الإعلان الأمريكي حول قيادات pkk الثلاث كان رسالة لـ pyd

شاهين أحمد
أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية ، برصد مكافأة مالية تقدر بملايين الدولارات ، لمن يُدلي بمعلومات، عن أماكن وجود وتحركات أبرز ثلاث قيادات من حزب العمال الكردستاني pkk  المحظور في تركيا، والقادة الثلاث هم ” مراد قره يلان و جميل بايك ودوران كالكان ” ليصار إلى إلقاء القبض عليهم حسب رواية الخارجية الأمريكية !. وجدير ذكره أن حزب العمال الكوردستاني pkk الذي تأسس في 27 تشرين الثاني / نوفمبر 1978يصنف كمنظمة إرهابية على اللائحة السوداء لكل من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا وإيران وسوريا وأستراليا…الخ . و” القائمة الأميركية للإرهاب ” هي التي تقوم الحكومة والمؤسسات الاستخباراتية بوضعها، وفق معايير أميركية محددة ،ولكنها تستند إلى حد بعيد لاعتبارات سياسية ومصالح اقتصادية أكثر من كون هذه الدول أو الأشخاص والمنظمات تشكل تهديداً للأمن القومي الأميركي . وصدرت القائمة المذكورة خلال الثمانينيات من القرن العشرين في عهد الرئيس ” رونالد ريغان ” .
وأثارالإعلان الأمريكي المذكور ضجة إعلامية وردود فعل متباينة ، فقد كان مفاجئاً وصادماً لـ pkk وأنصاره بشكل عام ومنتسبي فرعه السوري pyd وحلفائه بصورة خاصة ، فيما رحبت تركيا وحلفاءها بالإعلان ، وتباينت قراءات المراقبين والمتابعين ، حيث أجمعت القراءات المختلفة بأن الولايات المتحدة الأمريكية أرادت من خلال هذا الإعلان توجيه أكثرمن رسالة لأكثر من جهة .
تركيا التي رحبت بالإعلان طالبت واشنطن بمزيد من الخطوات العملية وباستراتيجية أمريكية حقيقية وشاملة وواضحةً حيال كامل منظومة حزب العمال الكردستاني (PKK) وفروعه المختلفة ، حيث اعتبره الكثيرمن المراقبين بأنه – الإعلان – يشكل خطوة أمريكية باتجاه إرضاء تركيا والتقرب منها ، ومحاولة من الولايات المتحدة برد الجميل لتركيا حليفتها وشريكتها في الناتو بعد أن أفرجت الأخيرة عن القس الأمريكي ” أندرو برونسون ” والذي كان متهماً بالتجسس ضد الدولة التركية هذا من جهة ، وأتى الإعلان تخفيفاً للتوتر الذي شاب العلاقات بين الحليفين في السنتين الأخيرتين من جهة ثانية ، وقطعاً للطريق على روسيا التي استغلت العلاقات المتوترة التي وصلت بين الحليفين إلى حدود الانهيار ليدخل على خط الأزمة محاولة كسب تركيا إلى تحالفها – تحالف روسيا وإيران – من جهة ثالثة . 
يفهم البعض من الإعلان الأمريكي بأنه يشكل خطوة أولية قد تفضي إلى إمكانية تغيير الموقف الأمريكي بصورة أعمق من التحالف مع قوات ” وحدات حماية الشعب ” التي تشكّل العمود الفقري لما تعرف بـ قوات سوريا الديمقراطية ” قسد  ” . وحاولت الولايات المتحدة الأمريكية طمأنة حليفتها تركيا من خلال أحد كبار موظفيها في وزارة الخارجية الأمريكية السيد ” ماثيو بالمر ” الذي أكد من تركيا بأن بلاده – الولايات المتحدة الأمريكية – تعلق أهمية كبيرة على الجهود التي تبذلها تركيا في مجال مكافحة الإرهاب.
