الأمازيغي: يوسف بويحيى
لنترك الإعلام المستهلك جانبا و نقرأ فقط المعطيات على الأرض من أجل إستنتاج الحقائق و طرح التساؤلات المهمة و الوقوف على أهم التناقضات القائمة حيال قرار الإنسحاب الأمريكي.
اولا: معظم رجال البنتاغون أكدوا إستمرار الدعم الأمريكي لقوات سوريا الديموقراطية حتى وإن تم الإنسحاب الأمريكي عمليا ،وهذا بدوره يطرح غموضا كبيرا حول نوايا أمريكا من هذا الإنسحاب الأعرج.
ثانيا: القوات الأمريكية قد تنسحب لكن ستبقي أمريكا بكل قواعدها العسكرية، كما ستعمل على بناء قواعد جديدة في شرق الفرات، وهذا بدوره يتناقض مع قرار الإنسحاب من الناحية العملية.
ثالثا: في ظل تداول الإعلام الدولي ان أمريكا تخلت عن قوات سوريا الديموقراطية إلا أن أمريكا تعمل على بناء غرف عمليات مشتركة بين قوات ييشمركة باشور و بيشمركة روجافا و قوات سوريا الديموقراطية داخل إقليم كوردستان باشور على الحدود العراقية السورية، وهذا بدوره يعتبر تناقض فيما يلوح به الإعلام بخصوص تخلي و خيانة أمريكا لقوات قسد.
رابعا: تسربت أخبار أكدها أكثر من خبير عسكري من البنتاغون الأمريكي قبل أشهر بأن أمريكا جهزت ميزانية كبيرة مخصصة لقوات سوريا الديموقراطية لسنة 2019، وهذا بدوره يجعل الشك يدور حول القرار الأمريكي و طبيعة هذا الإنسحاب.
خامسا: دخول فرنسا على الخط لسد الفراغ الأمريكي مع تأكيد الدعم الأمريكي و الفرنسي الكلي لقوات سوريا الديموقراطية بدوره يؤكد أن هناك تنسيق أمريكي فرنسي بخصوص هذه الخطوات بين الإثنين.
سادسا: صرح “ترامب” قبل شهر بأن داعش لم تنتهي بعد و أن بقاءه في سوريا باق إلى أجل غير مسمى حتى ينهي التواجد الإيراني و داعش، ثم عاد ليصرح بهزيمة داعش و قرار الإنسحاب متجاهلا الوجود الإيراني، وهذا إحتمال لعبة تنشيط إرهاب جديد سواء داعش او بمسمى ٱخر، ما سيخول عودة القوات الأمريكية بقوة إلى سوريا في أي لحظة.
سابعا: إنسحاب القوات الأمريكية هي بؤرة إشعال فتيل حرب بين تركيا و إيران في المنطقة بوكالات ميليشياتهما، وهذا سيكون بتنسيق ثنائي بين أمريكا و روسيا.
ثامنا: السؤال المطروح في حالة إنسحاب القوات الأمريكية و أمريكا من سوريا و التخلي عن القوات الكوردية فمثلا من سيبقى لحماية المصالح الإقتصادية الأمريكية و قواعدها و ٱبار النفط التابعة لها!!؟، وهذا بدوره يجعل القرار الأمريكي المفاجئ غير موثوق إلى حد الٱن مع عدم تقديم البديل.
تاسعا: الكل يعلم أن روسيا هي التي ترعى مناطق النظام السوري، فهل من المعقول أن تتخلى أمريكا على شرق الفرات لقمة صائغة لروسيا التي لن تسمح هي الأخرى بالتقدم التركي، ومظاهرات القامشلو و إجتماعات النظام السوري و الروسي و قسد يؤكد هذا الرفض مليون بالمئة.
عاشرا: أمريكا لن تسمح للنظام السوري أن يعود للسيطرة على مناطق شرق الفرات، وروسيا بدورها لن تسمح لتركيا ان تبتلع مناطق شرق الفرات، ما يثبت أن أمريكا إما باقية أو سيخلفها حليف أروبي كفرنسا مع إستمرار الدعم و الرعاية الأمريكية.
أحد عشر: لو دققنا جيدا سنلاحظ ان قرار الإنسحاب الأمريكي أعاد الوضع السوري إلى سابق عهده، أي تصاعد إلى السطح مجددا الصراع الأمريكي مع النظام الأسدي السوري من جهة، ومن جهة ثانية الصراع الروسي مع تركيا، ومن جهة ثالثة الصراع الأمريكي مع الروسي ولو باطنيا.
إثنا عشر: النقطتين اللتين تلتقي فيها كل من روسيا و امريكا هي التخلص من الكتائب العسكرية الغير المرغوب فيها، فروسيا تضع أعينها على المعارضة السورية الإسلامية المدعومة تركيا، وأمريكا تطمح إلى القضاء على القوات التابعة لإيران و النظام السوري، بينما قوات “قسد” تسعى أمريكا إلى إعادة تأهيلها و إزالة الشوائب الفكرية و الإديولوجية المرفوضة أمريكيا منها.
ثلاثة عشر: عمليا أمريكا لا تثق بقوات “قسد” رغم كل الدعم و التنسيق العالي بينهما، لهذا أمريكا تبحث عن بديل موثوق ٱخر يضعف تسلط و قوة “قسد” على الأرض، أي الشيء الذي يرغم أمريكا إما على إدخال قوات البيشمركة روج أو تأسيس قوات عربية مدعومة من طرف الخليج العربي كما سبق أن صرح البنتاغون سابقا.
أربعة عشر: التدخل الفرنسي في شرق الفرات يوحي إلى وجود صراع بين فرنسا و تركيا، ورفض بريطانيا للإنسحاب الأمريكي يعود إلى معرفتها اليقينية بأن الروس يطمعون في منطقة شرق الفرات، بينما أمريكا تلعب دور المسايرة بين حليفيها التركي و الفرنسي المتصارعين لإيجاد حل أنجح، وكل الخوف من إندلاع حرب بالوكالة بين الروس بتحالف صيني إيراني سوري و أمريكا بتحالف بريطاني إئتلافي (سوري) تركي.
وأخيرا أتمنى من قادة الإدارة الذاتية ان لا ينجروا إلى حروب مجانية مع تفادي القتال العسكري بالقرارات السياسية الصائبة المتاحة و فتح المجال للبيشمركة للدخول قصد ضمان الأمن و السلام لكوردستان روجافا و شعبها قبل أي شيء ٱخر.