محمد مندلاوي
أولا: وقبل أن أبدأ، دعوني أقولها بكل صراحة ودون تردد وبعيداً عن الدبلوماسية، أنا شخص قومي كوردي حتى النخاع، ودماء القومية الكوردية تسري في عروقي ما حييت، فلذا أكره أشد الكره حزب البعث العربي الاشتراكي بشقيه السوري والعراقي وملحقاتهما في البلدان العربية والعالم. لا يلومني البعض من أولئك الذين لا يزالون يحنون إلى حكم أبناء قرية العوجة، لي أسبابي عن هذا الحقد المقدس يطول شرحها هنا والدخول في تفاصيلها، يكفي أن أقول بصوت عالي، أن هذا الحزب المسمى بالـ”بعث” بشقيه السوري والعراقي كان يضطهد شعبي الكوردي في كل من غرب وجنوب كوردستان، واستعمل دون وازع إنساني أو أخلاقي كل أنواع الأسلحة الفتاكة، المحرمة دولياً من أجل القضاء عليه نهائياً، ونهج هذا الحزب السادي نهجاً عروبياً عنصرياً مقيتاً ضد الشعب الكوردي الجريح، وأنا يهزني ويقض مضجعي جراحات شعبي.
ثانياً: الأستاذ (حسن العلوي) كان بعثيا، أعتقد من الرعيل الأول، لكنه هجره قبل عقود، إلا أن رواسب الإيديولوجية البعثية لازالت معشعشة في زوايا أفكاره، وتسري أحياناً بعض مصطلحاتها.. على لسانه، خاصة حين يغضب أثناء الحديث، أو في لحظة اللاوعي، أعني بها عندما يسترسل في الكلام وينسى نفسه، أو عندما يشتد أوار المعركة الكلامية بينه وبين محاوره وتظهر علامات الانفعال على قسمات وجهه وفي نبرات صوته. لكني أقوله بكل صراحة، أنه البعثي الوحيد الذي لم ولن أكرهه، رغم أني لست مع كل طروحاته الفكرية، التي لا تتوافق مع فكري القومي الكوردي والكوردستاني، وهكذا لست مع مواقفه الإيجابية تجاه بعض الأنظمة الرجعية، التي تحتل كوردستان وتضطهد شعبها المسالم لأنها تؤثر سلباً في الوعي العام. لكن ذاكرته المتقدة، وكلامه الذي أشم منه عبق ماضي بساتين كرادة، وأسلوبه البغدادي الأصيل في أحاديثه المنمقة التي تشد المشاهد إليه، كل هذا يجعلني أن أتابعه وأصغي إليه باهتمام بالغ، أضف لكل هذا، أنه مثقف الأجيال، وكاتب مرموق،وفوق هذا وذاك أنه متمكن بجدارة عالية من اللغة العربية، التي يكتب ويتحدث بها ويبترك من مفرداتها جملاً سياسية هامة ومؤثرة في عالم السياسة يقتبسها الإعلاميون منه ويستعملوها في كتاباتهم، ويتبجح بها السياسيون في خطاباتهم، ويرددونها المحاورون في برامجهم التلفزيونية، أنه المفكر (حسن العلوي) الذي يضفي مظهره الثمانين البهي على الشاشة الصغيرة بهاءً وإشراقا. عزيزي المتابع، للحق أقول، أنه أكبر من أن أقييمه، لأن عمره السياسي والإعلامي أكبر من عمري الزمني، أضف أنني غير مطلع على جانب كبير من مفردات حياته السياسية والإعلامية والاجتماعية، إلا أن متابعاتي الدائمة لأحاديثه في التلفزيون وجدت أنه يشطح أحياناً، ويقع في بعض المطبات أثناء الكلام الحماسي، التي سنشير إليها في سياق هذا المقال. للعلم، أن الوقوع في المطبات الكلامية شيء طبيعي، يتعثر بها كل مثقف أثناء الحديث أو الكتابة، لكن التأكيد عليها وتكرارها مرات ومرات هو الذي يحفز المرء أن ينبه المُردد لها لأنها تؤثر سلباً على فكر المتلقي. أرجو أن لا يغضب أستاذ حسن منا وهو يعرف قبل غيره أن الكتابة أداة لإصال الفكر بين بني البشر بكل تفرعاته.
