بعين دامعة وبعين حاقدة وساخطة على الحكم.. نظرة لنتائج السيل في إيران وذعر نظام ولاية الفقيه

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
لاتزال وسائل الإعلام الحكومية ممتلئة بانعكاسات شعار ازدهار الإنتاج في رسالة النوروز التي أطلقها خامنئي مرشد الملالي في حين ملأت الأمطار الشديدة والسيول العارمة أقساما واسعة من أرض إيران. كل العيون تنظر إلى إيران بقلق على الشعب وبقلوب متعاطفة. العيد الذي تحول فجأة لعزاء وحتى مراسم حداد الأعزاء تحولت لمشهد هامشي! الشعب جائع ومشرد وبقلب متألم وخائف متلهف يبحثون عن أحبائهم الضائعين ويستجدون طريقا للنجاة! لما أتت كل هذه السحب السوداء إلى إيران هذا العام! هل هذا نصيب الشعب الإيراني؟ أبدا!
إن مواقف وتصريحات رؤوس هذا النظام من الولي الفقيه وحتى رئيس جمهوريته ومن القادة العسكريين حتى مسؤولي البلاد مثيرة للاشمئزاز والقرف وأينما تجدهم يذهبون يواجهون الكره الشعبي. هؤلاء الذين يقدر عددهم ب ٤% من سكان إيران واستحوذوا على أكثر من ٩٠% من الاقتصاد الإيراني لم يقدموا أي مساعدة للشعب المنكوب وزادوا من آلام الشعب الإيراني. فهم ليسوا مستعدين لمد أيديهم لجيوبهم لمساعدة الشعب ولا يسمحون للشعب الإيراني بالاستفادة من المساعدات الدولية الأخرى. هناك العديد من الدول المستعدة للمساعدة ولكنها اصطدمت بعوائق تم خلقها من قبل حكومة الملالي. لأن الحكومة تريد من الدول تحويل المساعدات لها لتقوم بتوزيعها بنفسها.
إن التاريخ والسجلات السابقة دفعت الشعب الإيراني والحكومات والمنظمات الخيرية الدولية لعدم الثقة بإجراء النظام هذا. وتمنعهم عن دفع المساعدات الدولية للأجهزة الحكومية للملالي. لأن هذه المساعدات سيتم مصادرتها فورا من قبل النظام لتزيد من كمية أمواله اللامشروعة وسيتم تقديم جزء بسيط منها للشعب على أنها مساعدات من جانب الملالي للشعب المنكوب.
امام جمعة شيراز قال بعد السيل ومواجهة أبناء هذه المدينة مخاطبا المراسلين: “ذهبت لأوساط الشعب ولكني تلقيت مسبات كثيرة لدرجة أني فقدت أعصابي”.
وخلافا لعلي خامنئي وبقية مسؤولي نظام الملالي فإن الأزمة ليست ناتجة عن غياب الإدارة الفاعلة في النظام بل هي عبارة عن أزمة سياسية ناجمة عن أربعين عاما من النهب وقتل الشعب من قبل الملالي والأجهزة التي تم توظيفها لحماية النظام أي قوات الحرس التابعة للنظام. فهم كانوا ومازالوا في جميع الظروف يفكرون بسرقة وقتل الشعب. وهذه حقيقة واضحة في مشهد ايران الحالية والجميع معترفون بها.
الأشخاص الذين كانوا يتابعون أخبار السيول شاهدوا جيدا أن: 
الخسائر المالية والروحية لهذا السيل دفعها الشعب فقط ولم يتضرر شخص واحد من عملاء هذا النظام.
أنظار الشعب المنكوب بالسيل تعلقت بالمساعدات الشعبية بدلا من الحكومة.
لقد حرم نظام الملالي الشعب المنكوب بالسيل من الإمكانات العسكرية الهائلة في البلاد
كما حدث في أيام زلزال كرمنشاه وغرب ايران في عام ٢٠١٧ توجه مسؤولو النظام فقط من أجل أخذ صور السيلفي في المناطق المنكوبة بالسيل.
