عداوة الملالي الحاكمين في إيران مع حقوق الإنسان!

بقلم عبدالرحمن مهابادي*
في كل عام يدان نظام الملالي في الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب انتهاك حقوق الإنسان. ولكن مثل هذه الإدانات ليس لها أي تأثير على سلوك الملالي في الالتزام بحقوق الإنسان. ففي إيران تحت حكم الملالي يستمر التعذيب والإعدام والاغتيال ونهب أموال الشعب بطرق مختلفة وكل سنة تأخذ هذه الأمور أبعادا جديدة ومروعة.
الملالي يقولون بأنهم يؤمنون بحقوق الإنسان الإسلامية. وهذا الادعاء كذبة واضحة وجلية. فقد جعلوا الإسلام وسلية لبقاء نظامهم. وذلك استنادا لقوله تعالى في الآية رقم ٢٥٦ من سورة البقرة (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ…). في حين أن حكم الملالي طوال أربعة عقود ماضية كان مبنيا على الإجبار ومتناقضا مع السيادة الوطنية والشعبية وفي هذا الصدد فإن انتهاك حقوق الإنسان تحول لأمر روتيني يومي بالنسبة لنظام الملالي. فإعدام ١٢٠ ألف من أبناء الشعب الإيراني وذبح مئات الآلاف من شعوب المنطقة وخلق وتوسيع شبكات الاغتيال في أقصى نقاط العالم كان قسمًا من السجل الأسود لهذا النظام.
في الآونة الأخيرة تم التصويت على قرار إدانة نظام الملالي للمرة 65 بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان وذلك خلال جلسة رسمية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك التي تعتبر أعلى مرجع دولي. إن هذا المعدل من الإدانات بالنسبة لنظام واحد هو أمر غير مسبوق في تاريخ الدول. لذا يجب القول على وجه اليقين بأن هذا النظام كان لايستحق عضويته في المجتمع الدولي وكان يجب طرده منها منذ الأعوام الأولى.
القرار الأخير للجمعية العامة للأمم المتحدة تبيان واضح ومعبر عن عدم اكتراث النظام لحقوق الإنسان. وسابقا أيضا طالبت ٤٠ منظمة مدافعة عن حقوق الإنسان في بيان مشترك لها الموافقة على قرار الإدانة هذا. وجاء في قسم من هذا القرار: “لقد شدد المسؤولون الإيرانييون على قمع الحريات وحرية التجمعات السلمية وسجنوا مئات الأشخاص بتهم مبهمة وأمنية واسعة. ومن بين الأفراد الذين تم استهدافهم بعمليات القمع يمكن الإشارة إلى المراسلين والطلاب، الكتاب، نشطاء حقوق المرأة، نشطاء حقوق الأقليات، نشطاء البيئة، اتحاديات العمال، نشطاء مكافحة الإعدام، محامي الأشخاص الذين يبحثون عن الحقيقة، المطالبين بالعدالة وتعويضات الإعدامات الواسعة والمختطفين في الثمانينيات”.
التجربة تشير إلى أن انتهاك حقوق الإنسان وخاصة الاعدام وقتل المعارضين هو حجر البناء بالنسبة لبقاء هذا النظام الدكتاتوري وإذا توقفت، فإن عدد أيام نظام الملالي سيكون أقل من الدقائق الأخيرة لوفاة الشخص الذي تم إعدامه.
وعلى الرغم من أن مثل هذه الإدانات لم يكن لها ذاك التأثير على تحسن وضعية حقوق الإنسان في إيران حتى الآن لكن بالنظر للظروف الدولية الحالية يمكن القول أن هذه الإدانات كانت مختلفة عن الأعوام السابقة.
إن انتفاضة الشعب الإيراني التي وصل عمرها لعام كامل والعقوبات المميتة ضد النظام والضربات المستمرة التي يتلقاها إرهاب نظام الملالي في أوروبا وأمريكا التي تعبر قبل كل شئ عن الموقع المتعالي للمقاومة الإيرانية قد غير الظروف على نحو جعل من هذه الإدانات تصدر من أعلى مرجع دولي معني بحقوق الإنسان وكانت تتضمن على مفهوم خاص بها. على الرغم من أن هذه الإدانات كانت في الماضي إدانات صرفة ولكن هذه المرة إلى جانب الانتفاضة تتجه العقوبات نحو كسر إرهاب النظام.
وعلى الرغم من أن نظام الملالي استطاع في الماضي أن يحظى بدعم متبعي سياسات التماشي الغربيين من خلال دفعه لتكلفة باهظة جدا وذلك لوضع المقاومة الإيرانية على قوائم الإرهاب ومن أجل منع فتح قضايا انتهاك حقوق الإنسان في المحاكم الدولية وتمهيد الأرضية له من أجل التدخل في شؤون الدول الأخرى لكن الآن قد انتهت هذه الدراما ولا يوجد أحد الآن يجرأ على وصف المقاومة الإيرانية بالإرهاب والسكوت على جرائم حقوق الإنسان التي ينفذها الملالي وغض النظر والطرف عن إرهاب النظام.
أن هذا نفسه التحول الكبير الذي تشكل ضد نظام الملالي على المستوى الدولي والاقليمي. إن الانتفاضة العظيمة والمقاومة المتألقة التي غيّر المشهد ضد الملالي وجعلت العالم كله يقف ضد الملالي وأخلت من توازنهم وجعلت الاختلافات والصراعات والانشقاقات تزاد في داخل النظام. وهذا ما لم يستطع على خامنئي في حديثه يوم ١٢ ديسمبر أن يخفي خوفه وذعره منه.
خامنئي يعلم ماذا يجب أن يحدث في العام القادم. لأن العام الثاني للانتفاضة الذي يتزامن مع الدورة الثانية من رئاسة الرئيس دونالد ترامب سيكون عاما مصيرا ومحددا لنظام الملالي المتهالك والعفن في إيران.  من الواضح أن خوف خامنئي والملالي الأساسي هو من انتفاضة الشعب المضطهد ومعاقل الانتفاضة المرتبطة بالمقاومة الإيرانية هي التي قادت الوضع في إيران إلى هذه الحالة الانفجارية. وفي ظل مثل هذه الحقيقة من جهة فإن أي أعمال واجراءات يتم اتخاذها ضد نظام الملالي في كل مكان تحظى على الفور بدعم من حكومة الولايات المتحدة الأمريكية. وذلك مثلما حدث في ألبانيا فطرد السفير ونائب سفير الملالي من هذا البلد حظي بدعم منها.
ومن جهة أخرى لو تغاضت الدول الأوروبية ولو مقدارا بسيطا عن انتهاكات حقوق الإنسان في إيران أو عن إرهاب الملالي تجدها تقع فورا تحت الضغط الشديد للرأي العام لديها وهذا الأمر يمكن أن يترك أثرا سلبيا على نتائج الانتخابات الأوروبية. ولذلك فخوف وذعر خامنئي ونظامه هو لماذا يقترب المجتمع الدولي وامريكا كل يوم باتجاه خط المقاومة ومجاهدي خلق بشكل أكبر؟
وما تبقى هو واجب ودور المجتمع الدولي، ولا سيما الحكومات في مجال حقوق الإنسان، في تحويل قضايا استمرار حالات انتهاكات حقوق الإنسان في إيران إلى مجلس الأمن. وهذا الأمر سيجبر خامنئي وروحاني وبقية مسؤولي النظام للوقوف في وجه العدالة وهذا الأمر يعتبر وظيفة إنسانية وضرورية وتاريخية.
@m_abdorrahman
*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…