بحلول التاسع والعشرين من هذا الشهر يدخل مشروع تيار المستقبل الكردي في سوريا عامه الرابع عشر، بهدف تأسيس مدرسة جديدة للفكر الكردي النهضوي، وكمشروع ثقافي وسياسي , يستنهض الطاقات الشبابية الكردية ويعيد تأطيرها، ويفعّل دورها المجتمعي، عبر احترام ثقافة الاختلاف و قبول الآخر، والتعايش معه، حيث قدم وثائق فكرية وسياسية متماسكة تصلح لأنتكون ركيزة متينة لمؤسسة سياسيّة مدنية تستطيع ان تعيد للهويّة الوطنيّة الكردية بريقها ، لكنها اصطدمت بواقع المجتمع الكردي ووقائعه العنيدة التي اجهضت هذه المحاولات منذ لحظات التأسيس الاولى الى حين استشهاد الشهيد مشعل التمو برصاصات الغدر التي لم ترضى الا ان تسكت هذا الصوت الاصيل، لابل ناصبت العداء لكل اعضاء التيار واصدقائه، وعملت علىتقسيمه وتشتيته وانهاء دوره .
لقد انطلق التيار في رسم سياساته من التحليل الملموس للواقع الملموس ودراسة موازين القوى الفعلية ,ومن المنجز المعرفي والإنساني الذي وصلت اليه البشرية لرسم مبادئ وأهداف عملية ممكنة لحل القضية الكردية في سوريا بما يتناسب مع العهود والمواثيق الدولية ذات الصلة ،عبر ممارسة أساليب النضال المختلفة لاستنهاض المجتمع الكردي عبر كسر حاجز الخوف.
لقد طرح التيار نفسه حالة معارضة لنظام الاستبداد ، بهدف كسر احتكار واستئثار حزب البعث بالدولة والثروة والمجتمع ، فنظم مظاهرة للكشف عن مصير الشيخ معشوق الخزنوي المختطف من قبل نظام الأسد وهو قيد التأسيس مع حزب يكيتي ولاحقا عبر لجنة التنسيق الكردية مع حزبي يكيتي وازادي ، والمجلس السياسي الكردي (تسعة احزاب) الذي قام بمظاهرة في دمشقمن اجل اسقاط المرسوم 49 ، ثم شارك في الثورة السورية ابان انطلاقتها، اعلن انحيازه الى الشباب الكردي الثائر ، واليوم بعد كل ما حصل، يمكن تلخيص المشهد السوري بجملة من التطوّرات والأحداث أهمها وصول الأوضاع إلى حالة مزمنة من الاستعصاء أصبح فيها الحسم العسكري مستحيلاً حيث تؤكد معظم الاطراف الاقليمية والدولية على ضرورة الحل السياسي وفقالقرار الاممي 2254 رغم تعثره بسبب تعنت النظام من جهة والاحتلالات التي حصلت من جهة اخرى، و مع تصاعد الدورين الروسي و الإيراني في سورية عسكريّاً واقتصادياً وسياسيّاً ، وبروز دور إسرائيلي من خلال قصف أهداف ايرانية محددة في سورية، ودعم تركي لبعض المجموعات الاسلامية في ادلب وفشل مسار استانا ، وتوقف العملية التفاوضية في جنيف ..
ان تيار المستقبل الكردي يرى في أن إنهاء دولة الخلافة الإرهابية (داعش) هو تطوُّر إيجابي في المنطقة. إلا أنها لا تعني نهاية داعش، الامر الذي يمكن اعادة انتاجه من جديد في ضوء ما تعيشه المنطقة من صعوبات معيشية وامنية والعنف المتنقّل في الجغرافية السورية، وأن السبيل الأمثل بالقضاء على الارهاب بكافة اشكاله وصوره هو تفعيل العملية السياسية وإيجاد حلٍّ شامل للوضع السوري، من هنا فانه يؤكد على تمسكه بالهدف الأسمى للوصول إلى سورية الدولة الديمقراطية التعددية لكل أبنائها. وهذا يتطلب وجود حكومة انتقالية وفق ما جاء في بيان جنيف 1 ، على أن تتمتع بصلاحيات تنفيذية كاملة ، للعمل على وقف العنف من كافة الأطراف ، وإطلاق سراح الموقوفين والمخطوفين ، وإغاثة المناطق المنكوبة وفكّ الحصار عن أبنائها ،وتسهيل عودة النازحين داخل وخارج سوريا إلى قراهم ومدنهم وتقديم العون لهم لممارسة نشاطهم الاقتصادي والاجتماعي وتعليق العمل بالدستور الحالي ، وبقوانين الأحزاب والإعلام والانتخابات، والاسراع لوضع بدائل عنها وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية حرّة ونزيهة وتحت إشراف دولي تضمن حريّة اختيار الشعب لممثّليه في كل المستويات ، والاعتراف الدستوريبالشعب الكردي كمكون اصيل يعيش على ارضه التاريخية وحل قضيته القومية وفق العهود والمواثيق الدولية وبضمانات دستورية ، والدعوة لعقد مؤتمر حوار يحضره كل السوريين من أجل التوصّل إلى عهد وطني جديد ملزم للجميع.