ولقد أظهرت تصريحات علي خامنئي حول السيل بوضوح مدى خوفه من سقوط نظامه. فهو يدرك جيدًا غضب الشعب من الملالي ويدرك أيضا المطالب الرئيسية للشعب للإطاحة بهذا النظام. ويعلم جيدا بأن ماذا سيجر هذا السيل من أزمات اجتماعية وسياسية عميقة ومستعصية غير قابلة للحل وما النتائج التي سيجرها.  مئات الأشخاص فقدوا حياتهم ودمرت آلاف المباني وعشرات المدن والقرى وتشرد الملايين وفقد الملايين الذي كانوا يعملون فرص أعمالهم. تدمير الزارعة وتدمير عشرات الكيلو مترات من الطرق وسكك الحديد وتدمير مئات الجسور وغيرها…
هل هذا النظام الذي يكرهه أغلب الشعب الإيراني ويريدون سقوطه ويتعرض لأشد أنواع العقوبات في تاريخ المجتمع الدولي ويعيش حالة عزلة كبيرة على المستوى الدولي واقتصاد بلده منهار وفي مأزق والنمو الاقتصادي في البلاد وصل قبل السيل ل ٤ سالب ووفقا لاعترف النظام نفسه فإن التضخم فيه وصل إلى ٤٠%، قادر على الاستجابة لهذه الحالة الطارئة؟ لا.
إن سجل هذا النظام في الأربعين عاما الماضية مليء بالنهب والقمع والقتل والاغتيال والذبح والوحشية. وفي مثل هذه الحالة كان النظام يسعى خلال العام الذي بدأ في السيل لزيادة ميزانيته العسكرية والقرع على طبول الحرب ضد الآخرين. في حين أن الشعب الإيراني وقف أعزلا وغير محصن أمام الزلازل والسيول وكافة أنواع الكوارث الاخرى وكان النظام العامل الأساسي والمسبب الرئيسي في هذه المشاهد المؤلمة التي وصفتها رئيسة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالكارثة الوطنية.
وفي سجل النهب الذي يحمله النظام أثبت ان النظام لم يتوانى عن بيع الأرض والماء والهواء في ايران وسعى بكل وقاحة لتدمير البلاد في حين أن الشعب الإيراني جائع ويعيش أكثر من ٥٠% منه تحت خط الفقر في إيران. 
ومع وجود هذه الكمية الهائلة من الملفات المؤلمة ، نجد أن كل عميل وكل عصابة من عصابات الملالي هي المسببة فيها.
الحقيقة هي أنه خلال السيل الأخير ظهر الدور المدمر لقوات الحرس مسبقا في حدوث هذه الكارثة الوطنية. هذا هو الجهاز التابع للولي الفقيه الذي سمي بالغول الاقتصادي في إيران وخلال أربعين عاما ماضية كان هذا الجهاز مسببا رئيسا في هذه الكارثة الوطنية التي نشاهدها اليوم بسبب عدم مراعاته للمعايير القياسية للمشاريع الكبيرة التي نفذت وفق توجه الازدهار الاقتصادي الذي أراده علي خامنئي و سيطرته على مصادر الإيرادات والمؤسسات التجارية والربحية والمصادر غير المشروعة.
وقبل عدة سنوات قدرت رويترز ثروة علي خامنئي بما يقارب ال ٩٥ مليار دولار وهو يملك أحد أكبر الشركات التجارية والمالية والنفطية في العالم والمعروفة باسم هيئة تنفيذ أوامر الامام.
ويأتي بعده قوات الحرس التي تعتبر المقاول الوحيد في جميع المشاريع النفطية في إيران والمقاول الوحيد في بناء السدود وأكبر مقاول في مشاريع الغاز ونقل الغاز في إيران. قوات الحرس تملك عدة مطارات وموانئ مخفية تقوم باستخدامها في تهريب البضائع. مطار بيام في مدينة كرج هو مطار خصوصي لقوات الحرس تنطلق منه رحلات خارجية خاصة بعيدا عن ضرائب جمارك النظام وتقوم قوات الحرس من خلال هذا المطار بعمليات التصدير والاستيراد ونقل الإرهابيين وتحريكهم.