ثالثاً: في الحقيقة كنت قد كتبت رسالة مقتضبة عن تلك المطبات أو الشطحات وبعثته للأستاذ (حسن العلوي) على الخاص، على عنوان صفحته في الفيس، لكن من خلال لقاءاته التلفزيونية وجدته أنه يكرر نفس الخطأ فعليه عرفت أن رسالتي التي ذكرت فيها حديثه الذي يكرره دائماً عن أن الدستور الإيراني يحتم على من يترشح لرئاسة الجمهورية أن يكون فارسياً لم تصله. إليك عزيزي القارئ نص ما كرره الأستاذ (حسن العلوي) عدة مرات في لقاءاته التلفزيونية: ” الدستور الوحيد في العالم في التاريخ الحديث الذي ينص على قومية رئيس الجمهورية هو الدستور الجمهورية الإسلامية في إيران والنص أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية فارسياً، جعل الشرط القومي أهم من الشروط الأخرى” انتهى كلام الأستاذ (حسن العلوي). دعني الآن أكتب لك أستاذي العزيز نص المادة الدستورية باللغة الفارسية ومن ثم أترجمها لك وللقراء الكرام باللغة العربية. المادة تحمل رقم 115 في دستور الجمهورية الإسلامية في إيران في حقل “السلطات التنفيذية” التي تسمى باللغة الفارسية “قوه مجريه” تقول المادة: رئيس جمهور بايد از ميان رجال مذهبى وسياسى كه واجد شرايط زير باشد انتخاب گردد: إيراني الاصل، تابع ايران، مدير ومدبّر، داراى حسن سابقة وامانت وتقوى، مؤمن ومعتقد به مبانى جمهورى اسلامى إيران ومذهب رسمي كشور= يجب أن يكون المرشح لرئاسة الجمهورية من أوساط رجال الدين والسياسة، ويجب أن ينتخب وفق الشرائط المذكورة أدناه: من أصل إيراني، يحمل الجنسية الإيرانية، تكون لديه خبرة في الإدارة والقيادة -رجل دولة- يتمتع بماضي مشرف ونزيه ويخاف الله ويطيع أوامره، يؤمن ويعتقد اعتقاداً كاملاً بأسس وثوابت الجمهورية الإسلامية في إيران والمذهب الرسمي للدولة. هذه هي نص المادة الدستورية عن انتخاب رئيس الجمهورية في إيران وضعته أمامك وأمام القراء باللغتين الفارسية والعربية، يا ترى أين قال يجب أن يكون مرشح لرئاسة الجمهورية فارسياً؟؟. ثم كيف تقول السلطات الإيرانية مثل هذا الكلام الساذج والفرس لا يشكلون 51% من نفوس شعوب إيران؟ وحتى غير الفرس، ليس هناك شعب في إيران نفوسه 51% لا الكورد الذين في شرقي كوردستان المحتل من قبل إيران، ولا العرب الذين جاءوا مع الإسلام واستوطنوا إقليم أهواز الذي كان جزءاً من شرق كوردستان قبل الإسلام ، ولا أتراك يشكلون 51% إن هؤلاء الطورانيين ليس لهم تاريخ في إيران، تماماً مثل الأتراك في تركية الذي جاءوا إليها قبل 900 عام. ولا البلوش الذين يقيمون في محافظة (سيستان وبلوشستان) مركزها (زاهدان) لا يشكلون نسبة 51%. وفي مكان آخر قال الأستاذ حسن العلوي: إن خامنەئي ناجح بقوميته الفارسية. عزيزي أستاذ حسن، خامنەئي ليس فارسياً أنه آذرياً من أتراك إيران يقيمون في آذربايجان الشرقية؟ وهكذا رئيس وزراء الجمهورية الإسلامية في إيران مير حسين موسوي هو الآخر آذري تركي، وقبل هؤلاء فرح ديبا زوجة شاه إيران محمد رضا بهلوي هي الأخرى آذرية، تركية، وكذلك زوجة رضا شاه والد محمد اسمها تاج الملوك آيرملو هي الأخرى آذرية، وهكذا سيد جواد خامنەئي والد سيد علي خامنەئي (علی خامنەای) مرشد الجمهورية الإسلامية هو الآخر آذري، تركي. إلا أنه ملزم أن يتكلم باللغة الفارسية لأنها اللغة الرسمية لإيران، تماماً مثل رئيس جمهورية العراق أنه كوردي لكنه في خطاباته وتصريحاته ولقاءاته الصحفية يتكلم باللغة العربية، إلا أن الفرق بينهما أن الكوردي الذي يتبوأ منصب رئيس جمهورية العراق يستطيع أن يتحدث باللغة الكوردية أيضاً لأنها والعربية بعد قبول الدستور الاتحادي بنسبة 80% من قبل شعب جنوب كوردستان والعراق عام 2005 أصبحتا لغتان رسميتان للكيان العراقي الاتحادي.
