لماذا تم اختيار برهم صالح رئيسا لجمهورية العراق؟

 جواد كاظم ملكشاهي
اختيار برهم صالح رئيسا لجمهورية العراق لم يأتي اعتباطا او بصفقات الاسبوعين الاخيرين قبل انتخابه، بل تم التخطيط له مسبقا من قبل طهران وبمباركة امريكية باعتباره شخصية انتهازية وصولية ومستعد لعقد اية صفقات سياسية لتامين مصالحه الشخصية كما حدث في عودته لصفوف الاتحاد الوطني. 
عودة برهم صالح الى صفوف الاتحاد كقيادي كان غامضا ومتسارعا وبعيدا عن  الاعراف والبروتوكولات السياسية والسياقات الحزبية باعتباره قدم استقالته بشكل رسمي وشكل حزبا سياسيا وعودته الى الاتحاد كان ينبغي ان يكون من خلال قرار المؤتمر العام للحزب وان عاد باي شكل من الاشكال كان ينبغي ان يعود كعضو اعتيادي وليس قياديا ويرشح مباشرة لتسنم منصبا سياديا رفيعا كمنصب رئاسة الجمهورية.
 لكن الضغوطات الايرانية على جناح العراق الموحد في داخل قيادة الاتحاد الوطني جعلت عودة صالح سلسة ومرنة ومن دون الاكتراث لمن يرضى ولم يرضى رغم المعارضة الشديدة من قبل الجناح القومي في قيادة الاتحاد، وترشيحه لمنصب رئاسة الجمهورية لم يقل مفاجئة عن عودته الى صفوف الاتحاد الوطني حيث تم ترشيحه في اجتماع متسرع من قبل مجموعة 16 اكتوبر والموالين لهم في قيادة الحزب.
الان الفصل الاول من المسرحية تم انجازها بحرفية من قبل قاسم سليماني وفريق عمله الذي كان له الدور الكبير في ادارة عملية انتخاب رئيس الجمهورية بدعم من القوى العربية الشيعية والسنية الموالية لطهران واصبح صالح امرا واقعا لمرحلة السنوات الاربع المقبلة من تاريخ العراق السياسي والذي سنشهد من خلاله احداثا ربما لم نشهدها من قبل كورديا وعراقيا.
بتصوري طهران دعمت برهم صالح من اجل اهداف ستراتيجة للسنوات الاربع المقبلة مع السير بموازاة المصالح الامريكية في العراق، كي لاتقف واشنطن عائقا امام تنفيذ مخططها في العراق وضمان مصالحها في المنطقة وبالاخص في سوريا والعراق ومنطقة الخليج وستعمل طهران بحرية اكثر في العراق وبعلم السفارة الامريكية في بغداد وقواعدها في المنطقة لحين تجتاز مرحلة الحصار وتداعياته الخطيرة والسيطرة على المعارضة الجماهيرية الكيبرة في الداخل الايراني.
الاهداف الايرانية في دعم صالح لتسنم منصب رئاسة الجمهورية على المستويين المحلي والدولي هي كالاتي:
على المستوى المحلي:
1- التعاون الوثيق مع القوى العربية الشيعية والسنية الموالية لأيران من اجل بقاء الهيمنة الايرانية على الاوضاع العامة في العراق و زيادة حدة الضغوطات على حكومة اقليم كوردستان بغية ارباك الاوضاع الاقتصادية والمعيشية في الاقليم ومحاولة ضرب القاعدة الجماهيرية للحزب الديمقراطي الكوردستاني الذي سيتولى رئاسة الحكومة المقبلة والتي ازدادت شعبيته بالنظر لنتائج انتخابات مجلس النواب العراقي وبرلمان كوردستان.
2- سيعمل صالح على تشديد الخلافات بين جناحي العراق الموحد والقومي في داخل قيادة الاتحاد الوطني والسعي من اجل اضعاف هيمنة عائلة الطالباني على الحزب ليكون هو اللاعب الاساسي في الحزب في المرحلة المقبلة وعاملا مساعدا لتنفيذ المخطط الايراني في اقليم كوردستان خاصة اذا عرفنا ان كوسرت رسول لايمكنه الاستمرار في قيادة الاتحاد بسبب مرضه وفقدان قوته الجسمانية.
3- ضرب الجناح القومي في داخل قيادة الاتحاد الذي يسير بموازاة نهج البارتي نحو تقرير المصير والاستقلال وهذا هو الهاجس الرئيس لطهران في المرحلة المقبلة وستسعى الى ضربه بجميع السبل.
4- تشديد الضغوط على القوى السياسية الكوردية في شرق كوردستان والتي تتخذ من اقليم كوردستان ملاذا لها وتكبيلها لضمان امن الحدود الايرانية واستقرار الاوضاع في داخل المحافظات والمدن الكوردية في ايران.
 
وعلى المستوى الدولي:
1- فرض الاملاءات على رئيس الجمهورية الجديد برهم صالح وارغامه على العمل سوية مع حلفائها الاساسيين كفريق واحد لتسهيل عمل ديناميكية الهلال الايراني من الخليج الى سوريا ولبنان، خاصة اذا علمنا ان الازمة السورية في طريقها للحل بطريقة واخرى بحسب توزيع مناطق النفوذ بين واشنطن وموسكو وحلفائهما.
 
2- حفاظ برهم صالح على توازن التواجد الايراني الامريكي في العراق ، باعتباره شخصية مقبولة الى حد ما من واشنطن بحكم علاقاته مع بعض مراكز القرار فيها.
 
3- سيسعى صالح الى حلحلة جزء من الازمة في الخلافات الامريكية الايرانية من خلال علاقاته بقيادات الدولتين بتخفيف وطأة الحصار والعزلة الامريكية على طهران وامتصاص النقمة الجماهيرية على الحكومة الايرانية نتيجة للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الاساسية جراء سقوط العملة الايرانية امام الدولار الامريكية.
4- محاولة صالح لأيجاد نوع من التقارب الايراني السعودي والخليجي بشكل عام في العراق على غرار التقارب الامريكي الايراني، استكمالا لبناء منظومة المصالح المشتركة لواشنطن وطهران في العراق والمنطقة ومن ثم كبح جماح القوى الموالية لأيران في اليمن والبحرين والتي تهدد امن واستقرارالمنطقة.
————– 
موقع كتابات

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…