خالد إبراهيم
حقيقة الأمر، والمعيب المخزي أنكَ تُعارك أو أن هناك مَن وقف ضدّك بمجرّد أنكَ تركته بعد غياب وقمع كلّ الوسائل التي كنتَ تتشبّث بها، لا لشيء وإنما لمحاربة الفساد وقتل الروح الإقصائية وخزق العين التي لا تراكَ سوى من الأسفل.
إن التجرّد من الإنسانية وغَمض العين لإرضاء رجالات الفساد الحزبوي، ومن أجل استغلال المال السياسي بات من سِمات الكثيرين، ممّن كانوا يتغنّون بوحدة الصفّ القومي الكوردي، ولكن فاحت الروائح، ولم يعد بالإمكان الاختباء وراء الأصابع عنوةً.
إن الطوَق الحزبي، والذي لا زال يرتديه البعض كطوق العشيرة، وكأنهم بمسعى لتحرير الأراضي من المشرق إلى المغرب، فمن البديهي أن النفَس المأجور والبوق التعيس والذي يعلم حقيقة أمره أنه غير مرغوب فيه بين صفوف حزبه الفاسد سلفاً.
كنّا حزبيين، وكلنا نادينا باسم القضية ومن أجل الحوار، أردنا وما زال يريدون الحوار مع حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي حوّل كوباني إلى متحف، والذي سرق النساء والفتيات إلى ساحات المعارك، لتحرير المدن العربية، التي تستعدّ اليوم للمشاركة في اجتياح شرقي الفرات، وهجّر أهلنا، وأغلق مكاتبنا، وهدموها فوق رؤوسنا، وأحرقوا علم كوردستان مرّاتٍ عدّة، ولا زالوا يجذعون الأنوف ويصلمون الآذان، ويبترون الألسن، وآخرها محرقة عفرين، وما زالت النخبة الحزبية تتغابى على الشعب إعلامياً وميدانياً، وتلعب على وتر الضدّ، والسعي دائماً إلى زرع المستقبل المخفي وإنارة العتمة بأعين عامة الناس، كما تتطلب حاجتهم الحزبوية الضيقة المقيتة.
إن الهجوم اللا سياسي ضدّ مشروع “بزاف”، والذي يُبيّن ماهية أهدافه، حيث كنا نحن الحزبيون نتحاور فيما بيننا سابقاً أنه لا بدّ من تعديل البنية التنظيمية للمجلس الوطني الكوردي، الذي يتعرّى يوماً بعد يوم، ولا سيما كنا على قناعة تامة ومتفقين أن هناك تخمة فاسدة مسيطرة على كلّ مفاصله أتصبر مذهولاً اليوم لما أراه منشوراً على صفحاتهم اليومية، وكأن مشروع بزاف هو مَن حوّل كوباني إلى متحف، وهو مَن أهدى عفرين للفصائل الإسلامية المتطرّفة والائتلاف السوري المعارض والأتراك على طبق من فضّة، للسرقة والبطش والتنكيل.. وحتى النكح.
يريدون الحوار والرجوع إلى قرارات هولير حتى اتفاقية دهوك، ولأجل تقاسم السلطة مع حزب الاتحاد الديمقراطي وليس إلا، وبإمكانهم الجلوس في البارات والمطاعم مع أذناب النظام الأسدي وأمام أعين الناس، وربما يستطيعون ترك أنصارهم ببثّ روح الوطنية المزيفة، والتهجم على مَن كان يوماً يقف معهم ضد بطش حزب العمال الكوردستاني.
مشروع بزاف سينهض، وبكل قوة، ولأنه رغبة الآلاف الذين لم يروا أيّ خطوة إيجابية وميدانية، ولا ننكر وجود بعض القيادات التي لا زالت محافظة على ماء وجها بصمودها المخجل بعض الشيء، ولكنهم أفضل من هؤلاء الذين يشكلون بالفعل خطراً كبيراً على خصوصية الكورد في غربي كوردستان، والراكعون والمذلولون في دول الجوار رافعين أصابعاً من رماد، فجميل أن تكون حزبياً فاعلاً في حزب يحترم أعضاءه وأهدافه ومبادئه ونهجه وقضيته، ومن العار أن تقبل العيش والبوط الحزبي يعلو رأسكَ.
إن مشروع بزاف، والذي يضمّ النخب الشبابية المثقفة ومنظمات المجتمع المدني ليس بديلاً للمجلس الكوردي وإنما لإنعاشه والنهوض نحو رؤية كوردية واضحة، وكما تتطلبه الساحة السياسة عموماً، والسعي لإقرار مؤتمر وطني كوردي سوري، فالشارع الكوردي لم يعد يقبل بأداء المجلس بهذا الشكل، ومن الضروري لمَن يرى نفسه فاعلاً ومقتنعاً أن هناك تخمة فاسدة ويعملون لأجل مصالحهم الشخصية، عليه الوقوف بوجه هذا التيار الفاسد، الذي دمّر الفرصة التاريخية التي أتيحت للكورد.