عزيزي القارئ تجد بين أسطر المادة 115 المذكورة أعلاه، كلمات يجب أن تُقرأ بتمعن كي تعرف ما موجود بينها وما خلفها، مثال اسم الجمهورية الإسلامية في إيران، وليس جمهورية إيران الإسلامية، الاسم الأول يدل على أن هذه الجمهورية متحركة ومتنقلة على الأرض، ليست ثابتة في موقعها، ممكن أن تنتقل إلى العراق ويصبح اسم العراق جمهورية الإسلامية في العراق لأن مغزى الاسم يحمل هذه الدلالة؟ وهو ترجمة غير حرفية لقول السيد روح الله الخميني الشهير: ما انقلابمان را بە جهان صادر ميكنيم = نحن سنصدر ثورتنا إلى العالم” وهذا كلام واضح وصريح صدر من أعلى شخصية إيرانية تقول بشكل غير مباشر أن إيران ستتدخل في شؤون الدول الأخرى من أجل قلب نظام الحكم فيها وإخضاعها لحكمها الطائفي الشيعي. ربما يقول أحد ما أن الحكم الإيراني ليس طائفياً. نحن لا نتكلم من رأسنا أمامنا الدستور الإيراني الذي يقول في مادته التي تحمل رقم اثنا عشر: دين رسمي ايران، اسلام ومذهب جعفرى اثنى عشري است وأين اصل الى الابد غير قابل تغيير است.. = إن دين إيران الرسمي هو الإسلام المذهب الجعفري الاثنا عشري وهذا النص ثابت إلى الأبد وغير قابل للتغيير.. .
أعتقد يكفي هذا القدر، لا أعلق على شطحاته الأخرى، كخلطه بين اسم تل كيف وحصن كيف؟ أو بعض الشطحات التي وقع فيها عند أحاديثه عن بعض أسماء المناطق في بغداد، أو على دفاعه.. عن السيد علي السيستاني ضد أبو جيجو الذي قام بعمل غير لائق وغير مقبول ضد صورة السيد، لكن نحن الكورد لنا كل الحق أن ننتقد السيد علي السيستاني نقداً بناءً لأنه لم ولن يفعل شيئاً من أجل الكورد في المناطق المستقطعة من كوردستان، حيث العرب الشيعة الذين جاء بهم اللعين صدام حسين واستوطنهم في المدن الكوردية المغتصبة ككركوك وغيرها، يستطيع السيد أن يعيد هؤلاء العربان إلى مدنهم في الجنوب العراقي بفتوى واحدة يقول: أن الصوم والصلاة لا يجوز في بيوت وأراضي الكورد المغتصبة.
عزيزي القارئ، أنا شخص بسيط جداً، كل هذا الذي قلته لا يؤثر سلباً على وزن ومكانة الأستاذ (حسن العلوي) في عالم الصحافة والسياسة، بلا أدنى شك أنه يتربع على عرش السلطة الرابعة بقوة واقتدار وبلا منازع وهكذا كما مكانته في عالم الصحافة والكتابة يشار إليه بالبنان في المنظومة السياسية العراقية أنه الأستاذ (حسن العلوي).
أشكر الأستاذ العلوي الذي كان له الفضل في هذه المساهمة البسيطة.
“عدم الرجوع عن الخطأ هو خطأ أكبر” الفيلسوف (كونفوشيوس)
25 03 2019