وفيما يتعلق بالمشاريع التي تطرح للمناطق الكُـردية وشرق الفرات عموما حيث لم تتوضح معالم هذه المشاريع والمنطقة الآمنة حتى الان، فانه يؤكد على كل المبادرات التي تهدف لحماية شعبنا الكُـردي، وكافة المكونات الأخـرى و جعل هذه المناطق آمنة تجاه المخاطر المحدقة بها، وبرعاية دولية واقامة علاقات مع دول الجوار قائمة على اساس عدم التدخل والاحترامالمتبادل .
وفي الشأن الكردي يؤكد تيار المستقبل موقفه الواضح من حزب الاتحاد الديمقراطي PYD وميليشياته والذي لازال مستمراً في سياساته القمعية بحق الشعب الكردي وقواه السياسية والتي عرقلت تطور الحياة السياسية في كردستان سوريا، خاصة لأحزاب المجلس الوطني الكردي و منع نشاطها السياسي والاعتقال التعسفي لقياداتها على قاعدة رفض الرأي المخالف وفرضالأمر الواقع، وتدمير العملية التعليمية والحياة المدنية في المناطق الكردية، وقد تصاعدت عمليات اقتحام القرى والبلدات الكردية بحثاً عن الشباب واختطافهم وتجنيدهم رغماً عنهم وزجهم في حروب تخدم مصالحه وأجنداته بعيداً عن مصلحة الشعب الكردي.
وفيما يتعلق بعفرين الكردية يدين تيار المستقبل الاعمال الاجرامية والخطيرة التي تمارسها الميليشيات المسلحة المدعومة من الدولة التركية والتي استباحت كل المحرمات ومارست القتل والنهب والتشريد والتنكيل بسكانها الاصليين والمس بالتركيبة السكانية وإجراء التغيير الديمغرافي لمنطقة عفرين الكردية، ويدعو الائتلاف وكل القوى المعارضة ببيان موقفها الواضح من هذهالاعمال الاجرامية كما يدعو المجتمع الدولي ممارسة كل أشكال الضغط على الحكومة التركية لإيقاف هذه الممارسات وإخراج المسلحين منها وتسليمها الى أهلها لإدارة شؤونهم، والقيام بمسؤولياتها تجاه هذه المنطقة وفق القانون الإنساني الدولي.
إننا في تيار المستقبل الكردي في سوريا، وفِي الذكرى السنوية الرابعة عشرة لتأسيسه نؤكد مرة أخرى لجماهير شعبنا بأننا لم نكن بقدر المسؤولية التي ألقاها على عاتقنا الشهيد مشعل التمو وذلك لصعوبة المرحلة وخطورتها، وان التيار مر بمراحل عصيبة وتعرض الى التشرزم والتشتت والتعطيل لأكثر من مرةً، وكان يمكن تجاوز هذه الظواهر من خلال الاستيعاب والتفهمللرأي المختلف، ونؤكد في هذه المناسبة على تمسكنا بالحقوق القومية الكردية وبثوابت التيار التي تأسس من اجلها واستشهد في سبيلها قادته الاوائل من اجل ارساء قيم الحرية والكرامة والعيش المشترك في اطار وطن تشاركي يعيش الجميع في ظله بسلام وامان بعيدا عن العنف والارهاب.
29-5-2019
تيار المستقبل الكردي في سوريا
الهيئة القيادية