في تاريخ ١٨ مارس ٢٠١٧ أعلنت شبكة خبر التابعة للنظام بأن مرابح قوات الحرس من مصفاة خاتم تصل ل ٦٠ مليون دولار يوميا. أي سنويا تصل مرابحهم لأكثر من ٢٠ مليار دولار. أي أن مربح يوم واحد لقوات الحرس من مصفاة خاتم يعادل ٧٠ ضعف الميزانية السنوية لمركز إدارة الأزمات في كل البلاد والإيرادات السنوية لنفس هذه المصفاة التابعة لقوات الحرس يعادل أكثر من ٢٤ ألف ضعف الميزانية السنوية لمركز إدارة الأزمات في البلاد.
رئيسة المقاومة الإيرانية في أول رسالة تعاطف وتضامن لها مع الشعب الإيراني المنكوب بالسيل طالبتهم بتشكيل مجالس شعبية من أجل مواجهة هذه الكارثة. إن تضامن وتعاطف الشعب وخاصة تعاون متضرري الزلزال مع منكوبي السيل الأخير الذي ظهر في نشاطات الشبان الثورية والمجالس الشعبية تحول لنقطة أمل للمستقبل. الشعب الإيراني يستطيع بالتضامن والتعاون والوحدة تحقيق المستحيلات والنظام خائف ومذعور بشدة من نتائج هذا التضامن والوحدة. لا يجب أن ننسى شروق وإشعاع الشمس بعد كل هذه السحب السوداء. وإن مشاهد السيل المؤلمة أعاد للواجهة مرة أخرى ضرورة وضع قوات الحرس على لوائح الإرهاب وإسقاط هذا النظام الاعتراف رسميا بشرعية مقاومة الشعب الإيراني.
إن المرحلة الجديدة من انتفاضة الشعب الإيراني من أجل إسقاط الملالي هي أحد أكثر نتائج السيل الأخير بروزا وهذه المرحلة سوف تهز الأرض تحت أقدام الملالي الحاكمين. ولا تشكوا للحظة بأن النصر سيكون حليف الشعب والمقاومة الإيرانية.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود شهدت منطقة الشرق الأوسط تحولات سياسية كبرى خلال العقود الأخيرة، وكان من أبرزها انهيار حزب البعث في كل من العراق وسوريا، وهو الحزب الذي حكم البلدين لعقود طويلة بقبضة حديدية وحروب كارثية اكتوت بها شعوب البلدين وشعوب المنطقة وخاصة كل من لبنان وإيران والكويت، ناهيك عن الضحايا الذين فاقت اعدادهم الملايين بين قتيل وجريح ومعتقل ومهجر، أدت تلك…

بوتان زيباري في عالمٍ يموج بين أمواج الآمال والظلمات، يقف العرب السُنة اليوم على مفترق طرق تاريخيّ يحمل في طياته مفهومات المسؤولية وجوهر الهوية. إذ تتساءل النفوس: هل ستكون سوريا جنة المواطنة المتساوية أم ميداناً لحروب أهلية لا تنتهي؟ ففي قلب هذا التساؤل تنبعث أنوار براغماتية تعلن رفض الوهم الخادع لإقامة دولة إسلامية، وفي آنٍ واحد تفتح باب السلام…

فرحان كلش بلاد مضطربة، الكراهية تعم جهاتها الأربع، وخلل في المركز وعلاقته بالأطراف، فمن سينقذ الرئيس من السلطة الفخ؟ أحمد الشرع يسير على حقل ألغام، كل لغم شكل وتفجيره بيد جهة مختلفة. في الإنتماء الآيديولوجي قريب من الأتراك، في منحى القدرة على دفع الأموال والبدء بمشروع بناء سورية في جيوب السعوديين، التمهيد العسكري لنجاح وثبته على السلطة في دمشق اسرائيلي…

أزاد فتحي خليل* منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، شهد المجتمع الكوردي تحديات كبيرة واختبارات دائمة في ظل تلك الظروف المضطربة. لم يكن الصراع بعيدًا عن الكورد، بل كان لهم نصيب كبير من التداعيات الناتجة عن النزاع الذي استمر لعقد من الزمن. إلا أنه، في خضم هذه التحديات، برزت أيضًا بعض الفرص التي قد تعزز من مستقبلهم.