟ رغم وجود الكثير من الأسباب الداخلية التي عطلت من تفعيل دور المجلس الوطني الكردي، ولم يحاول قاداته الاستفادة من الطاقات الكثيرة والكامنة في النخب الثقافية والعلمية والشبابية والاجتماعية والقانونية التي يملكها شعبناالكردي وتفجير هذه الطاقات في تحويل المجلس الى مؤسسة وطنية ضخمة تستطيع أن تلعب دوراً حيوياً مهماً في الساحة الكردية السورية رغم الدعم الكبير الذي قدمه الرئيس مسعود بارزاني والحزب الديمقراطي الكردستاني للمجلس، ولن أدخل فيبيان الأسباب الداخلية، وهي كثيرة، وسأكتفي في إظهار العديد من العوامل الخارجية التي ساهمت من افراغ المجلس الوطني الكردي من الدور المنوط به ومن أهمها: إن الحرب الذي شنّها حزب الاتحاد الديمقراطي وميلشياته على المجلس إبّاناستلامه الملف الأمني للمناطق الكردية من النظام السوري وامتلاكه القوة العسكرية والمالية الضخمة وممارسته كل أشكال الارهاب والقتل والخطف بحق النشطاء السياسيين والإعلاميين والشباب الكردي واستخدامه نفس السيناريو الذي عمل به حزبالعمال الكردستاني في كردستان تركيا والذي ساهم في افراغ المناطق الكردية من الأحزاب الكردستانية ونشاطاتها، والذي مازال مستمراً في هذه السياسات الارهابية وخاصة خطف قيادات وكوادر المجلس الوطني الكردي، ونفي العديد منهم وخطفالشباب والأطفال وتجنيدهم الإجباري وممارسة الرعب كلها لم تساهم فقط في أضعاف المجلس بل ساهمت في تفريغ المناطق الكردية، وخاصة من الفئة الشبابية والمثقفين والكتاب والذين يمكنهم ان يكونوا الرافد الأساسي للمجلس في المستقبل. كما انالمعارضة العربية والتي شارك معها المجلس الوطني الكردي في تأسيس أطرها، ومازال موجوداً في مؤسساتها لم تدعم المجلس بل بالعكس نتيجة سياساته ومواقفها العدائية من القضية الكردية وخاصة بما يتعلق بموضوع احتلال عفرين ساهمت فيخلق أجواء سلبية في الوسط الكردي ورفع أصوات كثيرة تدعو لسحب المجلس الوطني الكردي من الائتلاف، وهذا في النتيجة يخدم حزب الاتحاد الديمقراطي وسياساته ويساهم في أضعاف المجلس ودوره. 
 ان كل هذه الأسباب وغيرها ساهمت في أضعاف المجلس الوطني الكردي، لكن مازال لديه الكثير من أوراق القوة، ويمكنه ان استلام زمام المبادرة والاستفادة القصوى من المشروع القومي الكوردستاني بقيادة الرئيس مسعود البارزاني والذي هوجزء منه، ويتلقى الدعم الكبير من اجل تفعيل دوره.
إن المجلس الوطني الكردي يحتاج الى مراجعة شاملة لوضعه التنظيمي والسياسي والإعلامي وإعادة الهيكلة لمؤسساته والمباشرة بالدعوة إلى عقد مؤتمر وطني كردي لابد من التحضير له جيداً بالاستفادة من كل الطاقات الثقافية والاجتماعية والشبابيةوالعلمية والإعلامية الكردية الموجودة في الداخل والخارج والتي يشعر الكثير منهم بالإقصاء وتهميش دوره وإشراكها في عملية التحضير لهذا المؤتمر ودعوة كل الاحزاب والمنظمات الكردية المتقاطعة سياساتها مع سياسات المجلس الوطني الكرديوخاصة هذه الاحزاب التي كانت موجودة فيه . 
لابد ان يكون هذا المؤتمر المحطة الوطنية لمناقشة كل القضايا السياسية والتنظيمية وبناء مؤسسات المجلس الحقيقة وخاصة في مجالي العلاقات الدبلوماسية والإعلامية من ذوي الكفاءات العالية بعيداً عن الاطر الحزبية الضيقة والمحاصصة التي تشكلالخطر الحقيقي على مستقبل المجلس الوطني الكردي، وايلاء الأهمية اللازمة هذه القطاعات في المستقبل السوري العمومي وخاصة بعد ان تحولت سوريا إلى بلد محتل من العديد من الدول العالمية والإقليمية . ولهذا بات من الضرورة بمكان تشكيلالمؤسسة الدبلوماسية من الطاقات والاختصاصات المعنية في هذا المجال والمباشرة الفعلية في القيام بدورها بالتواصل مع المنظمات والمؤسسات الدبلوماسية  الدولية والتفاعل معها وخاصة ان سوريا مقبلة على محطات مهمة، ولابد ان يكون للكرددورٌ مهمٌّ وأساسيٌّ في المستقبل السوري . 
ان التحرّك العاجل والجدي بعقد المؤتمر للمجلس الوطني الكردي وبناء مؤسساته سيساهم في احياء وتفعيل دور المجلس، حيث هناك الكثير من المتربصين والذين يعملون بجدية فائقة اعتماداً على القوى الإقليمية والمحلية بانهاء دور المجلس الوطنيوتحويله إلى هياكل متكلسة وعندها الخسارة ستكون كبيرة جداً وستطال الجميع .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية كبرى خلال العقود الأخيرة، وكان من أبرزها انهيار حزب البعث في كل من العراق وسوريا، وهو الحزب الذي حكم البلدين لعقود طويلة بقبضة حديدية وحروب كارثية اكتوت بها شعوب البلدين وشعوب المنطقة وخاصة كل من لبنان وإيران والكويت، ناهيك عن الضحايا الذين فاقت اعدادهم الملايين بين قتيل وجريح ومعتقل ومهجر، أدت تلك…

بوتان زيباري في عالمٍ يموج بين أمواج الآمال والظلمات، يقف العرب السُنة اليوم على مفترق طرق تاريخيّ يحمل في طياته مفهومات المسؤولية وجوهر الهوية. إذ تتساءل النفوس: هل ستكون سوريا جنة المواطنة المتساوية أم ميداناً لحروب أهلية لا تنتهي؟ ففي قلب هذا التساؤل تنبعث أنوار براغماتية تعلن رفض الوهم الخادع لإقامة دولة إسلامية، وفي آنٍ واحد تفتح باب السلام…

فرحان كلش بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟ أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة. في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي…

أزاد فتحي خليل* منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، شهد المجتمع الكوردي تحديات كبيرة واختبارات دائمة في ظل تلك الظروف المضطربة. لم يكن الصراع بعيدًا عن الكورد، بل كان لهم نصيب كبير من التداعيات الناتجة عن النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. إلا أنه، في خضم هذه التحديات، برزت أيضًا بعض الفرص التي قد تعزز من مستقبلهم.