دبلوماسية السياسة الروسية اتفاقية أضنة نموذجاً

عيسى ميراني
خلطت تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول الانسحاب من سوريا الكثير من الأوراق وأثارت المخاوف لدى بعض القوى والأطراف المتواجدة على الساحة السورية  لا سيّما  حليفهم في محاربة الإرهاب في سوريا (قوات سوريا الديمقراطية) وفي الوقت ذاته فتحت شهية الأتراك للتفكير بالتدخل في المناطق التي ستنسحب منها القوات الأمريكية لتحقق جملة من الأهداف التي كانت ومازالت تدغدغ ذاكرة الحكومات التركية المتعاقبة  و بالرغم من تخبط سياستها في المرحلة  الأخيرة  إلا أنها مازالت تبحث عن مخارج قانونية وتوافق مع الدول المؤثرة في المشهد السوري لتحقيق مآربها وسياساتها وتبديد مخاوفها كما تزعم بتطبيق المنطقة الآمنة على الحدود الجنوبية لتركيا بعمق عشرون ميلاً لإبعاد المخاطر الإرهابية عن أمنها القومي (حزب العمال الكوردستاني ) وذراعها السوري حزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د ) كما تزعم 
ولكن كما تشير المعطيات مازال هناك الكثير من المعوقات من اللاعبين الأساسيين والمؤثرين في المشهد السياسي السوري (روسيا وأمريكا) وهو ما صرح به الرئيس اردوغان في المؤتمر الصحفي في لقاءه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في روسيا  وبالرغم من المغريات التي قدمها للروس  في ذلك المؤتمر ( خطوط الغاز والاستثمارات ورفع مستوى التبادل التجاري بين الطرفين ) إلا أن موقف الرئيس الروسي والحكومة مازال متعنتاً وأكثر دبلوماسية وإخلاصاً لحليفه (الحكومة السورية ) بتصريحه إحياء اتفاقية أضنة التي أجريت بين الحكومة السورية وتركيا في عام 1998 والتي أعطت بموجبه الكثير من الامتيازات للأتراك مثل التنازل عن لواء اسكندرونة وتسليم عناصر العمال الكورستاني وترحيل زعيمهم عبدالله اوجلان والسماح لتركيا التوغل في الأراضي السورية مسافة خمس كيلومترات لملاحقة الإرهابيين كما تزعم و إنّ تركيز الطرف الروسي على إحياء اتفاقية اضنة هي رغبتها في الاستناد على 
القانون الدولي وتحقيق هدفين اساسيين 
أولاً: إنّ التعامل بين الجانب السوري والجانب التركي ينبغي أن يتم بوصفه تعاملاً بين دولتين ذات سيادة تحترم كل منهما سيادة وحدود الدولة الأخرى.
ثانياً: احترام السيادة السورية يعني ضمناً أنّ الجانب السوري من الحدود في نهاية الترتيبات الجارية، يجب ان تكون تحت حماية الجيش السوري وان  أحياء اتفاقية اضنة في هذه المرحلة دليل على دهاء الدبلوماسية الروسية لصالح حليفها الحكومة السورية لأن تركيا ستكون الخاسر الأكبر عند إحياءها  لأنه يعطي نفس الحق للحكومة السورية وعلى هذا الأساس تركيا ملزمة باعتقال رموز المعارضة وتسليمهم  للنظام السوري وطرد جميع المعارضين من على أراضيها و ملاحقتهم باعتبارهم إرهابيين في نظر الحكومة السورية وان تقوم بتعويض الضرر الناتج عن دعمها لهذه الجماعات الإرهابية وهذا مستحيل لذلك يبدو إن تركيا تعاني من تخبط سياسي وإذا استمرت على هذا النهج سيتم تحييدها عن المشهد السوري في الفترة القادمة وفي حال كان لها تواجد مستقبلاً في الساحة السورية فأنه سيكون عن طريق حلف الناتو أو أي حلف آخر تشكله الولايات المتحدة الأمريكية مستقبلاً.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

كفاح محمود حينما كان الرئيس الراحل عبد السلام عارف يُنعى في أرجاء العراق منتصف ستينيات القرن الماضي، أُقيمت في بلدتي النائية عن بغداد مجالسُ عزاءٍ رسمية، شارك فيها الوجهاء ورجال الدين ورؤساء العشائر، في مشهدٍ يغلب عليه طابع المجاملة والنفاق أكثر من الحزن الحقيقي، كان الناس يبكون “الرئيس المؤمن”، بينما كانت السلطة تستعدّ لتوريث “إيمانها” إلى رئيسٍ مؤمنٍ جديد! كنّا…

نظام مير محمدي *   عند النظر في الأوضاع الحالية الدائرة في إيران، فإن من أبرز ملامحها ترکيز ملفت للنظر في القمع المفرط الذي يقوم به النظام الإيراني مع حذر شديد وغير مسبوق في القيام بنشاطات وعمليات إرهابية خارج إيران، وهذا لا يعني إطلاقاً تخلي النظام عن الإرهاب، وإنما وبسبب من أوضاعه الصعبة وعزلته الدولية والخوف من النتائج التي قد…

خالد حسو تعود جذور الأزمة السورية في جوهرها إلى خللٍ بنيوي عميق في مفهوم الدولة كما تجلّى في الدستور السوري منذ تأسيسه، إذ لم يُبنَ على أساس عقدٍ اجتماعي جامع يعبّر عن إرادة جميع مكونات المجتمع، بل فُرض كإطار قانوني يعكس هيمنة هوية واحدة على حساب التنوع الديني والقومي والثقافي الذي ميّز سوريا تاريخيًا. فالعقد الاجتماعي الجامع هو التوافق الوطني…

تصريح صحفي يعرب “تيار مستقبل كردستان سوريا” عن إدانته واستنكاره الشديدين للعملية الإرهابية الجبانة التي استهدفت دورية مشتركة للقوات السورية والأمريكية بالقرب من مدينة تدمر، والتي أسفرت عن سقوط عدد من الضحايا بين قتلى وجرحى. إن هذا الفعل الإجرامي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار، ويؤكد على خطورة الإرهاب الذي يتهدد الجميع دون تمييز، مما يتطلب تكاتفاً دولياً جاداً لاستئصاله. كما يُعلن…