الأنسحاب الأمريكي وسيناريو الجنوب

احمد محمود 
يخطئ من يعتقد أن أمريكا تسير بإرادة رجل واحد أي كان موقعه أو يظن أن السياسة الأمريكية ردات فعل .
الأنسحاب الأمريكي من شرق الفرات إن كان جزئيا أو كليا ، لم يأتي من بعد حلمٍ في منام ولا تماشيا مع نبوءة عراف 
. سابقا أعلنت أمريكا بوضوح أسباب تواجدها في الأراضي السورية كما أكدت أنسحايها بمجرد أنتفاء السبب وذلك عبر تصريحات أصحاب القرار فيها بداية من أعلا قمة في الرئاسة وحتى أصغر موظف في وزارة الخارجية .
تتلخص الاسباب بالتالي :
 1- محارية الإرهاب (إنهائه أو الحد منه) والمتمثل بمنظمة داعش الأرهابية ، تلك المنظمة التي تشكل خطرا على الأمن القومي الأمريكي كما يعتقد الأمريكان .
2- العمل على تحجيم دور النظام الإيراني الصديق والحليف القوي للنظام السوري وأخراجه من المواقع الأستراتيجية الهامة التي تشكل قلقا لإسرائيل (كما يزعم الأسرائيليون ) .
3- المساهمة في تحقيق وإيجاد الحل السلمي المزمع للوضع السوري وحسب مخرجات مؤتمرات السلام  التي أنعقدت بهذا الخصوص .
هنا يلاحظ المتابع أن لا وجود لأدنى تصور في الذهن الأمريكي لحل ما للقضية الكرُدية إلا في سياق الحل الشامل في سوريا والتي بدورها تخضع لأجندات دول الطوق والدول العظمة الفاعلة في الملف السوري .وهنا يكمن بيت القصيد كما يقال ومفردات فهم الحالة . فتلك البكائيات التي علت من تصريحات المعنيين في الأحزاب والحركات والقوى المنضوية تحت سلطة الإدارة الذاتية على تصريح الأنسحاب الأمريكي ما هي إلا دموع التماسح وصراخ تحت المياه العكرة ، ببساطة شديد هم على وعيٍ تام أنهم ليسوا إلا بندقية بيد الأمريكان في محاربة داعش ، وعلى دراية تامة بأنهم تلك العصى التي ضرب بها النظام معارضيه الحقيقيون ، وهم لم ينكروا يوما وعبر ممثليهم وأعلامهم ، أنهم على أتصال دائم مع القيادة في دمشق تحت مسمى (الحوار مع النظام ) مرة ومفاوضات على شكل العلاقة بينهم فيما يخص أسلوب إدارة غربي كُردستان أوكما باتوا يسمونها ( الشمال السوري ) !
هذا بالإضافة على إعلانهم جهارا نهارا على أنتمائهم للمحور الروسي الأيراني السوري ومقر ألتقائهم قاعدة حميميم . ذاك المحور الذي لا يدع فرصة إلا ويعلن فيها مطالبته بالأنسحاب الأمريكي الغير مرغوب به ، وما تصرح بوتين اليوم ” أن قرار أمريكا بالأنسحاب هو القرار الصائب  ” ألا ابتهاجا بالقرار .
إذا ما الجديد في الأمر ؟ 
أعتقد إلى درجة الجزم أن تلك البكائيات والتي وسمت أمريكا بالخيانة أي أنها غدرت بهم ، ما هو ألا تغطية على سيناريو قادم يشبه في تفاصيله حد  التطابق  مع السيناريو الذي جرى  بالجنوب السوري وتبريرا للدورهم القذر الذي سيلعبونه في هذا السيناريو واتمنى أن أكون مخطأً . 
للتذكير بما جرى في الجنوب لمقاربته  مع السيناريو المتوقع للشمال السوري ، الكل شاهد عمليات المصالحة التي تمت بين النظام والفصائل المسلحة المعارضة بين قوسين وبرعاية روسية والتي بموجبها تم أفراغ الشريط الجنوبي من تلك الفصائل كافة المعارضة والموالية لإيران وإحلال قوى النظام محلها وذلك تماشيا مع المطلب الأسرائيلي الذي هدد بالتدخل ما لم يتم استبعادهم لمسافات أمنة من حدودها بزريعة أمنها القومي إيضا .وذلك وفق أتفاقية (وقف الأشتباك) التي جرت في عام 1974م .
بالعودة للسيناريو المتوقع للشمال السوري نجد أن تركيا تلعب دور إسرائيل تماما و أيضا بذريعة أمنها القومي وحماية حدودها من الإرهاب استنادا لأتفاقية أضنة .
وأمريكا حلت محل  الدور الروسي الذي لعبته أيضا في عفرين، وأيضا أتهمتها (قسد) بالتخاذل .
أما فيما يخص دور الفصائل المسلحة فهناك مفارقة واضحة وضوح الماء الزلال وهي أن الفصائل المسلحة في الجنوب أُكرهت على المصالحة أما في حالة الشمال فإن قوات سوريا الديمقراطية المسيطرة هي من تطلب وبإلحاح من قوات النظام السوري بالتدخل لحماية حدودها حماية لوحدة الأرض السورية ، لا بل تهدد أنها ستعيد ما استلمته من المناطق للنظام السوري في حال فُرض عليها حلا لا يتوافق مع تفاهماتها مع النظام وذلك على خلفية طرحٍ مفاده إحلال قوة بديلة لهم كحلٍ لعدم إقدام تركيا على الأجتياح ولو كانت تلك القوة على سبيل الأفتراض (بيشمركة روج آفا ) . 
من هذه المقاربة نخلص إلى قولٍ مفاده أن النظام السوري نجح نجاحا مذهلا عندما أنتقى أذرعه بعناية فائقة في صراعه على البقاء ، وربما سنشهد نموه أكثر من خلال كسر عزلته العربية والأقليمية التي بدأها الرئيس السوداني عمر البشير . 
هولير 
ahmadkurd.syria@gmail.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…