في الذكرى (104) للمجزرة الارمنية ودور الأرمن في جمعية خويبون

كونى ره ش
 
  يومها، سألني ارفع رتبة في جهاز الامن في المحافظة عن اتجاهي السياسي، أجبته لست سياسياً ولا أهتم بالأمور السياسية، إنما اكتب باللغة الكردية والعربية في بعض الأحيان وأجمع ما تناثر من الفولكلور الكردي من قصص وحكايات تراثية.. فرد علي حانقاً: يا أستاذ! كتاباتك باللغة الكردية هي سياسة بحد ذاتها.. فكيف تقول لي لست سياسياً؟! وهنا أمعنت النظر من خلال النافذة بعيداً، ولم أعد استطيع ان اسمع أو فهم ماذا كان يقول لي بعد ذلك..
 وهنا اقول للذين يقرؤون كتاباتي باللغة العربية حول الإبادة الجماعية للأرمنية او غيرها من كتاباتي بالعربية، لست سياسياً ولست مرتبطاً بأي حزب سياسي كردي، وإنما كردي أنا..! التزم بكرديتي من خلال كتاباتي من شعر وتأريخ ورواية ومقالات.. وكم يسعدني ان احافظ على استمراري في هذا النهج دون توقف أو دون انحياز الى هذا الطرف أو ذاك وان اقول الحق ولو على نفسي أو على قومي..
  وبمناسبة الذكرى الرابعة بعد المائة للمجزرة الأرمنية، بودي أن اصطحبكم معي في جولة سريعة الى (جمعية خويبون)، ودور الأرمن من حزب طاشناق في تأسيسها ودعمها مادياً ومعنوياً وأسلط الضوء على بعض الشخصيات الأرمنية التي شاركت فعلياً ضمن نشاطات جمعية خويبون. 
حزب طاشناق: تأسس هذا الحزب عام 1890، ظل يعمل بشكل سري من اجل الحصول على استقلال أرمينيا وكان يؤمن بالكفاح المسلح.. وتمكن من فتح فروع له في لندن وباريس وبرلين وبروكسل وغيرها..
 جمعية خويبون: أول تنظيم سياسي كردي يطرح مفهوم القومية الكردية بشكل معاصر. تأسس هذا التنظيم في يوم 5 تشرين الأول 1927م، في لبنان، بلدة بحمدون، بمساعدة الأرمن من حزب طاشناق وفي منزل السياسي الأرمني فاهان بابازيان.
   لم يكن العمل ضمن هذا التنظيم محصوراً بالكرد فقط، بل كان مفتوحاً للشعبين الكردي والارمني معاً, فانضم إليه الأرمن ايضاً وفقا للبند الأول من المادة الأولى من ميثاق الصداقة والتعاون بين جمعية خويبون وحزب طاشناق الأرمني والذي نص على مايلي: (ان كل طرف يؤمن بمبادئ الطرف الآخر، وكلاهما يعترفان بتأسيس كردستان مستقلة وأرمنستان متحدة. ولأجل الدفاع عن هذه الحقوق عليهما استغلال الفرص المتاحة كافة والاستعداد للتعاون والتضامن معاً..).
   وقد أدى الأرمن دوراً بارزاً في جمعية خويبون ووليدتها (ثورة آكري)، بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا وعملوا بما اتفقوا عليه ضمن كل ما ورد في ميثاق الصداقة والتعاون بين جمعية خويبون وحزب طاشناق، فقد كان للأرمن ممثلان دائمان لدى جمعية خويبون، احدهما في القيادة العسكرية مع الجنرال إحسان نوري باشا وهو أردشير مراديان والثاني هو هراج بابازيان الذي كان مقرباً جداً من الأمير جلادت بدرخان، رئيس جمعية خويبون في سوريا.
وهنا بودي ان اقدم لكم نماذج من الشخصيات الأرمنية التي شاركت فعلياً ضمن نشاطات جمعية خويبون:
فاهان بابازيان (1868 – 1973): نائب سابق لمدينة (وان) في البرلمان العثماني وعضو في اللجنة المركزية في حزب طاشناق في باريس، كلف من قبل حزبه كمحاور مع اللجان الكردية في بلاد المشرق.. ساهم مساهمة فعالة في تأسيس (جمعية خويبون) الكردية في لبنان وبداره ببلدة بحمدون وحاز على صفة الأرمني الكردي.. لاحقاً نفي مع الامير ثريا بدرخان الى باريس.. 
أردشير مراديان: كان يمثل حزب طاشناق في ثورة آكري، ومسؤول عن لجنة العلاقات بين حزب طاشناق وجمعية خويبون. وكان معروفا بين الكرد في ثورة آكري باسم (أمير زيلان).
 هراج بابازيان: نائب سابق في البرلمان العثماني، وعضو بارز في حزب طاشناق. اصبح منذ عام 1927 الشخص الثاني بعد الأمير جلادت بدرخان في جمعية خويبون بسوريا (حلب).
 كريكور وارتينيان: كان أيضاً عضوا بارزا في حزب طاشناق.. رافق الأمير ثريا بدرخان الى اوروبا وامريكا، يروج للقضية الكردية.. وهناك العديد من الشخصيات الأخرى.
   أجل، كان لدعم الأرمن اهمية كبيرة في تأسيس جمعية خويبون وتأجيج نار ثورة آكري وتعريف العالم بالقضية الكردية وفضح مظالم الكماليين آنذاك، في حين لم تبد أية دولة أي مساندة أو مساعدة لجمعية خويبون وثورة آكري الكردية. وهنا لا يسعنا الا ان نشارك الشعب الأرمني العريق ذكرى الإبادة الجماعية التي تعرضوا لها والتي تقشعر لها الأبدان..؟!
 وهنا أقول: 
 أما آن لمرتكبي المجزرة الحقيقيين ان يعترفوا بأفعالهم؟ 
والكرد ان يقروا بمشاركة شريحة منهم مع الأتراك في المجزرة تلك؟ 
وأما آن للأرمن ان يكفوا عن اتهام الكرد كشعب بالمشاركة؟
وأما آن للبارون والماموستا والخوجا ان يعلموا التلاميذ السلام والوئام والمحبة ويزرعوا سهول آرارات وضفاف بحيرة وان بالزهور والورود ووديان زيلان وبدليس بأشجار الحور والصفصاف..
 كوني ره ش/ القامشلي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…