ولكن بالمقابل يرى آخرون أنه لا فائدة من الإعلان الأمريكي المذكوربحق القادة الثلاثة من حزب العمال الكوردستاني ، طالما أنها – الولايات المتحدة – تعمل على تعزيز دور ” قوات سوريا الديمقراطية ” في الميدان ، وبالتالي يعتبرون بأن هذه الخطوة لاتبدو ناقصةً فحسب ، بل تحمل الكثير من التناقض مع السياسات الميدانية للأمريكيين ، وبالتالي لايمكن البناء عليها والذهاب بعيداً في هذا الجانب .
وهناك بعض القراءات الأخرى التي فسرت الخطوة الأمريكية على أنها رسالة ليست بعيدة موجهة لأطراف الصراع السوري ، وخاصة مايتعلق بالمخاوف التركية من وجود خطر قادم من الأراضي السورية يهدّد أمنها القومي ، وعلى طول حدودها ، والمتمثّل بـ ” وحدات حماية الشعب  ” الذراع العسكري للفرع السوري لحزب العمال الكوردستاني pkk. 
ولكن النقطة الأبرز في الخلاف الأمريكي – التركي في هذا الأمر تكمن في تعريفهما وتحديدهما للقوى الإرهابية العاملة على الساحة السورية. فالأتراك مثلاً يرون بأن داعش وحزب العمال الكوردستاني وجميع فروعه بما فيه pyd وجناحه المسلح ” وحدات حماية الشعب ” قوى إرهابية يستوجب محاربتها بنفس الآليات ، بينما يرى الأمريكيون بأن ” داعش ” هي منظومة الإرهاب الدولي الأخطر . أما مايتعلق بمنظومة pkk فيجدون فصلاً بينه وبين فرعه السوري pyd وذراعه المسلح المتمثل بـ ” وحدات حماية الشعب ” . وردم هذه الهوّة بين الرؤيتين تراهن عليها تركيا وحلفاءها من السوريين ومن المكون العربي السني تحديداً. وهناك الكثير من المحللين لايرون بأن الوجود الأمريكي يعتبروجوداً طارئاً ومؤقتاً في المنطقة فحسب ، بل أن الأمريكيين لايحملون أية حلول أومشاريع واضحة وجدية لمشاكل المنطقة وأزماتها، بإستثناء دوام العنف والصراع واستدامة الفوضى . في حين يمثّل الأتراك مكوناً هاماً من مكونات المنطقة، وبالتالي يرون أنه لامفرمن التوافق والعمل مع تركيا . 
ولكن من الأهمية بمكان الإشارة هنا إلى أن جميع القراء والمتابعين الكورد يجمعون على أن الرسالة ” الأهم ” التي أرادت أمريكا توجيهها وبمنتهى القوة والوضوح من خلال هذا الإعلان كانت لـ حزب العمال الكوردستاني pkk بشكل عام وفرعه السوري المتمثل بـ pyd بصورة خاصة ، وإذا أراد حزب الاتحاد الديمقراطي pyd أن يفهم الرسالة ويجنب شعبنا الكوردي المزيد من الحروب والويلات وكوردستان سوريا المزيد من الخراب والدمارعليه القيام بمايلي :
1 – الإعلان عن الفصل التام والكامل بين حزب الاتحاد الديمقراطي pyd وحزب العمال الكوردستاني pkk .
2 – إخراج كافة الكوادر المنتمية لحزب pkk الذين هم من الجنسيات الكوردية العراقية والتركية والإيرانية إلى خارج سوريا .
3 – توجيه رسائل تطمينية واضحة لتركيا من خلال التأكيد على خصوصيته السورية وعدم تابعيتة لـ pkk واحترام حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية .
4 – إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين ، والكشف عن مصير كافة المختطفين والمفقودين ، والإستعداد لتسليم كافة المجرمين لمحاكمات عادلة.
5 – الإعتذار للشعب السوري بشكل عام والكوردي بصورة خاصة عن الجرائم التي أرتكبه في المرحلة المنصرمة ، والإعلان عن استعداده بالإنسحاب من المناطق العربية وفق تفاهمات وترتيبات مع أهل هذه المناطق .
6 – قطع العلاقة مع نظام البعث الشوفيني وإيران والميليشيات المختلفة ، وإنهاء كافة تحالفاته في هذا الجانب ، والإبتعاد عن المشاريع الوهمية ، وإعلان موقف واضح وصريح من الوجود الكوردي في سوريا كقضية أرض وشعب .
