موجة جديدة قديمة من المشاريع السياسية والتنظيمية للحيلولة دون الانهيار الحتمي للعراق

عبدالغني علي يحيى 
    في المؤتمر الصحفي الذي عقد يوم 24-2-2019 للدكتور أياد علاوي رئيس حزب ائتلاف الوطنية العراقية، ورد ان العراق والمنطقة يعيشان حالة من الفوضى والانقسام. هنا لا يسعني الا ان أوافقه على ما قاله وعلى أن داعش في مرحلة بدأت ملاحمها. لكني اخالفه بقوة في كيفية مجابهة ما ينتظر العراق و المنطقة في اقتراحه تشكيل تنظيم جديد باسم ( المنبر العراقي) الذي قال عنه: انه ليس حزباً بل كيان يتحالف مع كيانات ومنظمات واسعة لم يذكرها بالاسم، يتألف منها المنبر العراقي، ومن بين الشخصيات المنضمة الى المنبر وائل عبداللطيف وهو شخصية مرموقه طبعاً، غير ان علاوي شاء أم أبا فان المنبر الذي دعا اليه، حزب أو يكون ظلاً وواجهة لحزبه وربما لاحزاب اخرى تشاركه المسعى
 وفي تقييم للمنبر العراقي جاء : انه يهدف الى اصلاح النظام القائم في العراق وبناء مؤسسات الدولة ! في وقت لايحتاج فيه العراق الى مزيد من الاحزاب بعد أن تم تسجيل اكثر من 350 حزباً ومنظمة سياسية لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قبل اجراء الانتخابات البرلمانية العراقية يوم 12-5-2018.
لا أريد أن احكم بالموت على المنبر العراقي مثلما حكم عليه السياسي العراقي عزت الشابندر  وهو مصيب واقول ان غاية نبيلة تقف وراء دعوته للمنبر العراقي مثلما هي دعوته للمصالح الوطنية التي كمشروع لم يكن يتعدى مشروعاً سياسياً. وليس الدكتور علاوي وحده صاحب مشروع سياسي ويدعو منذ ما يقارب العقد ونصف العقد و بين فترة واخرى، انما هناك اخرون من اصحاب  المشاريع السياسية منهم الشيخ جمال الضاري ( المشروع الوطني) وخميس الخنجر ( المشروع العربي) والسيد عمار الحكيم ( التسوية السياسية) والدكتور غسان العطية ( موطني) .. الخ من المشاريع التي ولدت جميعها ميته واثبتت فشلها ولم يهتم بها أحد وكأنها لم تكن .عليه فان التوجه لأيجاد و تأسيس تنظيمات جديدة يعد استمراراً وتتمة للمشاريع الخاطئة العقيمة تلك وتؤكد فشل الاحزاب و سياساتها التقليدية في العراق، واستغرب من البون الشاسع بين المشاريع التي ذكرتها وبين الدعوات لتأسيس تنظيمات جديدة فالمصالحة الوطنية طرحت كمشروع في صيف عام 2003 مثلاً وطرحت المشاريع الاخرى في اوقات متفاوتة. ان التخبط الفكري والسياسي المتمثل في ( المشاريع) التي ذكرتها كان لا بد ان يجد انعكاساً له في الحياة الحزبية والتنظيمية في العراق، مع توقعي في أن يحذو اصحاب المشاريع تلك حذو د. علاوي في السعي لتأسيس تنظيمات جديدة على غرار ( المنبر العراقي) وان يتحول المسعى الى ظاهرة تجعلنا امام تخبط وتمزق جديدين في حياتنا السياسية والحزبية. اذ تزامنا مع دعوة علاوي دعا رائد فهمي سكرتير عام الحزب الشيوعي العراقي في ندوة اقيمت له في المانيا واخرى في فرنسا الى ( اعادة نشاط التيار الديمقراطي) بعد أن ساق المبدرات نفسها للدكتور علاوي، حين قال ( باحتمال وقوع انفجارات شعبية لا يمكن السيطرة عليها) و ( ( أن القوى المدنية والديمقراطية مبعثرة) على حد قول فهمي.
كلاهما: د. علاوي ورائد فهمي واصحاب المشاريع التي نوهت اليها في محاولاتهم ينطلقون من الاخلاص للشعب و البلاد بلا شك، وغالباً ما نجد المشاريع والصيغ التنظيمية براقة جذابة ولكن السذاجة والجهل تحيطان بها على الضد من المصلحة الحقيقية للشعب والبلاد. ونرى في مساعيهم الدوران في فلك لم يأت بجديد، واذكر الاثنين علاوي وفهمي واصحاب المشاريع السياسية، انهما تأخرا كثيراً في الاعلان عن مسعاهما الخطأ، فقبل اكثر من عامين تردد ان بعضهم عمل جاهداً بتاسيس تنظيم عابر للطائفية، وكأن التنظيمات القائمة جميعها طائفية أو عنصرية وتعليقاً مني على ذلك قلت في حينه وكررت القول: ان الباحثين عن صيغة لعبور وتجاوز الطائفية قد ينجحون في ايجاد وصنع صاروخ عابر للقارات والمحيطات، الا انهم اعجز ما يكون عن تاسيس تنظيم عابر للطائفية، لقد سقطت المشاريع التي تقدموا بها وسقطت الاحزاب ال 350 التي  شكلوها كاحزاب ظل وواجهة والتي تلاشت، تلاشي فقاعة الصابون، واتوقع المصير نفسه للمنبر العراقي وللتيار الديمقراطي، وكل الافكار على غرارهما، ولا شك ان كل حزب ظل أو واجهة، يؤسسه هذا الطرف أو ذاك، حزب كارتوني مزيف لن يحقق اي هدف للحزب الام أو الموجه، واذا تعذر على الاحزاب الام تحقيق تغيير في الواقع السياسي للعراق فان احزاب الظل والواجهة الكارتونية ستظل اعجز عن تحقيقه. هل فاز حزب الظل أو الكارتوني طوال الاعوام الماضية ولو يمقعد واحد في البرلمانين العراقي والكردستاني؟ وبالكثرة هذه الاحزاب التي تثقل كاهل خزينة الاحزاب الام. وأضيف ان احزاب الظل بما فيها ( المنبر العراقي) ستكرس الاحباط في النفوس وتعمق من الفساد والتزوير وهي من اشكال الفساد.
يكفي ما لدينا من احزاب ومشاريع سياسية، واذا اراد السياسيون العراقيون الوصول الى حل ينهي المعاناة العراقية، اشير عليهم أولاً واخيراً يتبني حق تقرير المصير للشعوب العراقية:  الكرد والسنة والشيعة واقامة 3 دول مستقلة محل الدول العراقية القسرية وليعلموا انه بدون هذا الحل فان كل شاريعهم السياسية والتنظيمية مالها السقوط ومزبلة التاريخ، وان اي مشروع سياسي وتنظيمي يتقدمون به لن يساوي فلساً اذا خلا من الحل الذي ذكرته في ختام هذا المقال.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…