أيها الإعلاميون العرب: عودوا إلى رشدكم.. إلى السيد عبد الباري عطوان وأمثاله من الإعلاميين

جان كورد 
بعد التحيات من كوردي يتابع مداخلاتكم التلفزيونية ويتألم لأن ما كان الكورد يعتقده ويؤمن به من (تآخي الشعوب) على أساس (وحدة الأمة) والكلام الكثير المعسول عن الوطن المشترك، يذهب كله هباءً منثورا أمام الحقيقة التي تقول لنا كل يوم بلسانٍ عربي مبين أن الإعلام العربي، إلا من رحم ربي وربك، من الشرفاء الذين ننحني لهم احتراماً، هو الإعلام “الناصح الشيطاني” الذي يحاول باستمرار جعل الأمة الكوردية هدفاً لسهام العنصرية الشريرة والحقد والكره على الحركات الوطنية الكوردية، أياً كان وضعها واتجاهها وأهدافها، فالكورد في نظر الكثيرين من الإعلاميين، ومنهم السيد عطوان على رأس القائمة، شعبٌ جاهل لايفقه في السياسة شيئاً ويبيع نفسه للشيطان ولا يعرّف مصلحته ولا يحترم حدود سايكس – بيكو المقدسة، والكورد عملاء لأمريكا والسعودية واسرائيل وأردوغان، رغم أن كل الوقائع التاريخية والحاضرة منذ قيام جمهورية كوردستان في مهاباد عام 1946 وإلى اليوم، حيث التهديدات التركية بتكرار المسرحية الدامية التي عرضها أمام أعين العالم في منطقة جبل الكورد (كورداغ) التي مركزها مدينة عفرين، 
وهذا يعني قيام الفصائل التابعة لجيشه المحمدجيك من عربٍ وتركمانٍ وأوبغورٍ ومن سواهم بالسلب والنهب بفتاوى شرعية لممتلكات الكورد وأعراضهم وأراضيهم في منطقتي الجزيرة وكوباني، مثلما جرى في عفرين التي سرق منها ثوار “سوريا الجديدة” حتى الدجاج والأرانب وما في الحمامات والمراحيض من أدوات، بل انتزعوا الأبواب والبلاط ومافي الاسطبلات، مما يعبّر عن نفسية حاقدة قائمة على الظن بأن الشعب الكوردي المسلم في غالبيته العظمى “مشرك بالله” ويحق لهم ارتكاب كل الجرائم ضد الانسانية حيث يعيش. فهل قام الاسرائيليون يا سيد عطوان ومن على شاكلة عطوان بما قام به إخوتكم امن عرب وتركمان في عفرين وقراها من انتهاكات وضيعة ومتدنية لهذه الدرجة؟ فلماذا لم تدافعوا عن الشعب الكوردي إن كان فعلاً سورياً أو عراقياً كما تزعمون؟ 
ما يتحدث به معظم الإعلاميين العرب بصدد ما يجري الآن في (شمال شرق سوريا) ليس إلاّ زبد النفسية العنصرية المارقة عن النفس البشرية الهادئة المتزنة، فالكورد عملاء في نظرهم أغبياء حسب معرفتهم ويجب أن يعودوا إلى رشدهم، ليصبحوا عبيداً لهذا الطاغوت أو سواه من طواغيت هذه البلاد. 
وحقيقةً لايهم هؤلاء الإعلاميين سوى نجاحهم في برامجهم التلفزيونية ليزدادوا شهرة بين الرعاع، فلا يهمهم إن احتلت تركيا حتى جنوب سوريا أو حتى البصرة في العراق، فالأهم عندهم هو ألايحصل الكورد، حتى على سطح المريخ على أي حقٍ قومي لهم، وهم أكثر عدداً من الفلسطينيين بعشر مرات ووطنهم كوردستان أوسع مساحةً من مساحة 5 دول أوروبية مجتمعة أو من مساحة عدة دول عربية معاً.
فلماذا هذا الكره للكورد، وهم أثبتوا من خلال الأحداث التي توالت على المنطقة بأن أعداءهم ليسوا فقط التنظيمات الإرهابية المؤسسة بأيدي خارجية وإنما حماة اتفاقية سايكس – بيكو الاستعمارية جميعاً، من عربٍ وعجم، ماذا فعل الكورد حتى يُمنعوا من المطالبة بحريتهم ويعملوا من أجل استقلالهم، طالما هذا حق تقرير مصير مشروعٍ لكل شعوب الأرض؟ 
فلو كان الكورد عملاءً لشركة بريتيش بتروليوم أو أيكسون أو لواشنطون ولندن وباريس لحصلوا على ما يريدون مثل ملكوكم وأمرائكم منذ الحرب العالمية الأولى، ولو كانوا عملاءً لاسرائيل لساعدتهم اسرائيل في معاركهم ضد داعش والغبراء في شنكال وكوباني وعفرين، ولوافق الأمريكان على نتيجة الاستفتاء الساطعة لاستقلال جنوب كوردستان دون تردد؟ ولو كان الكورد في الحلف الأمريكي لما قرروا سحب قواتهم في الوقت الذي تهدد تركيا أردوغان بالقضاء عليهم في الجزيرة. وهل فكرتم لماذا لايهب الأسد وحلفاؤه للوقوف في وجه القوات التركية الغازية؟
أيها الإعلاميون العرب عودوا أنتم إلى رشدكم وتبينوا ماذا يجري على أرض كوردستان حقاً، فإا كانت تركيا تحارب الإرهاب حقاً فلماذا وقفت دباباتها على الحدود في كوباني وجنودها كانوا يراقبون سير المعارك الدامية بين الكورد وداعش ولم تتقدم لتحرير كوباني من الطرفين؟ 
افتوا عيونكم وتعرّفوا على جذور القضية الكوردية، فالقصية ليست مجرّد حركة كوردية مسلحة هنا وهناك، ليست مسألة إرهاب كما يزعم البعض، وإنما هي قضية أمة عظيمة غاشت رغم كل الغزوات والحروب والمذابح والتهجير، وقد نهضت لتطالب بحقها المشروع دولياً في تقرير مصيرها.
ربما الأحزاب الكوردية لا تفصح عن هذه الحقيقة لأسبابٍ تكتيكية إلاّ أن الأمة الكوردية لن تهدأ إلا بالحصول على حقها المشروع هذا، حق الحرية والاستقلال، فحاولوا أن تتفهموا هذا الواقع بقلوب واسعة وباقترابكم منها بشكل أفضل. 
وأقول لزعماء العنصريين في المعارضة السورية الذبن تلتمع نعالهم مثل أسنانهم في الأقنية التلفزيونية ومن في الإعلام الناصح الشيطاني الذي يزخرف العروبة ويمدح الطورانية مقابل توحيش الكورد في كل مكان.”دعوها فإنها نتنة”. 
25/ 12/ 2019

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…