7 – فتح كافة مقرات ومكاتب المجلس الوطني الكوردي وأحزابه . والسماح لبشمركة كوردستان سوريا المعروفة بـ ” لشكري روج ” بالدخول إلى كوردستان سوريا للدفاع عن شعبنا وحماية ممتلكاته والحفاظ على السلم الأهلي .
8 – الجلوس على طاولة المفاوضات مع المجلس الوطني الكوردي وبرعاية الرئيس ” مسعود البارزاني ” وبضمانة الأمريكيين للوصول إلى اتفاق شامل وبمشاركة كافة مكونات المنطقة .
وفي الختام هناك العديد من الأسئلة التي تشغل بال المهتمين وتطرح نفسها على كل المتابعين ومنها : 
هل الفرع السوري المتمثل بـ pyd مهيأ بنيوياً على قطع العلاقة العضوية مع مركز pkk في قنديل ؟ . هل يعقل بأن تكون قيادات فرع سوريا لـ ” تنظيم القاعدة ” الإرهابي ومن خلال ” أبو محمد الجولاني ” الذين أعلنوا فك إرتباطهم مع قيادة الظواهري لتجنب مصير مماثل لمصير داعش ،أكثر وعياً وسياسة وبراغماتية من قيادات pkk ؟؟.
هل ستشكل الخطوة الأمريكية – الإعلان – جزءاً من استراتيجية شاملة ، لإنهاء الدور الوظيفي لكافة الأدوات التي تعمل على إرباك وعرقلة مساعي إيجاد حل للصراع الدامي في سوريا وفق القرار الدولي 2254 وبيان جنيف 1، الذي يعني انتقالاً سياسياً كاملاً للسلطة في سوريا ؟؟.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف تعود سوريا اليوم إلى واجهة الصراعات الإقليمية والدولية كأرض مستباحة وميدان لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى والإقليمية. هذه الصراعات لم تقتصر على الخارج فقط، بل امتدت داخليًا حيث تتشابك المصالح والأجندات للفصائل العسكرية التي أسستها أطراف مختلفة، وأخرى تعمل كأذرع لدول مثل تركيا، التي أسست مجموعات كان هدفها الأساسي مواجهة وجود الشعب الكردي، خارج حدود تركيا،…

روني آل خليل   إن الواقع السوري المعقد الذي أفرزته سنوات الحرب والصراعات الداخلية أظهر بشكل جلي أن هناك إشكاليات بنيوية عميقة في التركيبة الاجتماعية والسياسية للبلاد. سوريا ليست مجرد دولة ذات حدود جغرافية مرسومة؛ بل هي نسيج متشابك من الهويات القومية والدينية والطائفية. هذا التنوع الذي كان يُفترض أن يكون مصدر قوة، تحوّل للأسف إلى وقود للصراع بسبب…

خالد حسو الواقع الجميل الذي نفتخر به جميعًا هو أن سوريا تشكّلت وتطوّرت عبر تاريخها بأيدٍ مشتركة ومساهمات متنوعة، لتصبح أشبه ببستان يزدهر بألوانه وأريجه. هذه الأرض جمعت الكرد والعرب والدروز والعلويين والإسماعيليين والمسيحيين والأيزيديين والآشوريين والسريان وغيرهم، ليبنوا معًا وطنًا غنيًا بتنوعه الثقافي والديني والإنساني. الحفاظ على هذا الإرث يتطلب من العقلاء والأوفياء تعزيز المساواة الحقيقية وصون كرامة…

إلى أبناء شعبنا الكُردي وجميع السوريين الأحرار، والقوى الوطنية والديمقراطية في الداخل والخارج، من منطلق مسؤولياتنا تجاه شعبنا الكُردي، وفي ظل التحولات التي تشهدها سوريا على كافة الأصعدة، نعلن بكل فخر عن تحولنا من إطار المجتمع المدني إلى إطار سياسي تحت اسم “التجمع الوطني لبناء عفرين”. لقد عملنا سابقاً ضمن المجتمع المدني لدعم صمود أهلنا في وجه المعاناة الإنسانية والاجتماعية…