رئيس العراق الفيدرالي

فرمز حسين
كردياً كثر الحديث مؤخراً في عموم أجزاء كردستان وكذلك في دول  الشتات حول انتخاب السيد برهم صالح رئيساً للعراق ليساهم في توسيع الفجوة في الشرخ القائم أساساً في الشارع الكردي . صالح صرح في أكثر من مناسبة بأن الحديث  عن رسم الحدود بالدم لا يعتبر خطاباً عقلانياً بالاشارة إلى مقولة منسوبة إلى السيد مسعود البارزاني و أنه أي صالح من الساسة  الذين يدعون إلى حكم رشيد دون صبغات قومية يؤمن للعراقيين رفاهية العيش و يوفر لهم مستلزمات الحياة الكريمة من سكن , تعليم, رعاية صحية و فرص عمل متكافئة و ذلك بغض النظر عن مكان تواجدهم  في دهوك , السليمانية, بغداد, السماوة أو في البصرة..
نظرياً لا يشكل ذلك كله خطأً و لا عيب فيه بل هو مبتغى كل مواطن في كل بقعة من هذ العالم كما أنه لا بد من الاعتراف  
بأن الحديث عن الخاصية الاثنية في البلدان التي تسودها العدالة الاجتماعية و حقوق المواطنة المتساوية يدخل في إطار التعصب القومي و على سبيل المثال في السويد ننظر نحن المهاجرين إلى الحزب  الديمقراطي السويدي على أنه حزب عنصري لأنه ينادي بالحفاظ على الهوية الاثنية للسويد و السويديين ويطالب بسياسات من شانها تشديد قوانين الهجرة ومعظمنا  ينظر بازدراء إلى أحد الجيران إذا رفع العلم السويدي على باب داره او وضعها على صدره دون مناسبة وطنية خاصة و  نؤيد الأحزاب الأخرى التي تنادي بحقوق المواطنة المتساوية بغض النظر عن العرق أو الدين أو اللون و لذلك لا يعقل أن نفعل هذا في بلد أجنبي فيما  نحن نتحول إلى أشد الناس عنصرية حين يتعلق الأمر بقوميتنا الأصلية و بالطبع أقل ما يمكن ان يقال عن ذلك بأنها ازدواجية المواقف و الكيل بمكيالين….
 لكن في الوقت نفسه فان ترف الحديث عن رفاهية المعيشة التي يتخندق خلفها صالح سابق لأوانه فالقضية العراقية  أكبر بكثير من محاولة اختزالها في اطار تحسين المستوى المعيشي للمواطنين فكلنا يعلم  بأن الداخل العراقي داخل ممزق يعاني من الصراع المذهبي و الاثني منذ عقود طويلة  و هو ميراث ثقيل خلفه نظام صدام الدموي الذي حاول تسوية الصراع بالحديد و النار و شن حروب تهجير وابادة على الكرد و الشيعة  لكن الافلات من بين براثن نظام صدام حسين الاستبدادي لم يؤدي إلى استقلال العراقيين و أيضاً بسبب الصراع المذكور نفسه و وقع العراق بكل اثنياته و طوائفه  هذه المرة تحت وطأة التأثير المباشر لدول الجوار و التي لها مصالح حيوية في العراق و المنطقة و بالدرجة الأولى نظام  ايران المذهبي حيث يسيطر اليوم على قرارات جميع الفصائل السياسية الشيعية في العراق و حتى على الفصيل الكردي الذي ينتمي إليه صالح نفسه , كما تأتي تركيا بالدرجة الثانية و التي تراقب التطورات عن كثب في العراق و تتدخل بين الحين و الآخر عسكرياً اذا تطلب الأمر ذلك متذرعة تارة بحماية مصالح الأقلية التركمانية و تارة أخرى بوجود مقاتلي العمال الكردستاني في سنجار و في  جبال قنديل  المحاذية لحدودها….
 المحيط الإقليمي الذي يعيش فيه صالح في واد و خطابه في واد آخر, هذا لو كان خطابه نابعاً من الصميم و ليس لكسب أكثر الأصوات الممكنة لنيل منصب الرئاسة و هذا ما يتم استنتاجه من خلال انشقاقه عن الاتحاد الوطني و تأسيسه لحزب خاص به ثم العودة إلى الاتحاد ضمن صفقة بائنة هو منصباً شرفياً له و نصرا مؤزراً للاتحاد الوطني على البارتي.. 
قبل الحديث عن الحكم الرشيد و العيش الرغيد يجب ان يصبح العراقيون أصحاب القرار في بلدهم ثم يتجاوزوا حدود الصراع المذهبي و الاثني. .
لقد كان من المعقول اعتبار انتخاب السيد برهم صالح رئيساً للعراق الفيدرالي خطوة في طريق استقرار العراق وازدهاره لو كان بمنأى عن التأثير الاقليمي الذي يدفع بالشراع إلى اتجاه معاكس و يساهم في ترسيخ سلوك تبعية العراق للهيمنة الإيرانية.
ستوكهولم
2018-10-07
Farmaz_hussein@hotmail.com
Twitter.com/FarmazHussein
Stockholm-sham@blogspot.com

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…